الأخبار المحلية

“فلكية جدة”: “دمعة سوداء” في سماء السعودية بعد غد.. “عبور القرن الأطول”

قالت الجمعية الفلكية بجدة إن سماء السعودية والمنطقة العربية تشهد، بعد غد الاثنين، ظاهرة نادرة؛ حيث يعبر كوكب عطارد أمام قرص الشمس، في ظاهرة غير مشاهدة بالعين المجردة ترصد “تأثير الدمعة السوداء”.

وأوضح رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبوزاهرة أن الظاهرة على مستوى الكرة الأرضية سوف تستغرق سبع ساعات ونصف الساعة، وبذلك سيكون هذا العبور لعطارد الأطول خلال القرن الحالي بعد عبور مايو 1970م، مشيراً إلى أن مراحل العبور مشاهدة بالكامل من البداية إلى النهاية من النصف الشرقي لأمريكا الشمالية ومعظم أمريكا الجنوبية وجرينلاند وآيسلندا وأقصى غرب إفريقيا، وغرب وشمال أوروبا، بالإضافة إلى القارة القطبية الشمالية.

وأضاف: “في حين أننا في السعودية ومساحة واسعة من الوطن العربي سوف ترصد بداية الظاهرة وذروتها العظمى، على أن الشمس ستغيب وعطارد يعبر أمامها، باستثناء المغرب وموريتانيا والأجزاء الغربية من الجزائر؛ حيث ستشاهد كامل مراحل الظاهرة”.

وبيّن: “بحسب توقيت مكة ستبدأ ظاهرة عبور كوكب عطارد بمرحلة الاتصال الأول عند الساعة 2:11:31 بعد الظهر عندها يكون قرص عطارد متصلاً ظاهرياً بالحافة الخارجية لشمال قرص الشمس بالنسبة للراصد، وبعد فترة قصيرة من الاتصال الأول يمكن رؤية عطارد كنقطة سوداء صغيرة على حافة قرص الشمس”.

واستطرد: “وبعد ذلك يشاهد كامل قرص عطارد أمام الشمس، عند الاتصال الثاني عند الساعة 2:14:42 بعد الظهر مع ملاحظة وجود فارق بضع ثوانٍ ما بين منطقة وأخرى عندها ترصد ظاهرة “تأثير الدمعة السوداء”، ففي ذلك الوقت يبدو وكأن قرص عطارد متصل مع قرص الشمس من خلال ما يشبه مجرى صغيراً، وهو نوع من الخداع البصري وليس حقيقياً، وهذه الظاهرة تجعل من الصعب قياس وقت الاتصال بشكل دقيق، وعندما يختفي ذلك المجرى ويصبح عطارد بالكامل محاطاً بقرص الشمس، هذه علامة للحظة الاتصال الحقيقي الثاني.

وزاد: “تسمى مرحلتا الاتصال الأول والثاني مرحلة “الدخول”، وخلال بضع ساعات تالية يُرصد عطارد يتحرك ببطء أمام قرص الشمس، ويصل عبور عطارد ذروته العظمى عند الساعة 5:57:25 عصراً، عندما يكون الكوكب في أقرب نقطة من مركز الشمس، وهذه هي المراحل التي سوف تكون مشاهدة في سماء السعودية وأجزاء واسعة من الوطن العربي، على أن تغرب الشمس وعطارد أمامها”.

واستدرك: “لكن على مستوى الكرة الأرضية ستستمر الظاهرة إلى أن يحدث الاتصال الثالث عند الساعة 9:39:14 مساء، حيث تلامس ظاهرياً حافة عطارد الحافة الداخلية لقرص الشمس، ويتكرر من جديد ظاهرة تأثير الدمعة السوداء، وأخيراً ينتهي العبور بحصول الاتصال الرابع عند الساعة 9:42:26 مساءً، عندما يكون قرص عطارد يلامس ظاهرياً الحافة الخارجية لقرص الشمس؛ حيث إن الاتصال الثاني والرابع يطلق عليهما مرحلة “الخروج”.

وتابع: “يمكن رصد ظاهرة عبور عطارد من خلال التلسكوبات المزودة بفلتر ضوئي أو من خلال تلسكوب شمسي أو إسقاط صورة الشمس على ورقة بيضاء؛ حيث سيظهر كوكب عطارد كنقطة سوداء صغيرة تتحرك أمام قرص الشمس؛ ونظراً لأن الحجم الظاهري لعطارد صغير جداً وبعيد عن الأرض، فهناك حاجة لاستخدام تلسكوب بقوة تكبير 100 لرصد هذا الحدث، ويجب عدم البقاء لفترة طويلة تحت أشعة شمس الصيف؛ لعدم التعرض لضربة الشمس، ويجب عدم إبقاء أجهزة الرصد لفترة طويلة في مواجهة الشمس؛ حتى لا تتعرض للتلف أو الضرر”.

وأوضح: “ظاهرة العبور تحدث فقط للكواكب التي تدور حول الشمس داخل مدار الأرض، وهما عطارد والزهرة، كلما عبرا أمام الشمس كما يشاهد من الأرض، ولو كان مدار عطارد على نفس مستوى مدار الأرض كان سيحدث من 3 إلى 4 مرات عبور في كل عام؛ إلا أن مستوى مدار عطارد يميل بمقدار 7 درجات بالنسبة لمستوى مدار الأرض حول الشمس، وهذا يعني أنه عندما يتحرك عطارد بين الشمس والأرض في الاقتران الداخلي كل أربعة أشهر تقريباً يعبر عطارد شمال أو جنوب قرص الشمس بالنسبة لنا على الأرض، لذلك فإن ظاهرة عبور عطارد نادرة؛ فهي تحدث فقط 13 إلى 14 مرة كل 100 سنة”.

وأكمل: “يدور عطارد حول الشمس في مداره الصغير مرة كل 88 يوماً أرضياً، وخلال هذه المدة يتحرك شمال مستوى مدار الأرض لنحو نصف مداره، وإلى جنوب مدار الأرض خلال النصف الآخر، ومرتين يقوم عطارد بقطع مستوى مدار الأرض عند نقاط تسمى “العقدتان”، فعندما يتحرك عطارد من الشمال إلى الجنوب في مداره تسمى “العقدة الهابطة”، وعندما يتحرك عطارد من الجنوب إلى الشمال تسمى “العقدة الصاعدة”.

وأردف: “كلما عبر عطارد عقدة قريبة من الاقتران الداخلي يحدث بشكل مؤكد عبور مشاهد من الأرض، وفي عبور 9 مايو 2016 سيقطع عطارد العقدة الهابطة منطلقاً من الشمال إلى الجنوب في نفس الوقت الذي يعبر فيه بين الأرض والشمس عند الاقتران الداخلي، وبشكل عام عبور كوكب عطارد في العقدة الهابطة يحدث فقط خلال النصف الأول من مايو، ومرات عبور العقدة الصاعدة تحدث في النصف الأول من نوفمبر، وفي الأوقات الأخرى من العام عندما يكون في الاقتران الداخلي سوف يتحرك أمام شمال أو جنوب قرص الشمس”.

وبيّن: “أولى مرات عبور عطار في القرن الحادي والعشرين حدثت في 7 مايو 2003 تبعه في 8 نوفمبر 2006 وسوف يتكرر من جديد بعد العام 2016 في 11 نوفمبر 2019 والذي يليه في 13 نوفمبر 2032، وإلى جانب عطارد يمكن رؤية ظواهر أخرى مثل الشواظ الشمسي الذي يشبه اللهب، وهو يندفع من على سطح الشمس نحو الفضاء أو رؤية البقع الشمسية”.

وكشف أن ظاهرة العبور استخدمت قديماً في تحديد المسافة بين الأرض والشمس، ولكن في وقتنا الحاضر، ومع تطور العلم والتكنولوجيا أصبح يستخدم الرادار في تحديد المسافة بين الأرض والشمس بشكل أكثر دقة مقارنة باستخدام أرصاد العبور، ولكن عبور عطارد يبقى مهماً؛ لأنه يقدّم فرصة لإجراء قياسات لفهم أفضل حول “الأكسوسفير”، وهو عبارة عن غلاف جوي رقيق جداً من الغازات يحيط بعطارد؛ لمعرفة مكوناته وكثافة غازاته، وهذا ممكن أثناء ظاهرة العبور، فالصوديوم في “الإكسوسفير” يمتص ويعيد إصدار اللون الأصفر البرتقالي من ضوء الشمس، وبقياس ذلك الامتصاص يمكن معرفة المزيد حول كثافة الغاز هناك.

وحذر “أبوزهرة” من النظر بشكل مباشر إلى قرص الشمس بواسطة المنظار أو التلسكوب بدون وجود فلتر مخصص للشمس، ووجوبية عدم استخدام وسائل غير آمنة مثل أوراق الأشعة الطبية أو الزجاج المدخن؛ لأنها لا تمنع الأشعة فوق البنفسجية الخطيرة القادمة من الشمس من الوصول إلى العين، بالإضافة إلى أن هذه الطرق ليست مفيدة مطلقاً في رصد ظاهرة العبور؛ لأن حجم عطارد صغير جداً، ويحتاج لتلسكوبات بقوة تكبير مناسبة.
..