الأخبار السياسية والدولية

الملالي والمقامرة الفاشلة للتهييج بالحج .. “دعاء كميل” و”الـبراءة” على طريقة “الخميني”

كان رفض رئيس منظمة الحج والزيارة الإيرانية؛ سعيد أوحدي، التوقيع على محضر اتفاقية البعثة الإيرانية للحج ضمن الاتفاقيات التي يتم ترتيبها مع بعثات الحج في (73) دولة تنظيمية، بمنزلة الخروج عن جموع الأمة وسلامتها بهدف التهييج والحشد؛ حيث تهدف هذه الاتفاقيات في المقام الأول، إلى سلامة الحجاج وضمان حقوقهم، كما تهدف إلى تحقيق المعنى الشمولي التعبّدي من الحج وهو النأي بالحج ومراسمه عن الاختطاف السياسي الذي يُعكّر صفو أجواء النسك والعبادة، كما يتضمن البنود الإدارية والإجرائية.

حشد وتهييج

برّر المبعوث الإيراني، أسباب الامتناع عن التوقيع على الاتفاقية، بإصراره على تنفيذ طقوس خاصّة خرجت من إطارها التعبّدي المذهبي إلى الإطار السياسي الذي يهدف إلى الحشد والتهييج والإضرار بسلامة كل الحجاج، ومن واجب السعودية منع أيّ أسباب تؤذي الحجاج وتحرّف الحج عن معانيه السامية، إلى تجمهرات وممارسات سياسية لا علاقة لها بالعبادة أياً كان المنحى المذهبي، فكما يُمنع السُّنّة عن تجمهرات وشعارات سياسية كذلك يُمنع الشيعة، ولو تُرِك المجال عائماً لتحوّل الحج إلى منافسات سياسية، فلا مظهر في الحج يعلو على مظاهر الوحدة والتسامح والعبادة.

مراسم البراءة

ووفق موقع “حملة السكينة”، فمن المظاهر التي أصرّ الجانب الإيراني على تحقيقها ما يُسمّى بمراسم “البراءة”، وهي مراسم أطلقها “الخميني”، وهو شعار ألزم به المرشد الإيراني الراحل حجاج بيت الله الحرام برفعه وترديده في مواسم الحج، من خلال مسيرات أو مظاهرات تتبرّأ من المشركين – وفقاً لإعلانهم – من خلال ترديد هتافات بهذا ؛ باعتبار أن الحج يجب أن يتحول من مجرد فريضة دينية عبادية تقليدية إلى فريضة سياسية.

انحراف منهجي

وهذا التصوّر انحرافٌ منهجي عن معاني الحج، إضافة إلى فوضوية وعبثية التطبيق، حتى أطياف الشيعة يرفضون هذا النمط “البدعي”، ويعتبرونه اختراعاً من المرشد الخميني لأهداف سياسية مُتغيّرة، فجعله ركناً من أركان الحج مخالفاً كل مذاهب الحجاج، وفيه تكلّف وتشدد؛ بل تطرّف في الفكرة والتطبيق، كما أن مرجعيات السُّنّة بيّنوا وفق أصول الشريعة مخالفة هذا المسلك للفقه الإسلامي.

دعاء كميل

ومثل مظاهرات ومسيرات إعلان البراءة ما يُسمّى “دعاء كميل”، وهو وِرد أو دعاء منسوب لكميل بن زياد النخعي – رحمه الله – ويدّعون أنه علّمه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – إيّاه، فواظب عليه بعض الشيعة، خاصّةً في ليالي الجمعة، وكذا في ليلة النصف من شعبان (كما ذكر: الطوسي في: مصباح المتهجّد، والسيّد ابن طاووس في: الإقبال، والكفعمي في: البلد الأمين).

الإخلال بالأمن

وبعيدا عن تحرير صحّة هذا الدعاء وصحّة تخصيصه في ليالٍ محدّدة؛ كونه يخرج من إطار الممارسة الخاصّة التعبّدية إلى إطار الإخلال بالأمن من خلال التجمهر وعرقلة سير الحجاج؛ إضافة إلى الخروج من النصّ والمظهر الأصلي والدخول في مظهر سياسي وهتافات وشعارات أصبحت تشكّل خطراً ومضرّة وشذوذاً عن عامّة المسلمين في الحج باختلاف مذاهبهم.

نشرة زائر

يضاف إلى هذه المظاهر التي طلبتها منظمة الحج والزيارة الإيرانية، ما يُسمّى “نشرة زائر”، وهي مجلة تحليلية إخبارية لبعثة قائد الثورة الإسلامية للمرشد الخامنئي للحج بعنوان “زائر”، وتوزع هذه المجلة بين وفود الحجاج الإيرانيين.

مصلحة الحجاج

هذا المنشط كذلك حينما كان في إطاره المنطقي والخاص كان مسموحاً بالنشرة؛ لكن عندما خرج عن ذلك وأصبح يتضمن ما يضرّ بمصلحة عموم الحجاج كان لابد من حمايتهم وحماية الحجاج الإيرانيين كذلك، فمن شرّفه الله بالحج علم يقيناً أن المساحة التعبّدية لممارساته المذهبية فيها حريّة ما دامت في إطار عدم الإضرار بسلامته وسلامة الحجاج وعدم الخروج من المعنى العبادي إلى المعنى السياسي أو الخُرافي الذي اتفق المسلمون على نبذه.

..