الشيخ سليمان أبا الخيل يذكر بعض مآثر الفقيد الشيخ مبارك السبيتان
ذكر الشيخ سليمان بن علي أبا الخيل قاضي دائرة الأوقاف والوصايا في الرياض لمحة من حياة الفقيد الشيخ مبارك بن حمدان رحمه الله
وقال: الحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً ، اللهم أنا نسألك الرضا بعد القضاء اللهم أقسم لنا من اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا وبعد ..
ففي يوم الإثنين الموافق ٢٥ / ١٢ ١٤٣٧ هــ فُجِعَت القلوب بوفاة الرجل الصالح والشيخ المبارك مبارك بن حمدان السبيتان الشراري ، تغمده الله بواسع رحمته وجعل قبره روضة من رياض الجنان ، وأحسن عزاء أهله وذويه ومحبيه بفقده ورحيله ، وإنّا نُشهِدُ الله على محبته فيه ونسأل المولى أن يجمعني به وإخواننا في الفردوس الأعلى من الجنة .
عرفت الفقيد منذُ سبعة عشر عاماً في علاقة وثيقة وأخوُّة صافية لم تكدرها أكدار الحياة ، وما أراه إلا من صفوة الرجال في ديانته وصلاحه وتعبده ، وفي توقد نشاطه وتجدد همته في الدعوة والتعليم والخير والصلح ، وفي اتزانه ورجاحة عقله وحكمته ، وفي حبه ونُصحِه ، وفي دماثة أخلاقه وسماحة نفسه، وفي عفويته وتواضعه وعدم تكلفه ، وفي شهامته وطيب معدنه ، وفي جوده وكرمه ، وفي وفائه وحفظ الود لأصحابه ، وفي بذله ونفع إخوانه والوقوف معهم ، وفي محبة الخير للناس والفرح لهم بما يسرهم ، وفي صفاء نفسه وسلامة قلبه .
وقد كان محل القبول والتأثير والحب والتقدير ممن عرفه ، فضلاً عمن صحبه .
ولو نطقت سنواته في الشؤون الدينية بحرس الحدود لقالت قولاً عجباً من أخباره وطيب سيرته ، ولو تحدثت أعماله في المكتب التعاوني للدعوة بالقريات لكان حديثها من أبرك الأحاديث وأطيبها وأنهضها للعزائم وأشحذها للهمم ، ولو تكلمت بصماته في جمعية البر بالقريات لكانت من أبلغ البصمات وأطيبها وأنفعها ، ولو حكى جامعة بطبرجل وعمله الخيري بها في ختام حياته لكان حكاية تتوقف لها كثير من الحكايات احتراماً وتقديراً ، ولو كان ليله ونهاره كتاباً يُقرأ أو رواية تروى لكان من أحسن كتب التراجم والسير وأجودها ومن ألطف الروايات وأعذبها في زماننا ، فرحمة الله عليه وجعله في عليين .
وإن ختام حياته بما عهدناه وعرفناه عن الشيخ الفقيد وما كان عليه من الخير وثباته عليه حتى الممات لهي من البشائر التي نرجوها لفقيدنا ، وإن في الجموع التي شهدت جنازته رحمه الله- ومن مسافات متباعدة بنفوس مفجوعة ووفود متأثرة ، لهي حكاية معبرة عن قلوب أحبته وأرواح ألفته، وخبر صادق يروي لنا معنى القبول في الأرض الذي ينزله الله لبعض عباده المذكور في الحديث إذا أحب الله عبداً .. وفي آخره ثم يوضع له القبول في الأرض .
ولإن ودعنا فقيدنا وفقدته تلك الديار التي قضى حياته بها من القريات ثم طبرجل بعدها ثم رحل عنها وودع أهلها وانقطع عمله فيها فإن الأمل أن لا تنقطع الصلة لفقيدنا بكل ما ينفعه بعد مماته بالإهداء المشروع من ولده ومحبيه وإخوانه الأوفياء ، ولإن غاب عن أعيننا في هذه الحياة وغادر دنيانا فإنه اليوم بحاجة لنا أن لا يغيب عن قلوبنا ولا ننساه من ذكره بأحسن الذكر وأحسن الدعاء وأحسن الوفاء والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً ، اللهم إن عبدك مبارك ممن كان يكرم عبادك ويحسن إليهم اللهم فأحسن وفادته وأكرم نزله ووسع مدخله ، اللهم ارفع درجته في المهتدين ؛ واخلفه في عقبه في الغابرين ، واجعل كتابه في عليين ، واغفر لنا وله يا رب العالمين ، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتننا بعده .
ا