الأخبار المحلية

في حوار ثقافي نادر.. عن الثقافة وخفايا الإمارة ورفقة الملك: لأول مرة.. عبدالله البليهد يكشف للثقافية ذكريات 40 عاماً

وكيل إمارة الرياض السابق ومستشار خادم الحرمين الشريفين معالي الأستاذ عبدالله بن محمد البليهد في هذا الحوار الذي خص به «الجزيرة» يدفق الروح الوطنية بين مسارب الحروف، ويترنم ببلابلها مومضًا الفنارات.. رحلة لأكثر من أربعة عقود.. استنام القرب واستطابه بجوار مليكنا سلمان. لا بد أن هناك منعطفات قد استباحت فؤاد ضيفنا العبدالله، واستماحته بالتخضل عبر قسمات النور.

يقول أنيس منصور: «كل شيء عند الأطفال له وزن، له قيمة، له فائدة.. كل شيء مثلهم طفل.. مليان حياة وحماسًا.. كل شيء يتحدث إليهم، ويشغلهم، وينشغل بهم.. إنهم لا يعرفون الملل». تنداح ذواكر الصبا لعبدالله البليهد المهروقة في الأندية الزمكانية، تقتفي آثار خطى الطفولة بتقاسيم البساطة، والممتزجة بملاعب الصبا بجوار بيوتات الطين وزقاقاتها التي تكاد تنحر المسافة لضيقها الخانق، ينسج خيوط الشراكة مع أصلابه في التطواح بين معايشها وأطارحها.

* أيها الشيخ الجليل.. ماذا عن مناسكك البكر وأخصب محطاتها المحفورة في تضاريسك..؟

– ولدت في بلدة الشعراء التابعة لمحافظة الدوادمي. عشت فيها طفولتي، ولا أزال أتذكرها.. بدايات مليئة بالطموح والعزيمة والإصرار.. هكذا هي حياة القرية بمساكنها الطينية المتلاصقة.. نجول فيها نحن الفتيان بين زقاقها ومسالكها الترابية الضيقة. وأول ما قرأت في «الكتاب» على عدد من المقرئين, أولهم عبد الرحمن بن صالح بن جنيدل وحمد بن داغر – رحمهم الله جميعًا -. ثم درست المرحلة الابتدائية, وكان مدير المدرسة الأستاذ عبد العزيز الدوسري، ومن المعلمين الذين خلدوا في ذاكرتي الأستاذ عبد العزيز المرزوق والأستاذ عمر المرزوق – رحمهما الله -.

بعد أن تخرجت من مدرسة الشعراء التحقت بمدرسة «متوسطة الدوادمي»، ومن ثم انتقلت إلى مدرسة «الشاطئ الثانوية» بجدة, وبعد أن تخرجت منها ابتعثت للولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الإدارة العامة، وحصلت على الماجستير, ثم عدت إلى المملكة، وعُيّنت في وزارة المعارف ما يقارب ثلاث سنوات.

في هذه الأثناء طلبني للعمل في إمارة منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وأشار علي وزير المعارف الشيخ حسن بن عبد الله آل الشيخ – رحمه الله – بالموافقة على الانتقال بوصفها فرصة جيدة بالنسبة لي؛ لما يتمتع به سموه من مكانة علمية وعملية رائدة، يفخر بها الجميع للعمل تحت منهاج سموه. انتقلت للإمارة، وبدأت العمل مديرًا عامًّا للإمارة لفترة من الوقت, ثم وكيلاً مساعدًا لفترة أخرى, ثم وكيلاً لإمارة منطقة الرياض إلى أن عُينت مستشارًا خاصًّا في المرتبة الممتازة. كانت مدة خدمتي في إمارة منطقة الرياض نحو 40 سنة قبل أن أتقاعد.

* سنحت لكم المعاينة والمراصدة للمفصليات البنيوية لتطور المدينة ومحافظاتها، كما احتظيت بملازمة الملك سلمان.. أبلج عناقيد الضوء أيها القوي الأمين، وأوبلنا برشائح الإسهاب كشهادة منكم على هذا العصر، ولاسيما وأنت اللزيب والمجايل للعملية النهضوية عقودًا أربعة؟

– العمل مع رجل كالملك سلمان تلقى تعليمه الشرعي على أيدي كبار العلماء والمشايخ، وزادت حصيلته العلمية والثقافية بالاطلاع في شتى جوانب المعرفة، عملٌ ممتع للغاية.

* في البحبوحة السلمانية تتخاصب الإنسانية، وتختم..

– لقد شهدت الرياض طوال تلك الفترة التي كان الملك سلمان أميرًا عليها نموًّا وتطورًا ونهضة متسارعة، فحاكم الرياض في ذلك الوقت – هو أميرها – الملك سلمان – حفظه الله -، مقصد يقصده العالم بأسره، ويقصده سكان المنطقة وأهلها. وقد شهدت مدينة الرياض في عهده معدلات نمو متصاعدة في مختلف القطاعات باعتبارها العاصمة السياسية والتجارية والمالية لبلادنا، وفي مجال التعليم والصحة والأعمال الخيرية.. ولم يقتصر الملك سلمان نفسه على الاهتمام والمتابعة للأعمال الإنسانية في منطقة الرياض، أو في داخل المملكة فحسب، بل كان حريصًا على مد يد العون لكل المسلمين الذين هم بحاجة إلى دعم ومساعدة, إنه رجل العطاء، وأحد أبرز رواد العمل الاجتماعي والمبادرات الإنسانية والخيرية. كما أولى الملك سلمان متابعاته الشخصية لكثير من المشاريع والأعمال حتى أصبحت الرياض قِبلة للعواصم الحضارية، والبعض منا يتذكر كيف كانت رؤيته الثاقبة بعد أن ضاقت جامعة الملك سعود بطلابها، وكيف نراها اليوم مدينة جامعية عملاقة، وكيف كان يبحث بنفسه عن أرض تُخصص لجامعة الإمام حتى أمر بتخصيصها بمكانها على طريق المطار حاليًا.. فالنمو السكاني الكبير، وتزايد الفرص الوظيفية، مما يدعم نمو الطلب على السلع والخدمات.

ولا غرابة حين أظهر ملكنا عشقه للرياض في أحاديثه، ومنها ما قاله قبل ربع قرن: «لا أتخيل نفسي بعيدًا عن مدينة الرياض حتى لو لم أكن موجودًا فيها؛ فالرياض بالنسبة لي الوطن والتاريخ، الماضي والحاضر والمستقبل».

* ماذا عن ملازمة الوفود الزائرة للرياض، وكثيرًا ما كان يسأل عنهم..

كان يكلفني رعاه الله بملازمة الوفود الزائرة للمنطقة من داخل المملكة وخارجها، وكان شديد الحرص على راحتهم، وكثير السؤال عنهم، فيوجهني لمقابلتهم ومصاحبتهم وملازمتهم. سواء من الوفود الرسمية أو من جميع الأفراد والقبائل. كان يعرف جميع المراجعين فردًا فردًا، وكان يعرف أهل الحاضرة من أهل الرياض وغيرهم بأسمائهم, كما كان يعرف القبائل ورؤساءهم, ويقضي لكل طالب حاجة حاجته. كان – حفظه الله – لا يألو جهدًا لحل مشاكل الناس, وكانت توجيهاته لنا دائمًا بأن نسهل أمور الناس، وأن نساعدهم بقدر ما نستطيع. إنه شخصية محورية فذة. نذر نفسه لخدمة الناس. وعاش حياته بينهم بلا حواجز وعقبات. جمع بين حكمة السياسة وصلابة وعزم رجل الدولة ورقة مشاعر الإنسان.

* صاحب أكبر نصيب من صناعة التاريخ الحديث لمنطقة الرياض..

– حتى مراكز منطقة الرياض ومحافظاتها القريبة منها والبعيدة كان يتابع بنفسه مراحل تطورها واحتياجاتها ومتطلباتها، ويجتمع برؤساء المراكز والمحافظين والمواطنين بهذا الشأن، كما كان يزور المحافظات للاطمئنان عليها وعلى مراكزها التابعة لها.

إن الملك سلمان يعد صاحب أكبر نصيب من صناعة التاريخ الحديث لمنطقة الرياض؛ فهو عالم وعاشق متيم لمكنونات تاريخ هذه المنطقة بشكل خاص، وتاريخ المملكة وجغرافيتها بشكل يدفعه العشق الخاص للرياض؛ لتكون مدينة متميزة وعروسًا في وسط الصحراء.

* يقول عساف أبو ثنين عضو مجلس الشورى، وكان مديرًا لمكتب الملك سلمان عندما كان أميرًا للرياض: «اعتاد الملك سلمان أن يقرأ الصحف السعودية قبل خروجه من المنزل صباحًا، وأحيانًا أخرى في السيارة في طريقه إلى المكتب. وكان مبدأ الملك فيما ينشر من نقد أنه إذا كان صادقًا استفدنا منه في تعديل الأخطاء، وإن كان غير صحيح وضحنا الحقيقة». أبا محمد، وبصفتكم وكيلاً لإمارة هذا الملك المثقف الراصد؟

– ما ذكره عضو مجلس الشورى ومدير مكتب الملك سلمان عساف أبو ثنين عن الملك سلمان صحيح؛ فهو رجل متطلع ودائم الاطلاع على الصحف؛ فهو يقرؤها دائمًا من حين قيامه في المنزل حتى يصل المكتب. اعتاد الملك سلمان أن يقرأ الصحف السعودية، كما كانت ترسل له الصحف الكويتية والمصرية واللبنانية؛ وكان ملمًّا بكل الأحداث والقضايا الخليجية والعربية والعالمية أيضًا.

* الملك نهر نهائمه المعرفية متعددة المشارب

– الجميع على دراية تامة بأن الملك قارئ نهم للصحافة، يفند مضامينها ومحتوياتها المحلية والعالمية، سواء كان الجانب منها خدميًّا محليًّا أو سياسيًّا دوليًّا.. يعلم هذا كل من كانت له علاقة بالحراك الصحفي والمشهد العام الثقافي؛ فهو يتصل حين يجد ملاحظة، ويتصل حين تعجبه مقالة أو فكرة، يصحح معلومة تارة، ويثري بالنقاش فكرة تارة أخرى. ومن أشهر المسميات التي يعرف بها الملك سلمان والمتداولة في أوساط الأدباء والمثقفين والصحفيين أنه يلقب بصديق الصحفيين والمثقفين. كما أنه لا يزال لهذا اليوم بعد أن تقلد مقاليد الحكم في البلاد.. إلا أنه لا يزال يتمتع بنفس الشغف والتعاطي مع الإعلام.

* نعم، الملك قال: «أنا رئيس تحرير ما بعد النشر».

– الملك السلماني صاحب العبارة الشهيرة التي عدت ميزان الحرية الملكية والرئاسية للعالم الإعلامي والصحفي «أنا رئيس تحرير ما بعد النشر»، وقوله: «أنا أجل وأحترم كل الصحفيين، وأكن لهم كل الاحترام، وفي الوقت نفسه أشجعهم وألومهم.. إذا أحسنوا شجعت وإن اعتقدت أنهم أساؤوا لمت». وهو القائل عندما سئل عن نظرته عن الإعلام السعودي: «الإعلام شهادتي فيه مجروحة، وأنا دائمًا على اتصال به سواء إيجابًا أو سلبًا». وكثيرًا ما يؤكد ويجسد أن المملكة تتفردن وتمتئز بخصيصتها الدينية؛ فهي المحبوة بالبوصلة الجاذبة لكل المسلمين؛ فحينما خاطب المثقفين السعوديين بالقول: «أعطوني بلادًا يتجه لها المسلمون 5 مرات في اليوم» كانت الرسالة واضحة، وهي على الإعلام السعودي أن ينطلق برسالته أخذًا بعين الاعتبار قداسة أرضه ومحتدها الديني؛ فيكون خير سفير لدينه ووطنه، وأن يقدم أنمذجة حية على حقيقة انعكاسية الرسالة المملكية المنبثقة من صميم الكتاب والسنة؛ فيطلقها حرة عبر الفضاء الإعلامي المترامي ضيفنا العبدالله عربن، لنا عبر هذه الأثيرة بأثرة وإيثار وثراء تثجاج مبرزًا أهم المواقف والمكاتبات التي شحذت وحرضت هذا المسلك في سيرورة هذا الملك الدامخ؟

خلال لقاء الملك سلمان الأول بالمثقفين والإعلاميين السعوديين بعد توليه مقاليد الحكم مع نخبة من المثقفين والإعلاميين السعوديين يوم الأربعاء 28 أكتوبر 2015 حرص الملك على إرساء دعامتين أساسيتين لعلاقة الدولة، وعلاقة الملك الشخصية مع وسائل الإعلام؛ إذ أكد ضرورة أن يكون الإعلام السعودي منسجمًا مع الثوابت الأساسية التي اصطلح عليها المجتمع: «على نهج الكتاب والسنة»، كما أرسى سمة ثانية تقوم على الشفافية والانفتاح، وكان قبل ذلك يؤكد ويشدد خلال أول ملتقى للمثقفين السعوديين عقد في الرياض في 25 مارس 2004 عبر مناقشات مطولة مع رجال الصحافة والثقافة، قوامها مكانة بلادهم وشرعيتها، وكثيرًا ما أكد الملك سلمان بأحاديثه مع المثقفين توطيد أواصر العلاقة بموروثهم الحضاري، وفي الوقت نفسه يحذر من محاولات التزمت والجمود، منوهًا بالخصوصية السعودية القائمة على الدين، التي تحافظ على مكانة البلاد باعتبارها قِبلة المسلمين في العالم. ويؤكد أيضًا أن السعودية تمتاز بخصوصيتها الدينية، مخاطبًا المثقفين السعوديين بالقول: «أعطوني بلادًا يتجه لها المسلمون 5 مرات في اليوم». وهذه أبلغ رسالة إعلامية نتحملها جميعًا للمحافظة على ثوابتنا وقيمنا الدينية والشرعية.

* الملك واكب صحيفة الجزيرة وخصص أرضًا لجامعة الإمام وهيئة الصحفيين..

إنه رجل السياسة والثقافة والتاريخ والأدب.. ولأنه أدرك أهمية دور الإعلام في العملية البنائية والحضارية والتقدمية والتنموية للوطن كان رجل الصحافة والإعلام في كل مراحل حياته. هذا الملك السلماني واكب الصحف منذ بداياتها، مثل صحيفة الجزيرة وصحيفة الرياض، وخصص لهيئة الصحفيين أرضًا في موقع مميز شمال الرياض. ذلك دلالة واضحة على اهتمامه بالحركة الصحفية. إنه يتابع ما يكتب ويدور في الصحافة بحس المواطن أولاً، ثم بقرار المسؤول والقيادي المعتلي رأس الهرم في الدولة.

في إحدى المحاضرات قال الملك سلمان لأحد المعترضين على نقد الصحافة اللاذع إن باب الرد مفتوح للجميع، وإن بإمكان المعرض للنقد أن يكتب ردًّا.

وتصريحه الشهير هذا «أنا رئيس بعد التحرير» إنما هو إشارة منه لمتابعته الدقيقة المتواصلة للصحف بعد صدورها اليومي، ومتابعته الدقيقة لما ينشر فيها، وخصوصًا تلك التي تتناول حياة الناس وشؤونهم اليومية.. هذا الشأن كان شغله الشاغل.

كما أنه ما زالت ذاكرة الوطن تحفظ مقولته: «نحن كدولة ونحن كمسؤولين نرحب بالنقد بل نعتبره شيئًا إيجابيًّا وشيئًا ضروريًّا، فإن كان حقيقة فيستفيد منه المسؤول، وإن كان هناك خطأ أو عدم فهم أو إلمام بالقضية كذلك يستفيد المسؤول منه حتى يبين حقائق موجودة عنده. وهذا أيضًا يخدم الهدف العام، ونحن كمجتمع دولة ومواطنين كلنا مجتمع واحد والحمد لله». وقوله: «أنا شخصيًّا لا أشكو إطلاقًا من الصحافة كشخص، ربما أشكو مرات من المبالغة لكني أقولها بإخلاص مطلوب ممن يكتب أو من ينشر تحقيقًا صحفيًّا أن يتقصى الأمر».

إن الملك السلمان يوم قال: «إننا في دولة نرى فيها يوميًّا – ولله الحمد – التطور والتقدم.. والصحافة جزء من المجتمع السعودي، وتطورها يمثل تطور البلد، وبلادنا تستحق منا جميعًا العمل؛ فهي بلاد الحرمين ومهبط الوحي التي يتجه لها المسلم خمس مرات يوميًّا، وفيها النبي العربي الذي أنزل عليه القرآن بلغة عربية، وكما هي فخر لنا هي حمل علينا، ويجب أن نتحمل الحمل». كان يدرك ما نحن عليه الآن وما سنقبل عليه في المستقبل من تطور وازدهار.

* حدثنا أبا محمد عن هذا الرقيب السلماني الكينونة النقدية وعن أدواته المختبرية التي يصاول بها..؟

الملك سلمان حريص على الاطلاع على ما ينشر بالصحف، ويقرؤها سواء كانت داخلية أو خارجية, وكلما نشر شيء ووجد أنه لم يكُن بجانب الصواب يحرص على تصحيحه ولفت النظر إليه؛ فهو دائمًا يلفت النظر للكاتب، ويوضح له ويصحح ما وقع فيه الكاتب من أخطاء بلغة حضارية, وثقافة متناهية. كما أنه دائمًا ما يشير إلى ما يكتبه الكاتب إذا ما صحح الكتابة، ويؤيده فيما كتب إذا كان صادقًا فيه. وما زالت ذاكرة الصحافة تستحضر رده على أحد الكتاب في الصحف من خلال مقال بعنوان «الإنسان إذا لم يكن وفيًّا لمسقط رأسه لا يكون وفيًّا لوطنه»، الذي وقعه باسم «سلمان بن عبدالعزيز»، في إشارة واضحة لمشاركته الصحفيين في نقاشهم اليومي وفي هموم الوطن والمواطن رافضًا كل الرسميات.

* كان موقف الملك الرسمي حيال الصحافة كفيلاً بخلق مناخ صحي لرئة الحرية..

إن الصحافة في أي بلد في العالم تقتضي ضرورة نشأتها واستمراريتها مساحة من الحرية؛ حتى تستمر وتزدهر. وحال الصحافة في السعودية يؤكد أنها علا سقفها، واتسعت فضاءات الحريات فيها. لا شك أن مثل هذا الموقف الرسمي الحضاري تجاه الصحافة الذي عُرف به الملك خلال عقود مضت أتاح للصحافة مساحات رحبة، وقفزات قوية للتقدم والعمل بفضاء من الحرية والشفافية الوطنية. ولا عجب حينما نجد تصريحات للملك سلمان تطلب من الصحفيين أن ينتقدوا ولكن بشفافية موضوعية، وبمعلومات موثوقة ومصادر رسمية مؤكدة. وفي المقابل على المسؤولين أن يتحملوا النقد؛ لأن هذا النقد يصب في مجمله في مصلحة الوطن..

* هذا التوجه من قبل القلم السلماني أوجد لإعلامنا هذه المكانة بين الأمم، كما أن ديوانه مفتوح دائمًا للأدباء والمثقفين والمؤرخين والمهتمين بالأنساب والشعراء والصحفيين.. ويسود جو حواري كله وعي ومسؤولية في حضرة الملك السلماني المثقف؛ وهو ما عزز وشجع على النهضة الأدبية والحضارية والفكرية التي تشهدها السعودية.

– سلمان بن عبدالعزيز شديد العناية والاهتمام بالتاريخ، خاصة بتاريخ السعودية والخليج والأسرة الحاكمة السعودية. ويعد الملك سلمان مؤرخ الأسرة السعودية الأمين المؤتمن، وإن صح التعبير يعد باحثًا تاريخيًّا على المستوى المحلي والعربي. ويعزز هذا الحديث ما قرأته من تصريحات، أكد فيها المؤرخ فايز البدراني أن مكتبة الملك سلمان الخاصة تعد أكبر مكتبة يملكها زعيم دولة في هذا العصر؛ إذ قاربت محتوياتها الـ27 ألف عنوان، جاءت في 120 ألف مجلد بشتى أنواع الفنون والمعرفة، حرص على فتحها للباحثين مصدرًا قرارًا بتحويلها إلى مكتبة عامة، ودعمها بكل التجهيزات لخدمة الباحثين.

كما أن للمخطوطات والوثائق النادرة نصيبًا وافرًا من عناية الملك سلمان. ومن حرصه على أن تكون هذه المكتبة القيمة في متناول الباحثين أصدر توجيهاته بإنشاء مبنى يضم جميع محتويات هذه المكتبة، وفتح أبوابها للجميع، وتوفير كل الخدمات التي تسهل مهمة روادها. إذًا، الملك سلمان يمتلك ذائقة نقدية، يعرفها كتّاب الصحف ومؤلفو الكتب، وخصوصًا ما تعلق منها بالمملكة والجزيرة العربية. وأحد الكتاب حين نال شرف تعقيب الملك سلمان؛ إذ فوجئ به يعقب على إحدى مقالاته، فهو دلالة واضحة على أنه متابع جيد لما ينشر ويذاع ويبث؛ فهو من نوادر القادة بما تحمل سيرته من عشقه للتاريخ.

* ماذا عن والدكم الباحث المؤرخ الشيخ محمد بن عبدالله البليهد المولود في بلدة «غسْله» بإقليم الوشْم 1310هـ والذي تلقى تعليمهُ بها وحفظ القرآن الكريم قرأ في المصادر التاريخية واللّغوية والأدبيّة والشغوف أيضًا بسماع الشعر وقراءته ونظم المعارضات الشعرية؟

– الوالد – رحمه الله – كان شغوفاً بالقراءة وكان شغوفاً بالبحث والعلم، وكان من رغباته وميزته أنه يستقصي عن الجزيرة العربية وخاصة المملكة ومنطقة نجد بالذات، وكان دائماً يلتقي بكثير من الناس في مجلسه، فهو صاحب جلسة مستمرة من الحضر والبادية، يجتمع بالناس ويقضي معهم وقتاً ويسألهم عن أشياء كثيرة ويسأل أهل البادية عن الأماكن والقبائل، ومن ذلك أنه استفاد منهم في تأليف كتبه ومنها «صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من أثار»، والكتاب هذا استفاد منه بأنه استعرض فيه أشعار العرب القديمة بما فيها المعلقات وأورد فيها من أماكن محددة أمكنتها واستطرد الشواهد عليها قديماً وحققها فيما ورد عليها من شعر أخيراً – من الشعر النبطي والعربي وحدد أمكنتها حتى أنه كثيراً منها وقف عليها وشاهدها بالعين سواء كان على الإبل أو السيارات بصحبة الدلائل وأناس يعرفون هذه المنطقة يسمون الدليلة. كما صدر له ديوان «ابتسامات الأيام في انتصارات الإمام» وديوان «بقايا الابتسامات». وفي عام 1374 أصدر كتاب «ما تقارب سماعه وتباينت أمكنته وبقاعه»، كما كان له العديد من الإسهامات والمشاركات في الصحافة.

موقع سوق عكاظ

وهناك قصة شهيرة حدثت في مجلس ضم عددًا من الوجهاء والأدباء في عام 1355هجري، وقتها أبدى صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالعزيز – رحمه الله- «الملك لاحقاً» في ذلك الوقت رغبة في تجديد موقع سوق عكاظ التاريخي بعد تضارب الأقوال المختلفة عن موقعه المورود في بعض المخطوطات والكتب، فكلف «فتى عبدالعزيز» الأديب والمؤرخ محمد بن عبدالله البليهد للبحث عن الموقع الحقيقي لسوق عكاظ، فتلقى التكليف بكل همة وعزيمة واهتمام من الأمير الفيصل «الملك لاحقاً» الذي أدرك بثقافته النوعية وحسه الأدبي الواسع أهمية تلك السوق من ذلك الوقت مستطلعًا لهذه البلاد مجدها الأدبي وثقافتها التي تليق بها بين البلدان العربية كونها نواة العالم العربي والإسلامي ومرجع الحضارات التاريخية والعالمية.

صحيح الأخبار

وأحب أن أشير هنا أن والدي هو أول من اهتم بتحديد الأماكن والبقاع في جزيرة العرب، ونجد ذلك في كتابه «صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار»، كما أنه أول من أشار إلى مقارنات شاعرات البادية بفصيحه وعاميه، والذي ظلت مقولته الشهيرة التي أطلقها وهو يصارع المرض «ونحن الآن في زمن يجري منه العلم وراء الصواب ولا يستسيغ منه إلا الحق واليقين، وما خفف علي هذا المجهود الجبار وقد اشتعل رأسي شيبًا وبلغت من الكبر عتياً ولازمني المرض ناسيًا كل هذا مضحيًا براحتي … إلا إحقاقًا للحق وخدمة للعلم» مثار حديث وإشادة من بين الأدباء والمثقفين السعوديين والعرب إلى يومنا هذا. كان تأثيره عليَّ في حياته بليغًا أيما الأثر, كنت أرقب عن كثب لقاءاته بالعلماء والباحثين ومنهم الشيخ عبدالله بن خميس وسعد بن محمد اليحيا وسعد عبد الله بن جنيدل، وهذا الرجل لازم والدي وكان من الأشخاص الذين يكتبون له. وكان – رحمهم الله جميعًا – يرى بهم أنهم من أبرز من أسهم بتشكل المشهد الثقافي والأدبي والتأليفي والبحثي في السعودية في تلك الأثناء ومن أبرز أصحاب الفكر والرأي. ورغم بعد المصادر ومشقة وصعوبة الحصول على الكتب إلا أن والدي كان يسافر للحجاز ويجوب مكتباتها ويسافر لمصر وصولًا لمكتباتها. ومن الكتب التي أتذكرها وكان شديد الحرص على الاستقاء من معينها (معجم البلدان) لياقوت الحموي و(معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع) للمؤلف عبدالله بن عبدالعزيز البكري الأندلسي وكتاب (صفة جزيرة العرب) للهمداني.

* تربط والدكم صلة قوية بالملك عبدالعزيز – رحمه الله – وقد كلفه بمهام عدة مهمة، منها مشاركة مع الملك عبدالعزيز في فتح الأحساء عندما استولوا على الحصن العثماني في ذلك الوقت في الأحساء، واستدامت وشائج الصلة بالملك عبدالعزيز في معاركه، فماذا عنها؟

– بالنسبة للملك عبد العزيز بن سعود كانت علاقة والدي به متينة جدًا وكان المؤسس – رحمه الله – يثق به كثيرًا لأمانته وإخلاصه ووفائه له, وهذه صفة بجميع رجالات الملك عبدالعزيز بن سعود.

أبجدية الحكمة والحنكة

وإن إحدى جوانب حكمة الملك عبدالعزيز – رحمه الله -، وبُعد نظره، لما حباه الله من بعد نظر وصفاء سريرة، حيث كان يعرف مكانة الرجال، ويعلم علم اليقين أنَّ الذي كان مخلصًا مع غيره سوف يخلص له أن كان حكيمًا حليمًا مع أعدائه، وهذا ما حدث فهاهو يعفو عنهم ويعين بعضهم في مناصب قيادية عليا في الدولة بعد أن وجد بهم الكفاءة ولا غرابة فهو رجل عبقري, ملهم, ومجرب, فكيف به مع من ساروا على خطى خطاه وتتبعوا رحلته لتوحيد المملكة ليلة وراء ليلة ويوماً بيوم, فاتحين المناطق, وناشرين للشريعة بعد أن دب في البلاد البدع والخرافات والجهل والظلام, لم يكن أمرًا مستغربًا أن يقربهم ويبادلهم الوفاء بالوفاء والحب بالحب، وهذا ديدن الرجال الأوفياء. – أعود فأقول -: إن الملك المؤسس عبدالعزيز بن سعود قد كلفه بمهمات خلال فترة توحيد المملكة ثم عينه الملك عبدالعزيز مديرًا لمالية الطائف وبقي فيها فترة من الزمن. كما كانت له صلة قوية بالملك فيصل – رحمه الله – كان نديماً له في حله وترحاله. وتوطدت العلاقة بينهما كثيراً وكان يسافر معه في رحلات القنص. ولما كان الملك فيصل محباً وشغوفًا للمعلومات التي يقدمها والدي فقد ساعده في تأليف كتبه وتابعه في تأليفها وطباعتها في مصر.

لا توجد «أوتيلات» في الطائف

قال عنه الأديب عبد الكريم الجهيمان: الشيخ محمد بن بليهد من بلدي، فأنا أعرف جميع أفراد هذه الأسرة العريقة، وهو متحدث من الدرجة الأولى، فإذا جلس مجلسًا غاصّاً بالرجال فإنه يأخذ الصدارة في الحديث. وقال عنه الأديب حمد الجاسر: لقد عرفت ابن بليهد – رحمه الله – فعرفت رجلاً من خيار أبناء بلادنا كرمًا وسماحة نفس وشهامة ومسارعة إلى فعل الخير، ومحبة لمساعدة من احتاج إلى مساعدة.. «الابن البار عبدالله ماذا سيتباوح به لقراء الجزيرة اليوم بعد وطأة العبور من قافلة السنين على جسر الذكريات عن والدكم رحمه الله؟

– الوالد – رحمه الله – عرفته في كل أطوار حياته، كان رجلاً أقل ما يقال عنه أنه كريم وأنه «منصى» لكثير من الناس، كان بيته مليء بالضيوف في جميع الأوقات سواء كان في الشعراء أو في مكة أو في الطائف، قد تكون شهادتي في والدي مجروحة لكنني الابن الذي عليه واجب الوفاء للحديث عن مناقب ومحاسن والده في هذا الحوار في (صحيفة الجزيرة), وهي شهادة للتاريخ أقولها بكل صدق. لا زلت أذكر في الطائف أن منزل والدي مليء بالضيوف من أعيان أهل نجد من شقراء ومن الدوادمي والشعراء ومن بلاد كثيرة في منطقة نجد ومن غيرها.. كان في ذلك الوقت لا يوجد «أوتيلات» أو فنادق ومحلات, بيته في الطائف مكون من ستة أدوار خصص منها ثلاثة أدوار الأولى للضيوف, كنت أرقب السرور والبهجة بعينية ولسانه يقطر بلطف الترحاب والبهجة بهم وبمقدمهم من بادية وحاضرة, يساعد المحتاج منهم ويقضي حوائجهم, وكان يقابل كل أولئك ببشاشة ورحابة صدر, كان يمضي معهم الحديث عن التاريخ ومواقع العرب. كثير منهم كانوا من كبار السن ومن مشايخ القبائل، ويتحدثون عن ما يعرفونه عن فرسان العرب وأيامهم، كان مجلسه لا يمل، استفادوا منه من المعلومات التاريخية القديمة والحديثة. واستفاد منهم هو أيضًا. الجهيمان والجاسر لا شك أنهم من الناس الذين عرفوا الوالد واجتمعوا به وعرفوه عن كثب, وما قالوه عنه هو الواقع بلا شك. هذه ميزة كبار الأدباء والعلماء المنصفين, الصادقين, بوصفهم وحديثهم, إن قولهم عن والدي محل فخر واعتزاز لنا جميعًا.

الأولاد هم الغصن المثمر

نلحظ بشدة اهتمامكم بغرس المفاهيم التربوية والتوعية في ذوات أبنائك وتنشأتهم على التماسك بظلال وخطى السلف الأوائل، ناهيك عن تتويح الفرص لهم وفقاً لما يرتقون من تخصصات علمية وتوثقة للروح الاستقلالية لديهم وجعلهم يحلقون في فضوات أحلامهم ومراميهم وقربهم منك كمستشار لهم وصديق يحاكي آمالهم وآلامهم.

هذه ميزة نادرة لدى الآباء، فأنت خلقت حيزاً تردم فيه الهوة الجيلية معززاً فيهم روح الألفة والمحبة وبيدرة اللغة الحميمة لا سيما وأنت رجل دولة مملوء بالأعمال قد اقتطعت لنفسك رغم العوائق على عدم إغفال هذه المنهجية الذي وطدت نفسك عليها؟

لقد حرصت على تعليم أبنائي العلوم الشرعية والدنيوية وسعيت جاهدًا أن أغرس بينهم الطموح, والعزيمة والإصرار على أن يبني الإنسان ذاته مستعيناً بالله وإيمانه الراسخ بأننا أبناء شعب واحد نحب الخير لكل الناس ونزرع الخير لهم, لم يكن هدفي أن أوجد منهم نسخاً مكررة من حياتي. الأولاد هم الورقة الوحيدة الرابحة بحياتنا. والحقيقة أنني حاولت أن أبث لهم روح المعرفة والشهامة والأخلاق والكرم, تركت لهم حرية اختيار طريقهم وتحديد وجهة مستقبلهم وحياتهم العملية، كنت أرقبهم بعين الأب المحب وقلب العطوف الذي يحلم أن يصل أبنائه لغاياتهم التي يقتنعون بها أعطيتهم الثقة وفتحت لهم نوافذ الحياة. أنهوا دراستهم الجامعية ومنهم الابن محمد – رحمه الله – أكبر أبنائي أكمل دراسته وكان نابغاً في كل شيء .. اعتمدت عليه كثيراً في أمور من حياتي وهو الوحيد من أبنائي الذي عمل في إمارة منطقة الرياض لكن القدر لم يمهله.. أصبح ضحية لأحداث الإرهاب الأليمة التي حدثت في (مجمع الحمراء) بالرياض. الحمد لله على كل قضاء الله وقدره.. وكذلك كان تعاملي مع بناتي تركت لهن حرية اختيار مصيرهن التعليمي والوظيفي، وأسأل الله أن يوفقهن في حياتهن الخاصة مع أزواجهن وبين أبنائهن وأحبتهن, ابنتي هدى لم تأل جهدًا بمتابعة مسيرتي العملية فكانت حريصة طوال فترة حياتي العملية على توفير الجو المناسب وتوفير سبل العطاء قد يكون السر في إعجاب البنت بأبيها وكما قال المثل «كل فتاة بأبيها معجبة»، أنا أشكر لها هذا الاهتمام وهي التي تسعى باهتمام نحو توثيق سيرتي بعطائها الدؤوب القيادي وما تقوم به نحو تذليل المصاعب والإشراف على البرامج, الفتاة السعودية خلاقة مبدعة طموحة متى ما أعطيناها الفرصة الكافية ستبدع أكثر.

فخر لي استشهاد ابني الأكبر

* مصابكم الجلل الذي تعجز ريشة السنون أن تجرؤ على طمس لوحته الضارجة وجعًا في فلذتكم محمد أحد ضحايا طغم الإرهاب اللئيم التي طالت أياديه المتفحشة غدرًا اللاطخة دمًا الصارخة عقوقاً للوطن «تفجير مجمع الحمراء 2003م. مشاعر تفور بالأسى وجرح تخسر فيه مراهنات أمهر سواعد الآواس، المساحة متروكة لشخصكم لسيل توجيهاتكم وما تود قوله في هذا الشان؟

أولًا: الحمد لله على قضائه وقدره، الحمد لله على كل حال وأسأل الله أن يجعل ما حدث من عمل إرهابي راح ضحيته ابني محمد وأبرياء آخرون استشهدوا من العرب المسلمين في هذا العمل الإجرامي أن يعلي به الله منزلتهم في الجنة, كان مصاباً أليماً. لكن الذي وقع في مجمع الحمراء وكان مع الأسف الشديد الذين قاموا به زعموا بأنهم يريدون قتل الكفرة من الأجانب الغربيين الذين يسكنون فيه, ومع الأسف الشديد الذين توفوا في هذا الحادث جميعهم سعوديون, بمن فيهم أبني محمد وآخرون عرب, وأبرياء, كانت حادثة أليمه تألمنا منها كثيراً, كانت في الحقيقة مخطط هذه العملية زعزعت البلد وإحداث الاضطرابات، وهو من الحوادث الإرهابية التي حدثت بيد ناس مجرمين هدفهم التخريب وإساءة الأمن في البلد، والنتيجة أنهم قتلوا أبناء البلد, الخبر نزل علينا كالصاعقة كان يومًا مأسويًا مفجعًا وحزينًا استشهد ابني في عز شبابه ومقتبل عمره, وبداية حياته الزوجية, وكتب اليتم على ابنتيه مبكرًا, الحمد لله على قضائه وقدره وعسى ربي أن يسكن محمد في فراديسه وأن يرزقه صحبة الأنبياء والشهداء والصديقين, لقد رحل محمد وترك وراءه (لين وليان) ابنتيه التوأمين أصبحتا يتيمتين بعد شهرين من استشهاد والدهما محمد في ذلك التفجير الأثيم عام 2003م.

ورسالتي لهؤلاء المجرمين القتلة الغدارين: أنهم أصحاب فكر ضال وأصحاب مبدأ سيء فهم يقومون بعمل ضد الدين وضد بلدهم وضد أهلهم، فهم يقتلون أقاربهم وأبناء جلدتهم ويعتبرون مارقين من دينهم وعقيدتهم وأولي أمرهم وعلى أبناء وطنهم ومسيئين لأمن البلد وخارجين عن القانون. ولا شك أن المملكة العربية السعودية تعد من أوائل الدول التي أولت التصدي لظاهرة الإرهاب اهتماماً بالغاً على مختلف المستويات، فالقيادة السعودية ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع – حفظهم الله – قامت بخطوات جادة في مكافحة هذه الظاهرة والآفة محلياً وإقليميًا ودوليًا وأسهمت بكل فاعلية وحزم في التصدي لها وفق الأنظمة الدولية، ليجتمع العالم على أهمية مكافحة الإرهاب الذي طال وباله المملكة والعديد من دول العالم العربي والإسلامي والعالم بأسره دون أن ينتمي لدين أو وطن. إن المملكة كانت من أوائل دول العالم التي دخلت في معارك جادة وحازمة وحاسمة في وجه محاربة الإرهاب على المستوى الدولي منذ بداية أعوام الثمانينيات الميلادية. ودائماً ما تدعو المملكة إلى التصدي للإرهاب والتطرف بكل أشكاله المتلونة والدنيئة، وها هي الداخلية تحقق نجاحات استباقية وضربات حازمة في وجه هؤلاء الغدرة من المارقين والإرهابيين «خوارج هذا الزمان» والمتلوثين بفكرهم ومنهجهم الضال فواصلت المسير في استئصال شأفة الإرهاب بمختلف الوسائل واجتثاث جذوره المسمومة، والتعاون مع المجتمع الدولي في جميع المحافل الدولية التي ترمي إلى الوقوف لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة والآفة اللعينة واجتثاثها، وتجريم من يقف خلفها.

المالك والتركي أعاداني أربعين عامًا

وختامًا أسأل الله أن يديم على المملكة أمنها وأمانها وأن يحفظ ملكنا خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد ولنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع – حفظهم الله – وكافة قياداتنا وأمرائنا وعلمائنا وأفراد شعبنا الوفي الأمين، وأن يحفظ بلاد الحرمين الشريفين قبلة المسلمين ودولة الإنسانية والسلام, كما أتقدم بالشكر الجزيل لصحيفة الجزيرة ممثلة برئيس تحريرها العريق الأستاذ خالد المالك ومدير تحرير الشؤون الثقافية الدكتور إبراهيم التركي وكل الطاقم الصحافي العامل فيها على إجراء هذا الحوار الذي أعادني بكل فخر واعتزاز لأكثر من أربعة عقود أمضيتها وقضيتها معتزًا ومفتخرًا بخدمة قادة بلادي وأفراد شعبنا.

[IMG]http://www.misrtalateen.com/wp-content/uploads/2017/04/1-1117.jpg[/IMG]

[IMG]http://www.misrtalateen.com/wp-content/uploads/2017/04/2-27.jpg[/IMG]

[IMG]http://www.misrtalateen.com/wp-content/uploads/2017/04/3-21.jpg[/IMG]