الصحة

الهيروين بوصفة الطبيب ينقذ مئات المدمنين في بريطانيا

يستفيد مئات من مدمني الهيروين في المملكة المتحدة من الإمدادات المشروعة المجانيّة لهذا العقار، حسبما تظهر أرقام جديدة.

هكذا، حصل 280 شخصاً على وصفة طبيّة لـ”الديامورفين”، وهو الصنف الطبي من الهيروين الصافي، بين عامي 2017 و2018 ، كما علمت صحيفة ” إندبندنت” بفضل طلب قدمته “ريليس”، وهي مؤسّسة خيرية تقدّم المشورة والدعم القانونيين للمدمنين إلى “هيئة الصّحة العامة” (PHE) في إنجلترا، بموجب حق الحصول على المعلومات.

تنصّ إرشادات “هيئة الصّحة العامة”، على إعطاء “الديامورفين” للمدمنين عادة كخيار أخير بعدما أثبتت أشكال أخرى من العلاج، مثل “الميثادون” و”البوبرينورفين”، عدم جدواها.

تحدّث في هذا الشأن الدكتور برون بجرال، وهو المدير الطبي في “تشينج. غرو. لايف” Change Grow Live، أكبر شركة لتوفير العلاج بالعقاقير في القطاع الثالث في المملكة المتحدة، فقال “رأيت بنفسي كيف يساعد الديامورفين المدمنين في التّعافي لدرجة أنهم أصبحوا قادرين على العمل، واختبروا تجربة الكفّ عن التورّط بصورة متكررة مع أجهزة العدالة الجنائية، كذلك كانوا موجودين إلى جانب عائلاتهم، وعاد الأمل إلى حياتهم، فيما أنّ ذلك كله لم يتوفّر قبل وصف هذا العقار لهم”.

ولكنّ هذا العلاج “مهدّد” ، إذ قد لايستمر توفره بسبب التخفيضات الحادة في خدمات تأهيل المدمنين والإلغاء المزمع للتمويل الذي تقدّمه الصّحة العامة في هذا المجال، كما ذكرت نيامه إيستوود، الرئيسة التنفيذيّة في “ريليس” التي تتعامل غالباً مع الأشخاص الذين يخشون الحرمان من وصفتهم الطبية.

أضافت إيستوود أن “أي قرار بإلغاء هذا العلاج يمكن أن يؤدي إلى وفاة مزيد من المدمنين”، في إشارة إلى أرقام صدرت يوم الخميس الماضي وتُظهر أعلى مستوى للوفيّات المرتبطة بالمخدرات منذ بدأ توثيق هذه الأرقام، مع ارتفاع بلغت نسبته 16% في العام الماضي 2018.

وزادت أن التهديد بالحرمان من وصفة “الديامورفين” قد يتسبّب في “أضرار لا يمكن وصفها”بالنسبة لأولئك الذين يعتمدون عليها. وأوضحت “يمكن أن يولِّد ذلك شعوراً بالخوف وعدم الأمان ويسبِّب ضائقة كبيرة للمدمنين الذين يواجهون هذا الظرف الصعب”.

وحذَّرت من أن إلغاء علاج أحد المدمنين يمكن أن يؤثِّر في عمل المؤسسة الخيريّة سلباً، ويتسبّب في “مجازفة حقيقيَّة” تتمثّل في عودة مدمني المخدرات الذين كانوا يأخذون العلاج إلى تعاطي الهيروين غير المشروع.

جدير بالإشارة أنّ المملكة المتّحدة تقدّم “الديامورفين” لمدمني الهيروين منذ عام 1926. كانت تلك الممارسة التي يُشار إليها غالباً بـ”النظام البريطانيّ”، الشّكل الرئيس للعلاج في البلاد حتى عام 1967، وخلال تلك الفترة ارتفع عدد مستخدمي الهيروين المسجّلين بشكل استثنائيّ إلى أكثر من 1000 مدمن.

عن ذلك قال الدكتور بجرال ” كنّا الأوائل في العالم في توفير الديامورفين في ظل النظام البريطاني، وهي مقاربة عملية ومعقولة لحل مشكلة خطيرة. هذا العقار مجرّد دواء أفيوني آخر، يُستخدم في كل مستشفى يومياً، وكان دواء أساسياً لأكثر من قرن”.

فيما أخذ مئات الأشخاص هذا الدواء بموجب الإطار القانوني الذي كان معتمداً منذ ذلك الحين، أوقف العمل بـ”النظام البريطاني” بشكل واسع أواخر ستينيات القرن العشرين، وهي خطوة وصفها بينغ سبير، مدير المخدرات في وزارة الداخلية آنذاك، بالـ”كارثة غير المقصودة” في كتاب تناول فيه تفاصيل تتعلق بالفترة التي كان خلالها على راس عمله.

أما نيل وودز، الذي قضى 14 عاماً في العمل شرطياً سرياً ويرأس حالياً “ليب. يو. كي” وهو تحالف شخصيات لها خبرة في ميادين تطبيق القانون تدعو إلى وضع حدّ للحرب على المخدرات، فقال إن تفشي وباء الهيرويين كان “نتيجة مباشرة لوهب سوق المخدرات للجريمة المنظمة”.

وأضاف وودز “قبل وقف النظام البريطاني لم يكن ثمة ارتباط بين المخدرات والجريمة على الإطلاق”، في إشارة إلى تكتيك يتمثّل في تشجيع مستخدمي الهيروين على توريط غيرهم من الأشخاص باللجوء إلى المخدرات، وذلك بغرض حصول المدمنين الاساسيين على المال اللازم لشراء المخدر الخاص بهم. وتابع” عندما كان الأطباء يسيطرون على الهيروين، لم يتوفّر حافز للتجّار للعثور على عملاء جدد”.