كاد المعلم ان يكون رسولا
المعلم هو الركيزة الرئيسية في بناء الأمم والحضارات، فهو المخلص الأمين على التعليم، الحريص على نشر العلم والخير بين الناس ، وهو يسير في ركب العلماء وينهل من معينهم الصافي وفي الحديث (من سلك طريقا يلتمس فيه علما ، سهل الله له به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء لم يورثوا دينارا ، ولا درهما إنما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر) فهذه المنزلة العظيمة لم ينلها المعلم ألا لتفانيه وحبه للتعلم ونشر العلم ، ولقد رفع الله من شأن المعلم والعلماء حيث يقول : (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) .
فالإسلام ولله الحمد قد كرم المعلم قبل أن تكرمه الشعوب ؛ فالمعلم عندنا نحن كمسلمين له إجلال وتقدير ومودة لأن بجهوده تبنى الأمم وتقوم الحضارات، فهو كالشمعة التي تحترق لتضيء للآخرين، فعلى أكتافه تنهض الحضارات، وتنتشر الفضائل ومكارم الأخلاق، يقول شوقي في المعلم:
*سبحانك اللهم خيرَ معلِّم علّمت بالقلم القرونَ الأولى*
*أخرجت هذا العقل من ظلماته وهديته النور المبين سبيلا*
*أرسلت بالتوراة موسى مرشدا وابنَ البتول فعلّم الإنجيلا*
*وفجرت ينبوع البيان محمدا فسقى الحديث وناول التنزيلا*
فالتحية والتقدير لمعلمي وطني وهم يبذلون الغالي والنفيس من أجل إعداد أبنائنا ليكونوا مواطنين صالحين يحملون راية الآباء ويساهمون في تقدم البلاد، وهم بلا شك يمثلون جزء عزيزاً من النهضة التي تشهدها المملكة، ولهذا يجدون الحفاوة والتقدير من ولاة أمرنا فهم محل تكريمهم وحفاوتهم.
إن المعلمين ينوبون عن الأنبياء والعلماء في وظيفتهم التربوية والتعليمية ويقومون بخدمة الأمة في إعداد الأجيال القادمة، ويزرعون بذور الخير فيهم ، فهم أجدى بالاحترام والتقدير والتبجيل ، والتوقير ولهذا يجب أن نقبل عثراتهم ونتجاوز عن زلاتهم .
يعد المعلم في نظر الكثيرين أسوة وقدوة لما يتحلى به من آداب وأخلاق كريمة، فالحفاظ على هذه القيمة تجعلهم في محل احترام ، ويجب عليهم ألا يفقدوا هذه الخصلة الحميدة فيقعوا فيما حذر منه الشاعر:
ابدَأ بنفسِكَ فانْهَها عن غَيِّهَا فإذا انتَهَتْ عنهُ فأنتَ حَكِيْمُ
فهناكَ يُقبَلُ ما تقولُ ويُقتَدَى بالعلمِ مِنك وينفَعُ التعلِيمُ
لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتِيَ مِثلَهُ عارٌ عليكَ إذا فعَلتَ عظِيمُ
إن الدول المتقدمة تهتم بالمعلم وتضعه في مكانة رفيعة ، حيث توفر له الإمكانات والبيئة الصالحة التي يقدم فيها رسالته فأعلت شأنه؛ ماديًّا ومعنويًّا، وقدمت له كافة أنواع الدعم وحققت تلك الدول اضعاف ما ما استثمرته في التعليم ودعم المعلم والعلماء، فأقامت حضارات يُشار لها بالبنان بفضل المعلم والتعليم.
ونحن كشكر وعرفان نرسل أجمل تحية لأولئك المعلمين الذين حملوا راية التعليم فكانوا سببا في تفوقنا وتميزنا ، وكان لهم الفضل بعد الله عز وجل في صناعة أبنائنا رجالا ونساء ، ولهم اليد الطولى في بناء وطن نعتز ونفتخر بهم بين الأمم ، وينبغي لنا ألا ننسى أن ندعوا بالخير لمعلمينا الذين علمونا وأخرجونا من الأمية ، ورفعوا من شأننا نسأل الله ان يمتع الأحياء منهم بالصحة والعافية ويطيل عمرهم في طاعة الله ، وأن نترحم على من مات منهم ، ويسكنهم الفردوس الأعلى لما قدموه للعلم والتعليم من جهود نافعة وأن يجعلهم ممن قال الله فيهم (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)