المقالات

أبناءنا والعزلة

كانت الشكوى طوال السنوات الماضية من التأثير الخارجي السلبي وزادت هذه الشكوى بعد العزل المنزلي فحواها أننا لا نستطيع تربية أبناءنا التربية الصحيحة طالما أن هناك مؤثرات خارجية من أقارب وجيران وزملاء في المدرسة وأصبح الكثير شكواهم أننا فقدنا السيطرة في تربية أبناءنا وأصبحت الأجهزة ملازمة لهم في كل حياتهم ولايستطيع الوالداين التحكم في ذلك ويقولونها وسمعتها كثيراً أثناء إقامتي الدورات التدريبية والأمسيات وبكل أسى : لا نستطيع التحكم في أبناءنا والأجهزة الذكية..
لم يكن الآباء في الأجيال السابقة لديهم شهادة ادكتوراه في التربية أو عشرات الأبحاث في التعامل مع الأطفال والشباب ولكن كان لديهم ما هو أهم من ذلك وهو القدوة الحسنة فالإلتزام الديني وحسن التعامل مع الآخرين والكرم والشهامة والإهتمام بالعمل فتجد أن الأبناء تلقائياً يتجهون لنفس الطريق وتذكرت في هذا الموضوع الهام حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه…) فتأثير الأب والأم أكبر من النصيحة والشدة والصراخ والضرب أو التعامل بنظام المقارنة أو التحطيم فعندما تتحدث مع أبناءك عن خطر الأجهزة على الدماغ وعلى التفكير وعلى ضياع الوقت وتشتيت الأفكار فيجب وجوباً أن تلتزم أنت بذلك والأم كذلك وأقرب تشبيه لذلك من يمنع أبناءه من الدخان وبيده سيجارة وكما يقول أبو الأسود الدؤلي :
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ
عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ
لذلك نقول ونؤكد (القدوة أولاً)..
ومع الحضر الكامل يزداد حجم الفراغ عند الأسرة ويزداد إستخدام الأجهزة الذكية عند الأسرة بأكملها ويتم الإعتماد على العاملة المنزلية في كل شيء وطلبات التوصيل وأصبح وقت اللقاء يكاد يكون معدوماً بين الأسرة وخصوصاً بين الوالدين والأبناء والإقتراحات تأتي من الخارج ومن مواقع التواصل الإجتماعي بأن قضاء الوقت يكون بمشاهدة أفلام قد تكون مدمرة للأخلاق أو الأكل فقط والنوم وأصبح الليل نهاراً والنهار ليل وهناك من هو أفضل من ذلك من مازالت دراسة الأبناء مهمه له ويركز عليها ولذلك ستجد النتيجة بعد الإنتهاء من هذه الأزمة حصاد ما تم زرعه فيها..
وعندما نذهب إلى بعض النماذج الناجحة نجد أن الأسرة متماسكة بتماسك الوالدين وتفاهمهم وإهتمامهم بأبنائهم وسلوكياتهم وكونهم قدوة حسنة تجد أبناءهم يقتدون بهم فأوقات الصلوات الخمس جماعة في المنزل وتدريبهم على أذكار الصباح والمساء وقراءة ورد من القرآن والمشاركة المنزلية والإهتمام بالدراسة وتنمية مواهب الأبناء والنقاش معهم وإشغالهم عن الأجهزة بعمل برامج ترفيهية وتثقيفية..
فهذه الفرصة قد لا تتكرر عزل تام إجباري لجميع الأسرة ولايوجد ما يشغلهم فقد كانت الشكوى من عدم وجود وقت والأن أصبح الوقت موجود لكن طريقة إستغلاله الإستغلال الصحيح مهارة تحتاج إلى قائد في الأسرة يجعل الجميع في راحة وطمأنينة بعيداً عن جو الإشاعات والتخويف والرعب والخروج من هذه الأزمة بأسرة قوية متماسكة وناجحة ركزت على الإيجابيات من عادات وسلوكيات وتركت السلبيات وكل هذا لا يأتي إلا بالقدوة الحسنة ..
وليس بالضرورة تحويل المنزل إلى معسكر تعليمي ولكن لو ركزنا على إكساب الأبناء بعض العادات الإيجابية مثل الهدوء والصدق وإحترامهم لبعض أو عادة القراءة والتلخيص أو حضور دورات تدريبية عن بعد فالوقت كاف لهذا ففترة 21 يوم إلى شهر هي الفترة الرائعة لكسب عادة أو التخلص من عادة أو سلوك ولنكن إيجابيين بتركيزنا على كسب عادات وسلوكيات إيجابية بدلاً من ضياع الوقت في التخلص من عادة سلبية (إن الحسنات يذهبن السيئات).