الأخبار المحلية

“شرار بن مهرس” بايع 4 من ملوك السعودية وتوفي صائمًا قبل 45 عامًا.. و”سبق” تستعرض تاريخه

عُرف بمبادراته الوطنية وشارك في معارك توحيد البلاد

عُرف بمبادراته الوطنية، ومعاصرته أربعة من ملوك المملكة العربية السعودية، ذلك هو “الشيخ شرار بن مهرس” -رحمه الله-، .

“سبق” تسلط الضوء على تاريخ ووقفات وبطولات ذلك الرجل الذي عاصر المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه-، وفقًا لما ذكره الباحث “فيصل بن زايد بن مهرس”؛ إذ قال: “وُلد الشيخ شرار بن مهرس في بادية بني الحارث عام ١٣٠٣هـ، وهو من بيت فروسية ومشيخة، ونشأ على حب الشجاعة والفروسية، وبرزت شجاعته صغيرًا، واشتُهر بالكرم وحسن الجوار. وفي ذلك قال الشيخ “حبيليص بن عديس الشيباني” أبياتًا بعد أن قضى مدة في جوار الشيخ شرار وقبيلته:

لا والله اللي جاء الصدد في المظاهير

والجار يا ناشي تياسر عن الجار

جيراننا اللي تحتمل للمخاسير

فكاكة المضهود لا اشتبت النار

يتلون أخو فاحا سنود ومحادير

وإن زاف نبت الوسم في كل مخضار

مصيافهم يم الهضاب المزابير

ومرباعهم ما كفه النير ويسار

يا زين رفع رباعهم للخطاطير

لا والله اللي ما نبي غيرهم جار”.

مبايعته الملك المؤسس -طيب الله ثراه-

وأضاف “ابن زايد”: “لما أقبلت طلائع الخير وبشائر النور بقدوم جيش الملك عبدالعزيز آل سعود إلى منطقة الحجاز كان الشيخ شرار بن مهرس من أوائل المبايعين له؛ فانضم إلى جيوش المؤسس، وكان ذلك قبيل دخول الطائف في مطلع صفر عام ١٣٤٣هـ. وقد أنشد الشاعر دابان بن حمد الشدادي أحد شعراء القبيلة أبياتًا بعد هذه البيعة المباركة، قال فيها:

تغيب عين الشمس وحنا ما نغيب

والطير أبا الجنحان نرهي له عشاه

في رأي ابن مهرس عمى عين الحريب

يا من به الخايف ويمشي في ذراه”.

وأشار إلى أن أول لقاء جمعه بالملك عبدالعزيز كان في مكة المكرمة، وذلك عند قدومه إليها بعد دخول قواته إلى الحجاز في ليلة الجمعة الثامن من شهر جمادى الأولى عام ١٣٤٣هـ؛ إذ أقبل شرار بن مهرس للسلام عليه، وتقديم البيعة.

مشاركته في معارك توحيد البلاد

وذكر الباحث “ابن زايد” أن شرار بن مهرس شارك في الكثير من وقائع ومعارك توحيد البلاد تحت راية الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، منها: دخول الطائف، ومعركة الهدى، ودخول مكة، ومعركة الرغامة، وحصار جدة. كما شارك في حرب اليمن عام ١٣٥٣هـ، وذلك أثناء اعتداء القوات اليمنية على مدينتَي “نجران وجيزان”، فأصدر الملك عبدالعزيز حينها أمره بالزحف لاستعادة الأراضي السعودية، وبدأت القبائل تتوافد على الأمير فيصل بن عبدالعزيز، نائب الملك في الحجاز، للمشاركة في رد هذا العدوان، وفي طليعتهم شرار بن مهرس .

فلما أقبلوا على مقر الاجتماع أنشد الشاعر “سفر بن حديد الشدادي” أبياتًا مخاطبًا فيها الأمير فيصل، قال فيها:

سلام يا نمر مخاليبه تصيد

تتليه شيخان البوادي والحضر

حنا بني الحارث كما صافي الحديد

سيف ليا وقع على العظم انكسر

وتمكنت القوات السعودية من استعادة الأراضي، والتقدم في العمق اليمني، واستولت على بلدة حرض، وبلدة ميدي، والحديدة، وبيت الفقيه، والزرانيق. بعد واقعات ومعارك عدة، برزت فيها شجاعة القوات السعودية، وفي تلك المعارك أصيب شرار بن مهرس بإصابة في كتفه بعد أن أبدى شجاعة فائقة وبسالة نادرة في مواجهة الخصم. ولما انتهت المعركة زاره الأمير فيصل للاطمئنان عليه، وأمر بأن يُبنى له خيمة خاصة حتى لا يتأثر جرحه.

علاقته بملوك البلاد

وقال: “حظي الشيخ شرار بن مهرس بتقدير الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، وأبنائه من بعده نظرًا لصدقه وإخلاصه ووفائه، ولاسيما بعد اشتراكه في الكثير من الغزوات والمعارك تحت راية المؤسس -طيب الله ثراه- كغيره من الرجال المخلصين”.

وذكر أنه كانت بينه وملوك البلاد بعض الرسائل والمخاطبات المتعلقة بمبادراته الوطنية، منها أثناء قيام حركات التمرد في شمال السعودية عام ١٣٥١هـ؛ إذ بادر الشيخ شرار بمخاطبة الملك عبدالعزيز بأنه على أتم الاستعداد للمشاركة في إخمادها. كذلك أثناء اعتداء القوات البريطانية على واحة البريمي عام ١٣٧٥هـ أرسل الشيخ شرار برقية إلى الملك سعود بن عبدالعزيز، أبدى فيها استعداده للدفاع عن أرض الوطن. وأيضًا في الأزمة الكويتية – العراقية عام ١٣٨١هـ بعث الشيخ شرار برقية إلى الملك سعود، أيد فيها الإجراءات كافة التي اتخذتها الحكومة السعودية في دعم استقلال الكويت، وأبدى استعداده للتضحية في سبيل الوطن، ونشرت صحيفة البلاد السعودية تلك البرقيات.

بايع أربعة ملوك

وقال الباحث “ابن زايد”: “كان الشيخ شرار بن مهرس قد بايع الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- عند فتح الحجاز عام ١٣٤٣هـ. وبعد وفاة الملك عبدالعزيز بايع الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله- عام ١٣٧٣هـ، ثم بايع الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- عام١٣٨٤هـ، وكان آخر من بايعه من ملوك هذه البلاد الطاهرة هو الملك خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله- عام ١٣٩٥هـ؛ فعندما توفي الملك فيصل بن عبدالعزيز صدر التعميم رقم ٢٠٤ / ٤ في ١٤/ ٣/ ١٣٩٥هـ المتضمن تقديم العزاء في وفاة الملك فيصل -رحمه الله-، ومبايعة الملك خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله- ملكًا للبلاد، وولي عهده الأمير فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله-، وقد وُجهت نسخة من هذا التعميم إلى الشيخ شرار بن مهرس الذي توفي بعد سنة من مبايعته الملك خالد -رحمهم الله جميعًا-“.

واستمر من بعده ابنه محماس بن شرار بن مهرس على النهج نفسه في الولاء والإخلاص لقادة هذه البلاد الطاهرة؛ فعندما توفي الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- قدم محماس بن شرار العزاء في وفاة الملك خالد والبيعة للملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- ملكًا للبلاد، وولي عهده الأمير عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- عام١٤٠٢هـ -رحمهم الله-.

وفاة الشيخ شرار بن مهرس

وأشار الباحث إلى أنه في عصر يوم الأربعاء الرابع عشر من شهر رمضان سنة ١٣٩٦هـ انتقل الشيخ شرار بن مهرس إلى جوار ربه صائمًا عن عمر ناهز ثلاثة وتسعين عامًا، ودفن في وادي الباضة التابع لمركز قيا جنوب شرقي الطائف، وقيل فيه الكثير من المراثي، منها قصيدة للشيخ العميد متقاعد “عايش بن منصور بن حريش الشلوي الحارثي”، عبَّر خلالها عن شعور الحزن وهول المصيبة قائلاً:

قالوا: شرار وقلت وانكبة الدار

عليك يا تالي الشيوخ القرومي

عليت ياللي ما تغثي على الجار

ومن هيبتك جارك يصير محشومي

وعليت يمين في اللقاء تاخذ الثار

وسواعد تثني عنان العزومي

إن شبت الهيجاء وعج الرمك ثار

وغطاهم البارود مثل الغيومي

وتراشفوا ما بينهم كاس الامرار

وتواجهوا فوق السبايا الخصومي

وصاحوا بأخذ الثار هل قحص الأمهار

وتبادلوا من فوقهن السهومي

يذكر لـ”أخو فاحا” مع القوم محضار

يرجح بميزان الكمي الظلومي

الحق أقوله في بعيدين الأذكار

ما قلت شعري في بنات الرخومي

يالله يالخلاق يالنافع الضار

سهل حسابه وارحمه يا رحومي

وأعقب الشيخ شرار بن مهرس تسعة من الأبناء، وهم: غازي وحنس ونايف ومحماس وسلطان وصايل ومصلط ومصلح ودحيم.