الأخبار المحلية

متخصصون: جزيرة العرب فقيرة بالدراسات.. وأبجديتنا الثمودية العربية هي الأقدم

“السافانا” قبل 7000 عام من الوقت الحاضر ونقوش ربما تغيِّر كتابة التاريخ

عبدالله النحيط- سبق: اتفق علماء الآثار على ترتيب زمني محدد لعمر اللغات، سواء المكتوبة بأحرف رمزية، مثل المسمارية السومرية في العراق، أو الرسوم التصويرية، مثل الهيروغليفية في مصر، أو المكتوبة بحروف أبجدية، مثل السينائية في جبال سيناء، والفينيقية في السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط.

وصنفوا الأبجدية العربية الثمودية (المسند الشمالي ثم الجنوبي في عموم الجزيرة العربية) على أنها الأحدث، ولها علاقة نسب بإحدى الأبجديتين المذكورتين أعلاه، إلا أن الدكتور عيداليحيى خرج بدلائل مادية كثيرة من أرض الميدان، تعيد ترتيب اللغة الثمودية العربية؛ لتكون هي الأقدم من بين اللغات الأبجدية، وأنها هي الأصل الأول، وأول أبجدية كتبت؛ وذلك أن جزيرة العرب لم تظفر بدراسات عميقة بسبب اتساعها المترامي، ولصعوبة تضاريسها الجغرافية، وقحل أرضها.

وعقبت باحثة الدكتوراه في فنون ما قبل التاريخ تهاني المحمود على ما طرحه الدكتور اليحيى في الموسم السادس لبرنامجه الشهير “على خطى العرب”، الذي عرض فرضية جديدة مثيرة، ستفتح بابًا من التساؤلات بين علماء الآثار والمهتمين، وخصوصًا المتخصصين بالكتابات القديمة، تتعلق بإعادة ترتيب الكتابات الأولى التي ظهرت في الجزيرة العربية استنادًا إلى دلالات معينة في رسوم صخرية على واجهات جبلية ضخمة، عُثر عليها في أماكن متفرقة في المملكة العربية السعودية، وبعيدة عن الواحات التي شهدت مرور واستقرار الأفواج البشرية، التي حاول الدكتور اليحيى التشديد على هذه الفرضية من خلال أدلة أنثروبولوجية وجيومورفولوجية بيئية، تدعم قراءة الدليل الأثري المادي المتمثل بتلك الرسوم الصخرية التي تم العثور عليها.

وقالت: “تتمحور هذه الفرضية حول آلاف الكتابات الثمودية (المسند الشمالي) المرتبطة برسومات مذهلة للإبل بأنماط دقيقة، ترافقها رسومات لأسود وجواميس برية وغزلان ضخمة، عاشت في الجزيرة العربية في وقت يفترض فيه أن تكون البيئة مناسبة لوجودها. هذه البيئة سبقت الطور الجاف الذي نعيش فيه حاليًا، الذي دخلت فيه الجزيرة العربية بعد آخر طور مطير قبل ما يزيد على سبعة آلاف عام من الوقت الحاضر”.

وأضافت: “أثبتت المسوحات الجيومورفولوجية أن حشائش السافانا كانت تغطي وسط الجزيرة العربية التي كانت تعتبر البيئة المناسبة لتعيش فيها الأسود والحمر الوحشية والجواميس البرية وغزلان العلند الضخمة جنبًا إلى جنب، وتتجمع على ضفاف البحيرات القديمة؛ وبالتالي يفترض الدكتور اليحيى أن هذه الكتابة الثمودية التي ظهرت مجاورة لرسوم هذه الحيوانات العاشبة، وتحكي عنها، وتماثلها طبقيًّا من خلال تفحُّص البتنة وغشاء العتق الذي تكوَّن بمرور الزمن، تعود لزمن وجود السافانا في الجزيرة العربية”.

وأوضحت أنه “يمكن الاستنتاج أنها تسبق زمنيًّا كل الكتابات التي ظهرت، بما في ذلك الرقم الطيني الذي يحمل كتابات مسمارية، وعثر عليه في مدينة أور في العراق، ويعود لمنتصف الألف الرابع قبل الميلاد”.

وأفادت المحمود: “أجد أن كل ما تم الاستناد إليه في السابق هو فرضيات جديرة بالاهتمام والبحث، وقد يتم دعمها بالدراسات والاستنتاجات والمقارنات في المستقبل القريب؛ فلربما بعد فترة يعثر على أدلة أخرى، تدعم هذا الافتراض؛ فتقلب كل المفاهيم والنتائج السابقة، وهذا ما يميز علم الآثار الذي يتسم بأنه علم يتجدد باستمرار بحسب العثور على آثار ومواقع جديدة. كما أن دراسة الآثار لدينا في بداياتها، وما زالت أرض المملكة العربية السعودية بكرًا، وما اكتشف فيها لا يمثل سوى جزء ضئيل مما تكتنزه من خبايا وأسرار ومفاجآت”.