الأخير هذا العام.. فلكية جدة: كسوف كلي للشمس الاثنين المقبل
قال رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبوزاهرة: إن الكرة الأرضية ستشهد يوم الاثنين 29 ربيع الآخر 1442 الموافق 14 ديسمبر كسوفاً كلياً للشمس هو الأخير هذه العام 2020، وسيكون مشاهداً في أجزاء من جنوب تشيلي وجنوب الأرجنتين، في حين سيشاهد جزئياً في معظم جنوب أمريكا الجنوبية وجنوب شرق المحيط الهادئ وجنوب المحيط الأطلسي، ولن يكون مشاهداً بسماء الوطن العربي.
وقال أبوزاهرة: كسوف الشمس في مجمله سيكون ما بين الساعة 04:33 مساءً و9:53 مساءً بتوقيت السعودية (01:33 مساءً و06:53 مساءً غرينتش)، خلال ذلك ستكون مدة الكسوف في شكله الكلي 3 ساعات وثلث الساعة، من شروق الشمس فوق المحيط الهادي إلى غروبها فوق المحيط الأطلسي بالقرب من سواحل قارة إفريقيا.
كسوف الشمس الكلي يحدث عندما تصطف الشمس والقمر والأرض على خط واحد حيث يعبر القمر مباشرة بين الأرض والشمس، وهذا الحدث نادر نسبياً؛ لأن مدار القمر حول الأرض مائل بالنسبة لمدار الأرض حول الشمس، وعندما يحدث أن تصطف تلك الأجسام الثلاثة في خط واحد فإن القمر يغطي قرص الشمس وجميع المناطق التي ستقع ضمن ظل القمر ستشهد كسوفا كلياً.
وأضاف: خلال هذا الكسوف سيكون حجم الشمس الظاهري أكبر بـ1.6% عن المتوسط، في حين أن القمر مضى عليه يومان بعد وصوله نقطة الحضيض وهي أقرب نقطة في مداره من الأرض، مما يجعل حجمة الظاهري كبيراً إلى حد ما.
وتابع: كسوف الشمس سيبدأ من شرق جزر ماركيساس جنوب المحيط الهادي، ويمر شمال جزيرة الفصح وجنوب أرخبيل جزر خوان فرنانديز قبالة سواحل تشيلي قبل أن يصل إلى أمريكا الجنوبية.
سيصل مسار الكسوف الكلي إلى اليابسة في تشيلي عند الساعة 7:01 مساءً بتوقيت السعودية (04:01 مساءً غرينتش)، جنوب بلدة بونتو سافيدرا، وسيبلغ عرض المسار 90 كيلومتراً، وسيستمر الكسوف لمدة دقيقتين و8 ثوانٍ وستكون مدة الكسوف الكلي بطول هذه المدة الزمنية على اليابسة على الأقل.
وأشار إلى أنه سيتحرك مسار الكسوف الكلي جنوباً إلى أن يصل حدود الأرجنتين عند الساعة 07:05 مساءً بتوقيت السعودية (04:05 مساءً غرينتش) ويصل ذروته العظمى عند الساعة 07:13 مساءً بتوقيت السعودية (04:13 مساءً غرينتش) في هذه المرحلة سيستمر الكسوف الكلي لمدة دقيقتين و10 ثوانٍ.
يمر الكسوف الكلي بقرية بفالتشيتا في الأرجنتين عند الساعة (7:18 مساءً بتوقيت السعودية (04:18 بتوقيت غرينتش) وبعد دقيقتان يصل إلى خليج سن متياس جنوب مدينة سان أنطونيو أويستي، ويعود مسار الكسوف الكلي اليابسة مرة أخرى قرب مدينة مورون، ويتجه أخيراً إلى المحيط المفتوح عند الساعة 07:24 مساءً بتوقيت السعودية (04:24 مساءً غرينتش) ثم ينطلق فوق المحيط الأطلسي باتجاه إفريقيا، لكنه سينتهي عند الساعة 08:54 مساءً بتوقيت السعودية (05:54 مساءً غرينتش) قبل أن يصل إلى اليابسة.
واستطرد: من ناحية أخرى سيشاهد الكسوف في شكله الجزئي بنسب متفاوتة في المناطق التي ستقع ضمن شبة ظل القمر وتشمل جزر بيتكيرن في المحيط الهادي بنسبة (58%)، وجزر بولينيزيا الفرنسية جنوب المحيط الهادي (63%)، البرازيل (67%)، الأورغواي (73%)، جزر فوكلاند جنوب المحيط الأطلسي (66%)، جزر جورجيا الجنوبية وجزر ساندويتش الجنوبية جنوب المحيط الاطلسي (54%)، جزيرة سانت هلينا في المحيط الأطلسي (89%)، جنوب إفريقيا (73%)، ناميبيا (78%)، أنغولا (46%).
بشكل عام سوف ينتهي الكسوف الجزئي عند الساعة 9:53 مساءً بتوقيت السعودية (06:53 مساءً بتوقيت غرينتش) وبه تنتهي كامل مراحل الكسوف.
وقال: خلال الكسوف سيشاهد الراصدون ضمن مسار ظل القمر العديد من الظواهر الفريدة، مثل ظاهرة “خاتم الألماس” حيث يظهر ضوء الشمس ككتلة من طرف واحد للقمر متصل بحلقة من الضوء وهو عبارة عن الغلاف الجوي للشمس يسطع حول القمر.
ولأن سطح القمر ليس أملس تماماً يمكن رؤية تأثير يسمى “خرزات بيلي” مباشرة قبل حدوث الكسوف الكلي بلحظات، وهو بسبب ضوء الشمس المندفع بين الجبال والأودية والتضاريس المختلفة على سطح القمر وهذه الخرزات من الضوء تتلألأ حول حافة القمر.
وأضاف: أخيراً يحدث كسوف الشمس الكلي عندما يتم رؤية الغلاف الجوي للشمس المعروف باسم “الهالة”، عندها سوف تتكيف عين الراصد مع مستوى الضوء المنخفض الجديد، ومع تكيف العين فإن الهالة الشمسية تصبح مرئية، هذه الهالة تتكون من غاز في غاية السخونة ومشحون كهربائياً –البلازما– وتمتد ملايين الكيلومترات إلى الخارج نحو الفضاء.
وتابع: الهالة الشمسية ستظهر لتبرز وتكبر، وهذا فقط نوع من الخداع البصري، فالهالة الخارجية أخفت من الهالة الداخلية ومع تكيف العين مع الظلمة فإنها تصبح أكثر حساسية للضوء، لذلك يصبح الراصد قادراً على رؤية الأجزاء الخافتة من الهالة الخارجية، ولذلك يبدو أن حجمها يزداد، وعلى الرغم من ذلك فإن هذا التأثير البصري في غاية الروعة.
يعتبر هذا توقيتاً مثالياً لدراسة الهالة الشمسية كمصدر للتوهجات والجسيمات المشحونة التي تتدفق من الشمس، فالمعلومات قليلة عنها؛ بسبب صعوبة رصدها في الأحوال العادية، ولكن كسوف الشمس الكلي يمنح فرصة لمراقبتها.
وأردف: سيلاحظ على الأرض أن الطيور سيتوقف تغريدها خلال الكسوف الكلي؛ لاعتقادها بحلول الليل وأيضاً أزهار النهار تبدأ في إغلاق أوراقها والنحل يعود إلى مسكنه، وقد يشعر الناس بانخفاض طفيف في درجة الحرارة عندما يتم تغطية مصدر الحرارة الرئيسي “الشمس”.
لمراقبة كسوف الشمس يجب استخدام وسائل حماية العين مثل نظارات الخاصة بكسوف الشمس والتي تمنع أكثر من 99.99% من ضوء الشمس والأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء وهذه النظارات تجعل الشمس تظهر كقرص برتقالي أو أبيض في قبة السماء خاصة في مرحلة الكسوف الجزئي.
عند حدوث الكسوف الكلي وقرص الشمس مغطى تماماً بالقمر يمكن النظر بالعين المجردة وحدها مباشرة ولكن يجب التذكير بأن مدة الكسوف الكلي لا تستمر طويلاً.
علمياً يُستفاد من ظاهرة كسوف الشمس الكلي في عدة مجالات؛ حيث إنها استخدمت في العام 1919 لإثبات صحة النظرية النسبية العامة لأينشتاين والتي تنبأت بحدوث حيود للضوء عندما يعبر بالقرب بالأجسام عالية الكتلة مثل الشمس وتم تأكيد صحة ذلك.
أما في السنوات الأخيرة أصبح كسوف الشمس الكلي يخضع لدراسة الهالة الشمسية التي تبلغ درجة حرارتها ملايين الدرجات المئوية على عكس سطح الشمس البالغ 5.500 درجة مئوية فقط، ولا يوجد تفسير لذلك حتى الآن، لذلك تستغل هذه الظاهرة لمحاولة فهم هذه الظاهرة، ومحاولة معرفة السبب في قذف كميات ضخمه من البلازما إلى الفضاء عبر الانبعاث الكتلي الإكليلي، والبحث في إمكانية التنبؤ بالتوهجات الشمسية والمسبب لها، إضافة لإجراء عدة اختبارات متعلقة بطبقة الايونوسفير وبالاتصالات اللاسلكية وغيرها.
جدير بالذكر أن تشيلي والأرجنتين تشهدان هذا الكسوف الكلي بعد 531 يوماً فقط من كسوف كلي سابق، ولكن هذه المرة ستؤدي جائحة مرض فيروس كورنا العالمية المستمرة إلى تعقيد مشاهدة الحدث من قبل المهتمين حيث ألغى الآلاف خططهم للسفر جنوباً إلى جانب قيود السفر.