ملتقى ميزانية 2021 يتناول الاستثمار في التقنية والبنية التحتية الرقمية
تناولت جلسة “الاستثمار في التقنية والبنية التحتية الرقمية” ضمن جلسات ملتقى ميزانية 2021 العديد من المحاور والمتمثلة في حجم الاستثمار في الخدمات الرقمية ضمن رؤية المملكة 2030 خلال السنوات الماضية وأثرها في تجاوز أزمة كورونا، وحجم الأعمال والمنجزات للقطاع الرقمي خلال الأزمات، وكذلك الخدمات الحكومية الرقمية، وحجم الإنجاز خلال العمل عن بعد للقطاع الخاص والعام، والتركيز على التقنية لقيادة المستقبل.
وشارك في الجلسة كل من وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله بن عامر السواحة، ورئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” الدكتور عبدالله بن شرف الغامدي.
وأكد وزيرالاتصالات أن نهج المملكة واضح دائمًا في مواجهة التحديات والأزمات على مدى العصور، مبيناً أن عام 2020 أثبتت هذا النهج بوضع الإنسان أولاً والوطن فوق كل شيء من خلال تسخير التقنية والتحول الرقمي، متناولاً الجانب الاستثماري الذي بدأ بحزمة تحفيزية بـ 9 مليارات ريال، والشراكة مع القطاع الخاص بأكثر من 55 مليار ريال أسهمت في جعل البنية التحتية الرقمية متينة اليوم لمواجهة جميع التحديات والفرص في 2020 وبعد 2020، مستشهداً ببعض الأرقام والحقائق حول ذلك، ففي عام 2017 كانت المملكة خارج قائمة الـ100 دولة فيما يتعلق بسرعة جودة الإنترنت، واليوم المملكة من أفضل 10 دول عالمياً في جودة سرعات الإنترنت في الجيل الخامس, إذ أشاد تقرير أوبن سيجنال بالقطاع في تقرير التنافسية الرقمية للمركز الأوروبي للتنافسية.
وقال معالي وزير الاتصالات: “في الأزمات تتجلى الريادة والقيادة، وقد لمسنا من رياديّي ورياديات الوطن كل التفاني والإبداع وسط الجائحة، فلهم منا خالص الشكر والثناء، ففي مستقبل المملكة هناك 3 ركائز أساسية تتمثل في الحفاظ على المكتسبات الوطنية والبناء عليها، ونمو الأسواق الواعدة في المدفوعات الرقمية والذكاء الاصطناعي والتجارة الإلكترونية، وفتح آفاق وأسواق جديدة”.
وبين المهندس السواحة أن الإصلاحات الهيكلية والاستثمار الذي حصل في البنية التحتية المتينة مع الاستثمار في العقول والأصول والشباب أثمرت في أن تكون المملكة رقم واحد ضمن مجموعة العشرين، متطرقاً إلى النجاح الذي حقق في المدفوعات الرقمية والمناقشات حول ذلك التي تمخض عنها 20 شركة من البيئة التجريبية، ودورها في دعم الرياديين والمنشآت الصغيرة من مواصلة أعمالهم في وقت منع التجول.
وعدّ معاليه البنية التحتية الرقمية شريان الحياة للعمل عن بعد، حيث لم تدخر القيادة الرشيدة جهداً في دعم القطاع الرقمي بشكل عام بوصفه عصب الحياة للمستقبل وللوظائف والأسواق، إلى جانب قرار تحرير الطيف الترددي الذي أشاد به الاتحاد الدولي للاتصالات وكانت المملكة النموذج الأول, حيث ارتفعت من 260 ميجا هرتز إلى 1100 ميجا هرتز وهذا يعد الأكسجين للاتصلات المتنقلة.
وأشار إلى الضغوطات على شبكات الإنترنت بمختلف دول العالم، ودخول المملكة بكل اقتدار قائمة أفضل عشر دول بعكس الدول التي كانت متقدمة وخرجت منها الأمر الذي يدل دلالة واضحة على متانة البنية التحتية الرقمية للمملكة.
ونوه الوزير السواحة بنجاح المملكة ممثلة في الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) في إدرة وتشغيل أنظمة الاتصال المرئي لأكبر قمة تاريخية “قمة مجموعة العشرين”, معبراً عن شكره للفريق القائم على تشغيل أنظمة الاتصال الذي أظهر نجاحاً باهراً في قمة مجموعة العشرين.
من جانبه، أكد رئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، أن “سدايا” عاقدة العزم على المضي قدماً نحو تطوير وابتكار وتبني تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي وتوفير بيئة جاذبة، وبنية تحتية عالمية المستوى، ومنظومة متكاملة مبتكرة ومستدامة وأخلاقية خاصة بالبيانات والذكاء الاصطناعي، وصولاً إلى تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في هذا المجال.
وبين أن إقرار الميزانية الجديدة يُعد خير دليلٍ على مناعة الاقتصاد السعودي، وقدرته الكبيرة على الصمود أمام الأزمات، والتغلب على مختلف التحديات التي قد تواجهه وستنعكس بشكلٍ إيجابيٍ على مختلف القطاعات، وستسهم في رفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وتعزيز الاقتصاد غير نفطي، وتنويع مصادر الدخل.
وأشار معاليه إلى أن استثمار “سدايا” في كفاءاتها الوطنية وتطوير بنيتها التحية أسهم – ولله الحمد – في دعم جهود الجهات الحكومية للتعامل مع تداعيات الجائحة، وخلال مدة لا تتجاوز 4 أسابيع تم تطوير منظومة “توكلنا” الذي تم تخصصيها في البداية لإدارة عملية الإغلاق العام، واحتواء الجائحة، حيث تم إصدار 15 مليون تصريح للتنقل لمنسوبي الجهات الحكومية والقطاع الخاص والأفراد.
وقال الدكتور الغامدي: “ضمن منظومة “توكلنا”، أطلقنا تطبيق “تباعد”، الذي مر بتحدٍ كبير، وحققنا من خلاله المركز الثالث عالميًا في استخدام تقنيات قوقل وأبل لاكتشاف المخالطة، وهو التطبيق الوحيد عالميًا في استخدام بروتوكولين لاكتشاف المخالطة”.
وحول النجاح الكبير الذي حققته المنظومة، أوضح أن الهيئة استطاعت من خلال تطبيق “توكلنا” التعاون مع 17 قطاعًا حكوميًا لتوفير أكثر من 30 خدمة تسهل على المواطن والمقيم إنجاز أعمالهم، استفاد منها أكثر من 8 مليون و500 ألف مستخدم، مبيناً أن تطبيق “توكلنا” يتيح خاصية إقامة تجمع، والتصريح للتجمع سواءً في الملاعب والمباريات أو الأسواق، ويوفر للمستخدمين الحصول على بيانات الشخص وأفراد عائلته الأساسية.
وكشف أن عدد المسجلين في تطبيق تباعد حت اليوم بلغ 3 ملايين مستخدم، وتم تنفيذ أكثر من 3 مليارات عملية لاكتشاف المخالطين بدون أي تدخل بشري، مؤكداً أن هذا الجهد يقدر للجهات الصحية لإدارة العودة بحذر بكل احترافية.
وأكد أن “سدايا” تقع عليها مهمة جسيمة في تحقيق طموحات المملكة لعصر ما بعد النفط، حيث تسعى جاهدة للارتقاء بالمملكة إلى ريادة الاقتصادات القائمة على البيانات، وهي مستمرة في تطوير المشاريع الرقمية ولديها السمات الحيوية، والتأكد من الهوية، والنفاذ الموحد الذي وصل عدد الجهات المستفيدة منه 174 جهة انضمت، مبيناً أن المواطن الآن لا يحتاج الذهاب إلى هذه الجهات حتى تتحقق من هويته، فمن خلال هذه الأنظمة نستطيع التحقق وهذا يسهم في رفع جودة الحياة.
وبين الدكتور الغامدي أن “سدايا” وضعت ضمن المستهدفات تأهيل 20 ألف مختص محترف في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي من جميع القطاعات الحكومية وهذا تحدٍ كبير إلا أن هؤلاء المختصين سيكونون محترفين في هذا المجال النوعي.
وقال: “راهنا على طاقات الشباب والفتيات ودعمناهم لإنجاز منصة بروق خلال في وقت قصير، ولله الحمد، عقدت قمة العشرين الاستثنائية في شهر مارس الماضي باستخدام منصة بروق، بعدها بدأت الرحلة واستطعنا من ذلك اليوم إلى الآن أن نعقد أكثر من 800 اجتماع مرئي افتراضي من خلال هذه المنصة المتقدمة والآمنة، وأيضاً استطعنا عبر منصة بروق أن نعقد قمة العشرين الأخيرة في شهر نوفمبر، وخصصنا لها مركزاً للعمليات المشتركة استطاع أن يتصدى لعدد ضخم جدًا من الهجمات السيبرانية.
وأوضح أن “سدايا” استطاعت إطلاق الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي التي اعتمدها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله -، وتم الإعلان عنها في القمة العالمية للذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن “الاستراتيجية متفائلة بطبيعتها، وهي تقودنا -بإذن الله- إلى تحقيق رؤية المملكة 2030 من خلال البيانات والذكاء الاصطناعي وتقوم على 6 محاور رئيسة، ومن خلالها نطمح لأن نكون ضمن أفضل 15 دولة على مستوى العالم في مجال الذكاء الاصطناعي وفق المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي.
وفي إطار المنجزات، أوضح أنه تم الإعلان عن ترتيب المملكة في المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي، وحققنا بجهد العام الماضي المرتبة 22 على مستوى العالم والأولى عربيًا ونحن مستمرون في هذه الرحلة لنكون من أفضل 15 دولة، ومن أفضل 20 دولة في مجال المنشورات والبحوث العلمية في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي واستخداماتها في جميع المجالات الحيوية والأولوية لرؤية 2030.
وعبر الدكتور الغامدي عن تطلع الهيئة لدعم المبتكرين ورواد الأعمال لنكون ضمن أفضل 10 دول على مستوى العالم في مجال البيانات المفتوحة ولدينا طموح اقتصادي بأن نجعل البيانات والذكاء الاصطناعي وهو الاقتصاد القائم على المعرفة أن يكون أيضًا اقتصاد بديل قوي من خلال استثمارات تصل إلى 20 مليار دولار ما يعادل 75 مليار ريال سعودي استثمارات محلية وأجنبية في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى إنشاء 300 شركة ناشئة في هذا المجال بحلول عام 2030 بدون أدنى شك الشركات الناشئة هي نواة الاقتصاد المبني على المعرفة.
وفيما يتعلق بالخدمات الرقمية، قال: “من خلال عدة مبادرات رقمية نفذناها الفترة الماضية من بناء سحابة حكومية باسم “ديم”، واستطعنا من خلالها دمج أكثر من 120 مركز بيانات في عدة جهات حكومية، والتي وفرت بدورها 85% من صيانة البنية التحتية لتقنية المعلومات لدى الجهات المستفيدة، وحققنا وفورات تصل إلى مليار ريال سنويًا من خلال هذا الدمج على أن تذهب هذه القيمة إلى ميزانية الدولة لصرفها على مشاريع تنموية أخرى، ونستهدف بإذن الله استكمال هذه الرحلة حتى دمج 190 مركز بيانات بنهاية عام 2021 -بإذن الله-.
وأفاد أن الهيئة أنشأت بنك البيانات الوطني الذي مكننا خلال الفترة الماضية من دمج أكثر من 110 مجموعات بيانات من أنظمة ضخمة جداً في الدولة ووضعها في بحيرة بيانات متكاملة، ونحن نواصل تجويدها وإتاحتها للجهات الحكومية، وقمنا بالفعل بتوفير هذه البيانات لأكثر من 100 جهة حكومية، ونفذنا أكثر من 8 مليارات عملية مشاركة بيانات بين الجهات الحكومية المختلفة.
وأشار إلى أن المرحلة الراهنة هي لإطلاق الطاقة الكامنة لهذه البيانات من خلال منصة للذكاء الاصطناعي، حيث أسميناها منصة استشراف، وهي ترمي إلى خلق سيناريوهات استشرافية لإطلاق الطاقة الكامنة للبيانات وأيضًا مساعدة متخذي القرار على اتخاذ قرارات بناءً على بينة، ومن خلال “استشراف” استطعنا بناء أكثر من 40 سيناريو استشرافيًا لقيادات حكومية، وإيجاد فرص ووفورات وإيرادات تتخطى 43 مليار ريال سعودي، وهذا يعود أيضاً ليضاف إلى ميزانية الدولة للاستفادة منها في مشاريع تنموية أخرى تخدم المواطن والإنسان أولاً، وهذا يدعم المشاريع الرقمية التي سنقدمها خلال المرحلة القادمة.