متخصص: على الوالدين تنمية اتجاهات إيجابية لدى أبنائهما ليتقبلوا أنفسهم ويثقوا بها
يُعد “عدم تقدير الذات” أحد أهم التداعيات السلبية المترتبة على مشكلة العنف الأسري، وهي حالة تنشأ بسبب التزايد المستمر لضعف الثقة بالنفس ومشاعر الإحباط الناجمة عن “العنف”؛ ما يتسبب في تشويه الحياة الأسرية وعقمها عن إنتاج شخصيات تتمتع بالاتزان والقدرة على المساهمة في بناء المجتمع.
وحول ذلك الموضوع، قال المتخصص في الإصلاح الأسري “موسى شعلاني”: “هناك مجموعة من الآثار السلبية التي تنتج عن العنف الأسري وتؤدي هذه الآثار في مجملها إلى حالة من الانهيار، سواءً على مستوى الفرد نفسه أو الأسرة ذاتها والمجتمع كذلك”.
وأضاف: “يعتبر انعدام تقدير الذات من تلك النتائج التي تظهر وخصوصاً عند الطلاب في المرحلة المتوسطة وحتى الثانوية أحياناً، الذين يتعرضون للعنف الأسري، فالبعض منهم لا يشعر بقيمة ذاته، أو أنه متردد في اتخاذ قراراته، ولا يثق بنفسه، وسلوكه الاجتماعي عنيف”.
مفهومان مترابطان
وأردف “شعلاني” قائلاً: “تقدير الذات والثقة بالنفس مفهومان مترابطان، ويمكن تعريف تقدير الذات على أنه تقييم المرء الكلي لذاته، إمّا بطريقة إيجابية أو بطريقة سلبية، ويشير إلى مدى أهمية إيمان الفرد بنفسه وبأهليته وبقدرته على تحقيق أهدافه”.
وتابع: “يمكننا القول إن تقدير الذات والثقة بالنفس هما بالأساس شعور الفرد بكفاءته، وبطريقة الفرد بالحكم على ذاته تتحقق الثقة بالنفس، فإن شعر الفرد بأنه قادر على التكيف المستمر ومؤهل لذلك، ويشعر تجاه نفسه بطريقة إيجابيّة، فهذا كله يشير إلى محبة أو كراهية الفرد لنفسه، وبالتالي إما ازدياد الثقة بالنفس أو انعدامها”.
علاقة ارتباط
وقال المتخصص الأسري: “أثبتت معظم الدراسات في هذا الجانب أنه توجد علاقة بين العنف الأسري وتقدير الذات لدى طلاب التعليم العالي، وأن هناك فروقاً فردية للعنف الأسري تبعاً للنوع، كما توجد علاقة بين العنف الأسري ومستوى التعليم للقائم بالرعاية”.
دور الوالدين
وسلّط “شعلاني” الضوء على حقيقة أنه للقضاء على هذه الآثار الناتجة عن العنف الأسري لابد على الوالدين أن يكونا على وعي تام بذاتهما وتقديرهما لها؛ لما لذلك من بالغ الأهمية في نمو مفهوم سوي عن الذات لدى أبنائهما، وعليهما أن يعملا على تنمية اتجاهات إيجابية لدى أبنائهما؛ حتى يستطيعوا أن يتقبلوا أنفسهم ويقدروها ويثقوا بها.
وأشار “شعلاني” إلى أنه لا بد من العمل على التوفيق بين الآباء والأبناء بشكل متوازن، وإرشاد الأسرة وتوعيتها بمسؤولياتها عن طريق أجهزة الإعلام والندوات المدرسية والاجتماعية والإرشاد الأسري، إلى اعتماد أسلوب الرفق ومنح الحب والرعاية والابتعاد عن أسلوب الإهمال والقسوة في التعامل مع الأبناء.
واستعرض أشكال هذا الخطر المحدق بالأسرة، قائلاً: “قد يكون لفظياً كالازدراء والسخرية والاستهزاء والتوبيخ والشتم، أو بدنياً ويشمل جميع الأفعال بقصد إلحاق الضرر الجسدي بالابن”.
ويرى المختصون أن العنف يولد العنف؛ نظراً لأن الأسرة التي تسود علاقاتها العنف بين أفرادها غالباً ما يميل أطفالها أكثر إلى السلوك العنيف، ولا بد من تعليم الوالدين بأهم وأفضل أساليب التنشئة الاجتماعية، وأساليب المعاملة الوالدية وتأثيرها في سلوك الأبناء.
وصنَّف بعض الباحثين أنماط المعاملة الوالدية إلى ثلاثة أنماط كما ذكرها “بومريند”، وهي “الديمقراطي، والتسلطي، والمتساهل”، حيث أكدت دراسات غربية بأن النمط التسلطي في معاملة الأبناء يتسبب بعدة اضطرابات وجدانية وسلوكية مستقبلية؛ منها مشكلات في إقامة علاقات ودية، وانخفاض تقدير الذات وغيرها.