الأخبار المحلية

المملكة رائدة السلام وحلحلة الصراعات.. هكذا تعاملت مع الأزمات الطارئة

يسطر التاريخ أن المملكة العربية السعودية كانت -وما زالت- الأكثر حرصًا على دعم وحدة الصف الخليجي والعربي، وإيجاد الحلول والأرضيات المشتركة بشكل عام، وبشكل خاص في الأزمة الطارئة مع قطر بتعاون كل الأطراف؛ وهو أمر يتسق مع مبادئها الراسخة منذ أن تأسست على يد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود (طيب الله ثراه).

ولا شك أن المملكة بدورها الدبلوماسي الرائد والناشط في القضايا العربية والإسلامية والدولية تدرك تمامًا تبعات استمرار الأزمة الطارئة على النسيج العربي والخليجي، وما يحاك للمنطقة من دسائس ومؤامرات، ومحاولات بعض الأطراف الخارجية استغلالها؛ بغية تعميقها، وتوسيع الفجوة، والاقتيات من ورائها؛ لأغراض وأجندات سياسية مختلفة.

وتنبع أهمية الدور السعودي في المنطقة من كون المملكة حائط صد أمام الأطماع الخارجية، ومشروعات التمدد التوسعية، وناسفة للأجندات التخريبية لبعض الدول والجماعات والحركات الإرهابية، كما يلاحظ المتابع للدبلوماسية والسياسة السعودية إيمانها الكامل بالحل السياسي والحلول الوسطية لما يواجه المنطقة من أزمات ومشاكل، فقد كانت وما زالت الداعم الأول لرأب الصدع، وترتيب البيت العربي والخليجي، وحل المشاكل العربية من الداخل دون اعتماد على الخارج.

الحل السياسي

وقد كانت المملكة العربية السعودية داعمة للحل السياسي والدبلوماسي للأزمة الطارئة مع قطر منذ اليوم الأول لاشتعالها في 5 يونيو 2017م؛ إذ سارعت السعودية لمحاولة رأب الصدع، والتجاوب مع كل المبادرات مثل الوساطة الكويتية؛ سعيًا لإعادة المياه لمجاريها.

وتعضد تصريحات وإشارات وزير الخارجية، الأمير فيصل بن فرحان، ذلك المسلك السعودي في الوصول للحلول السلمية عبر الجهود السياسية والدبلوماسية مع القطريين؛ إذ قال قبل أكثر من شهرين في حديث بالفيديو مع معهد واشنطن: إن الرياض لا تزال تواصل العمل مع “الإخوة في قطر”؛ مشيرًا إلى أنه في “حال التزام الأشقاء في قطر بمعالجة الدواعي الأمنية التي دعت الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب لاتخاذ قراراتها؛ فإن ذلك سيكون جيدًا لأمن واستقرار المنطقة”. مضيفًا: “نأمل منهم الالتزام بالعمل معنا لحل الأزمة الخليجية”.

ويظهر تفاؤل الأمير فيصل بن فرحان بحل الأزمة في تصريحاته التي أعقبت بيان وزير الخارجية ووزير الإعلام الكويتي بالوكالة، الدكتور أحمد ناصر المحمد الصباح؛ وذلك قبل نحو 3 أسابيع، حينما قال: “إنني متفائل إلى حد ما بأننا على وشك الانتهاء من اتفاق بين جميع الدول المتنازعة للتوصل إلى حل نعتقد أنه سيكون مُرضيًا للجميع”؛ مشيرًا إلى أن هناك “تقدمًا كبيرًا” تم إحرازه خلال الأيام الماضية فيما يخص حل الأزمة.

كما كانت المملكة أول المسارعين إلى الحلول السياسية والدبلوماسية عندما اشتعلت أزمة سحب السفراء الخليجيين من الدوحة في مارس 2014م إلى حل الأزمة، وإعادة قطر للحاضنة الخليجية؛ وذلك عبر رعايتها اتفاق الرياض، الذي بموجبه عاد سفراء دول السعودية والبحرين والإمارات إلى الدوحة في نوفمبر 2014م بعد تعهد قطر بالالتزام ببنود الاتفاق.

باع طويل

ويمكن القول إن للسياسة السعودية باعًا طويلًا في حل الأزمات التي تطرأ على المنطقة بين الحين والآخر؛ فقد كانت المملكة خير مُعين للفرقاء اليمنيين، عندما وضعت حدًّا للصراعات البينية بين رفقاء السلاح ضد الانقلاب الحوثي، برعايتها لاتفاق الرياض، الذي نتج عنه التوصل إلى تفاهم يقضي بتخلي المجلس الانتقالي الجنوبي عن الإدارة الذاتية، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية جديدة.

كما استطاعت المملكة بحنكة قيادتها الرشيدة وجهود دبلوماسيتها إيقاف نزيف الدماء في القرن الإفريقي، بعقد اتفاقية سلام تاريخية بين الجارتين إثيوبيا وإريتريا؛ فيما عُرف باتفاقية جدة 2018؛ حيث وقّع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي، اتفاقية جدة للسلام بين البلدين، ليطوي البلدان صفحة أطول نزاع في القارة الإفريقية، الذي امتد لما يقرب من 20 عامًا، وسقط فيه أكثر من 100 ألف نفس ما بين قتيل وجريح من الطرفين، وأنفقت على تلك الحرب ما يزيد على 6 ملايين دولار.

ويضاف إلى أدوار المملكة البارزة في حلحلة الصراعات والأزمات في المنطقة، دورها البارز في كابول بإنهاء الخلافات بين الفرقاء الأفغان، باستضافتها المؤتمر الدولي للعلماء المسلمين حول السلام والاستقرار في أفغانستان في مدينة جدة، وكان بمثابة المبادرة الأخوية والإنسانية التي تهدف إلى إنهاء فصل الصراع الطويل في أفغانستان؛ وتتويجًا لجهود خادم الحرمين وولي عهده الأمين.