عجوز الأفراح
اللقافة تصدر من الإنسان الذي يتدخل في أمور لا تعنيه ويريد معرفة كل شيءلحاجة في نفسه حتى التي لم يصل إليها العلماء حتى الآن!! فالملقوف يعيش،حالة من الغيرة والحسد والتطفل الزائد، ومراقبة الناس فيبدأ يتحدث عما يراه ومن هنا ينشأ التأليف، واللقافة عادة مقيتة تنتج من الفراغ الزائد، وكذلك من الشعور بالنقص، حيث يحاول أن يصبح مثل هذا، ثم يتمنى أن يكون مثل ذلك! تساؤلات ووساوس وتخيلات تعيش بداخله عن كل شيءويحرص أن يجد إجابة لها وبأي ثمن كانت! فهو لا يرتاح ولا يهنأ له بال إلا عندما يتدخل بكل شيء ويحشر أنفه فيه فيسأل هذا كم عمرك؟ كم راتبك؟ هل أنت مستأجر أم في بيت ملك؟ ويسال هذاك لماذا لم تتوظف؟ لماذا لم تتزوج؟
أو ينادي شخص أمام الجميع
يا سمين لماذا لا تعمل ريجيم؟!
كذلك المرأة المتزوجة لم تسلم من اللقافة، مافيه شيء بالطريق؟ أعرف فلانه تزوجت معك عندها ثلاث أبناء!
والغير متزوجة تأتيها الأسئلة من كل صوب وصوب، عمرك رآح، اللي كبرك أولادها يخدمونها، فبدلا من رفع معنوياتها، جعلوها أسيرة التفكير والإحباط!
واليوم حتى وسائل التواصل تشتكي من الملاقيف قائلة :
“أبت اللقافة أن تفارق أهلها
وأبى اللقيف بأن يكون حكيما”
وبيوت الله أيضا لم تسلم من اللقافة التي تكون داخل المسجد فعندما تصلي في بعض المساجد يغزونك بعض المصلين بعيونهم ولا تعلم هل تكمل صلاتك أو تفكر فيهم، وعندما تكون غريباََ في إحدى المساجد توجه عليك عيون الملاقيف وكأنهم يطلبون منك أن توزع عليهم حسنات!
وبعض المصلين”الملقوف”عند كل تسليمه يلتفت للصف من جهة اليمين ثم يلتفت لليسار ثم للخلف لا أعلم عن من يبحث وماذا يقصد من هذه الحركة الفضولية بشكل مستمر ومؤذي لجماعة المسجد؟!!!
لذلك أنا أشبه الملقوف “بعجوز الأفراح” وهي المرأة الكبيرة التي تجلس في مناسبات الزواج تراقب هذه وتلك لتأتي بتقرير تفصيلي عن حركاتها وسكناتها ولفتاتها وعدد فناجين القهوة التي شربتها وعدد بناتها، وكمية الشوكولاتة والتمر التي التهمتها لتقدم هذا التقرير بشكل كامل ومفصل ودقيق إلى صويحباتها في جلسة العصر أو جلسة المغرب.
همسة،،
من أهم النصائح المتبعة للتعامل مع الملقوف :
٠ خيار الصراحة وهو أن تواجهه مباشرة بعبارة “لا أرغب في الإجابة على سؤالك”
أو هذا أمر يخصني وحدي واحب احتفظ به، أو “عفوا لماذا تسأل”
٠ استخدام الحس الفكاهي وتحويل الحوار إلى مزاح مثل كم عمرك؟ فتكون الإجابة، نفس عمرك! وقس على ذلك.
٠ خيار التجاهل وهو تجاهل الملقوف وكأنه غير موجود، وإذا أصر على اللقافة ينظر إليه نظرات ليوصل إليه رساله أنني
لا أعترف بوجودك!
وهذه طريقة ناجعة جدا في مواجهة الملقوف.
ختاما،،
قال الإمام ابن القيم – رحمه الله – :
قد جمع النبي ﷺ الورع كلهُ في كلمةٍ واحدة فقال : “من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه” ؛ فهذا يعمّ التركَ لِمَا لا يعني من الكلام ، والنظر ، والاستِماع ، والبطش ، والمشي ، والفكر ، وسائر الحركات الظاهرة والباطنة ؛ فهذه الكلمة كافية في الورع!