الأخبار المحلية

هل ينبغي أن نقلق من سلالات كورونا المتحورة؟ “الشمري” يجيب.. وتلك هي المفاجأة

حالة من الهلع والفزع اجتاحت العالم بأسره منذ إعلان بريطانيا اكتشاف سلالة جديدة متحورة لفيروس كورونا، قادرة على التفشي بشكل أسرع، ولاسيما بعد أن ظهرت تلك السلالة في دول أخرى؛ وهو ما أدى إلى إعلان الكثير من الدول غلق حدودها البرية والجوية والبحرية لفترات متباينة إلى حين التبيُّن أكثر حول مدى عدوانية الفيروس في حلته الجديدة المتحورة.

تلك الحالة من القلق لم تكن السعودية عنها بمعزل؛ فقد تعددت تساؤلات المواطنين والمقيمين طوال الأيام القليلة الماضية عن مدى قدرة اللقاح على مجابهة السلالة الجديدة، وكيف يمكن أن يتجنب السعوديون الإصابة بها، فضلاً عن محاولة فهم السؤال الأبرز: لماذا تحور “كورونا”؟ وما مدى خطورة ذلك؟

متوقعة واعتيادية

ويُطمئن صفوق الشمري، بروفيسور الطب التجديدي المشارك بجامعة أوساكا اليابانية، المتابعين بقوله: إن عملية تحور الفيروس متوقعة، ولا تمثل خطورة إلا في سرعة الانتشار، وإن كانت قد تحمل مفاجأة سارة في نهاية المطاف.

ويقول “الشمري” في تصريحات إلى “سبق”: “إن عملية تحور الفيروسات هي عملية اعتيادية. فإذا أخذنا فيروس كورونا (كوفيد-19) لوجدنا أنه يتغير بمعدل مرتين في الشهر، وإذا تكلمنا عن الفيروس المتحور في بريطانيا فنحن نتكلم عن ٢٩ تغيُّرًا مقارنة بفيروس كورونا الصيني في بدايته”. مضيفًا: “أي إن هناك فقط بعض الزيادة عن المعدل إذا حسبنا عدد الأشهر. فالتحور الذي حدث كان أكثر من ربعه في بروتين الأشواك (بروتين (Sالذي يعتبر مثل المفتاح لدخول الفيروس لخلية الإنسان. أي إن الفيروس أصبح أكثر مرونة وجذبًا في دخول الخلية؛ وهو ما زاد من سرعة الانتشار. لكن هذا التحور لم يؤثر كثيرًا على ضراوة أو شدة الفيروس وشدة المرض.. مجرد زيادة الانتشار، دون زيادة شدة المرض”.

مفاجأة سارة

وعلى الرغم من التأثير السلبي على الناس لمجرد سماع أخبار تحوُّر الفيروس إلا أن ذلك قد يحمل أخبارًا سارة، وجوانب إيجابية أيضًا في الحقيقة، كما يشرح ويوضح بروفيسور الطب التجديدي المشارك ذلك بقوله: “إن التحوُّر في الفيروسات عمومًا قد يكون له جوانب إيجابية أيضًا. صحيح أنه قد يزيد من سرعة الانتشار في حالات لكن في حالات أخرى قد يسبب التحور للفيروسات خللاً في الفيروس، وقد تضمحل الفيروسات والأمراض مع الوقت بسبب التحورات”.

اللقاحات فعّالة

ولكن يظل التساؤل الأبرز للكثيرين: هل يؤثر ذلك على فاعلية اللقاحات؟ يجيب “الشمري” قائلاً: “إن اللقاحات ما زالت فعالة ضد هذه السلالة. وكما ذكرنا سابقًا، نحن نتكلم عن بعض التغييرات، بينما بروتين Sيتكون من ١٢٧٣ حمضًا أمينيًّا”.

ومع ذلك يرى “الشمري” أن هذه السلالة المتحورة قد تكون سببًا إضافيًّا في جعل الناس حريصين على تلقي اللقاح أكثر وأسرع، مشيرًا إلى أنه لا يوجد سبب للهلع؛ إذ إنه سابقًا كان لا توجد طريقة لمنع انتشار الفيروس إلا الإغلاقات والإجراءات الوقائية، بينما الآن هناك طريقة فعالة ومتوافرة وآمنة، وهي اللقاح، ولا يوجد سبب لتردد الناس في تلقيه، على حد تعبيره.

القيادة القدوة

ونوه البروفيسور المشارك بجامعة أوساكا اليابانية بأهمية خطوة تلقي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، الجرعة الأولى من لقاح كورونا علنًا، وهو ما تناقلته وسائل الإعلام المحلية والعالمية بالإشادة والثناء، قائلاً: “هذا ما يسمى في علم القيادة والإدارة بـ(القيادة بالقدوة)؛ فالأمير قائد، ويعرف تأثير القدوة والمثال على الشعب؛ لذلك نرى تضاعف الحماس للقاح بعد تلقيه له، وهذا أيضًا يدل على الشعبية الجارفة له بين المواطنين. وأتوقع أن يكون لخطوة ولي العهد ردود فعل إيجابية في انتشار اللقاح بين المواطنين، وسرعة عودة الحياة شبه الطبيعية للبلاد”.

لا أوبئة طويلة مجددًا

ويعلق “الشمري” على تصريح تيدروس غيبريسوس، مدير منظمة الصحة العالمية، الذي أشار فيه إلى أن جائحة “كوفيد-19” لن تكون الأخيرة، قائلاً: “هذا تصريح ناقص، ويُخرج نصف الحقيقة فقط، ويقود الناس لاستنتاجات غير دقيقة.. فأزمة كورونا الحالية قد تكون آخر الأزمات في العالم بهذا الشكل الطويل وهذا الانقطاع”.

ويتابع موضحًا: “خلال الأزمة كان هناك طفرة في التقنيات الطبية الجديدة، وتم تطوير تطبيقات طبية عدة. فعلى سبيل المثال: تم استخدام تقنية mRNA ، وسنرى خلال سنوات كفاءتها على المدى الطويل؛ وهو ما يعني أنه إذا كان هناك أوبئة أو فيروسات مستقبلاً فسنحتاج نحو ٦ أسابيع لتصنيع لقاح من خلال تقنية mRNA بعد انتشارها ونضجها، وبعد أن نحلل الشفرة الوراثية للفيروس الجديد”.

ويتوقع الباحث السعودي أنه بناء على هذه المعطيات، ومكتسبات أزمة كورونا، فإنه لن يكون هناك أوبئة مستقبلية بهذه المدة الطويلة وبهذا الشكل؛ لأننا لن نعيد اختراع العجلة، بحسب تعبيره.

ويرى أن هذه الأزمة التي عاشها العالم أحدثت طفرة في تطوير الأجسام المضادة، كما أنتجت تقنيات طبية كثيرة، ستغيّر شكل الطب والتعامل مع الأوبئة مستقبلاً، كما يمكن أن تفيد في مجالات الطب الأخرى غير الأوبئة.