“قمة العلا” تتجاوب مع التحديات.. والمملكة تعيد التضامن إلى محركات العمل الخليجي
تجاوبت القمة الـ41 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي احتضنتها المملكة في محافظة العلا اليوم (الثلاثاء)، مع العديد من التحديات الأمنية والصحية والاقتصادية التي فرضت نفسها ولا تزال على دول المجلس والمنطقة والعالم أيضاً؛ ما جعل من التضامن مطلباً حيوياً للدول الخليجية، للتعامل مع هذه التحديات والتغلب عليها، وهو الخيار الاستراتيجي الذي أنجزته السعودية بالتشاور مع شقيقاتها في دول المجلس، انطلاقاً مما تتمتع به من مكانة متميزة على صعيد تعزيز وحدة الصف الخليجي، ودعم العمل المشترك.
إنجاز سياسي
وكما عبرت أجواء الترحيب الأخوية التي استقبل خلالها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أشقاءه قادة وفود الدول المشاركة، فقد نجحت القمة في تنقية الأجواء وتحقيق المصالحة التي أنهت الأزمة القائمة منذ 2017، ووضعت قطيعة معها تمهيداً لمواجهة التحديات التي تواجه دول المجلس، وقد تجلى التوافق العام والتصميم على تحقيق المصالحة جلياً في توافق جميع أعضاء المجلس على “بيان العلا” وتوقيع قادة الوفود المشاركة عليه دون إبداء أي ملاحظات، في تجسيد لقيمة الإنجاز السياسي الذي حققته السعودية بالتعاون مع شقيقاتها في مجلس التعاون.
ولأهمية التحديات التي تواجه الدول الخليجية فقد حظيت باهتمام وافر من ولي العهد في كلمته بالقمة، قائلاً: “نحن اليوم أحوج ما نكون لتوحيد جهودنا للنهوض بمنطقتنا ومواجهة التحديات التي تحيط بنا” وتعكس صيغة الخطاب الجماعي، وروح الجماعة التي تحدث بها الأمير محمد بن سلمان قوة استشعار السعودية لأهمية العمل الخليجي المشترك في مواجهة التحديات الجسيمة التي تواجهها المنطقة، وفي صدارتها التحدي الأمني الذي تمثله إيران وتحركاتها الأخيرة لامتلاك سلاح نووي بعد إعلانها إعادة استئناف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة، وكذلك المناورات العسكرية واسعة النطاق التي تجريها حالياً ضمن تماديها في زعزعة استقرار المنطقة.
تهديدات إيران
وحذر ولي العهد من التهديدات الإيرانية التي “يمثلها البرنامج النووي للنظام الإيراني وبرنامجه للصواريخ الباليستية ومشاريعه التخريبية الهدامة، التي يتبنّاها ووكلاؤه من أنشطة إرهابية وطائفية هدفها زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة”، واضعاً القادة المشاركين في القمة “أمام مسؤولية دعوة المجتمع الدولي للعمل بشكل جدي لوقف تلك البرامج والمشاريع المهددة للسلم والأمن الإقليمي والدولي”.
وتحتاج هذه التحديات كافة إلى تكاتف وتعاضد وتضامن دول مجلس التعاون في مواجهتها، ومن المؤكد أن “قمة العلا” ستشكل منعطفًا جديدًا في مسار تطوير المنظومة الخليجية، وإعادتها إلى سابق عهدها في الاستناد للقيم المشتركة التي تربط شعوبها، وقد تجلّى هذا الخطاب التحديثي بوضوح في كلمة ولي العهد الذي قال: “لقد تم تأسيس هذا الكيان استنادًا إلى ما يربط بين دولنا من علاقة خاصة وقواسم مشتركة متمثلة في أواصر العقيدة والقربى والمصير المشترك بين شعوبنا، ومن هذا المنطلق علينا جميعًا أن نستدرك الأهداف السامية والمقومات التي يقوم عليها المجلس؛ لاستكمال المسيرة وتحقيق التكامل في جميع المجالات”، وهو ما يرجح أن هذه القمة ستكون بمثابة انطلاقة جديدة في مسيرة العمل الخليجي.