التشهير بالمتحرش.. مختصّ: الموافقة جوازية والجريمة وضيعة والعيون لا ترحم!
أوضح الباحث والمؤلف في الشأن الاجتماعي عبدالرحمن القراش لـ”سبق” حول موافقة مجلس الوزراء على إضافة فقرة “جواز التشهير بالمتحرش في الصحف بعد تضمين ذلك في الحكم القضائي”، قائلاً: “إن التحرش جريمة وضيعة، وما يميزها عن باقي جرائم الاعتداء على النفس أن مرتكبها لا يقصد مجرد إشباع نزوة ملحة، أو الإيذاء البدني لضحيته، بل الأهم من ذلك هو تعريضها للإهانة والتحقير في محاولته البائسة لفرض سيطرته والشعور ولو لوهلة بقوته وبضعفها”.
وأضاف: “كما لا يعبر فقط عن انحراف مرتكبها، بل عن تقصير بالغ لدى المسؤولين عن التربية في المنازل، والتعليم والرقابة على الإنترنت أو ما يبثّ عبر وسائل الإعلام المختلفة، فالتحرش هو بالقطع سلوك سيئ ينبي عن شخصية غير سوية، ليس لدى القائم به ضمير حي يستشعر فداحة فعله، وهذا يعنى أن المسألة لا تقف عند حدود التحرش، بل إنه يعني غياب الرادع الذي ينهاه فيخلق منه شخصية جنائية من الممكن أن تقوم بأفعال شائنة في حال تأكده من عدم وجود عواقب وخيمة”.
وأوضح أنه يمكن أن نقسم الروادع إلى أربعة أقسام؛ وهي: الدين، الأخلاق، القانون، العرف الاجتماعي، فإذا فقدت من الإنسان فإنه بلا شك لا يستطيع السيطرة على شخصيته؛ لأنه لا يملك التفكير بالتوابع التي تحدث بسبب فعله، لذلك يجب عند فرض القوانين أن تكون صارمة ذات فاعلية وفي نفس الوقت يجب أن تكون إصلاحية تساهم في خفض هذه الجريمة”.
وتابع: “وبما أننا نعيش في بلد يقدر أفراده (العرف الاجتماعي) فإن عقوبة التشهير من أقوى العقوبات التي يمكن أن تؤثر بالإيجابية عند تطبيقها في حق الجاني، لكن في نفس الوقت ربما يكون لها تبعات ليس على المتحرش فحسب، بل قد تطال مستقبله وأسرته وعمله ووظيفته والمكان الذي يعيش فيه وآثاره السلبية لن تكون سهلة”.
وأردف: “لذلك نحن لا نبحث عن عذر للجاني ليتم التخفيف عنه، لكن يجب عند فرض هذا القانون، وهو التشهير، أن تسبقه حملة توعوية كبيرة يقودها التعليم والإعلام والشؤون الاجتماعية تساهم في التعريف بخطر التحرش وعواقبه الوخيمة على الفرد والمجتمع، بالإضافة إلى أن يكون التشهير آخر الحلول بحيث يتم تفعيله في حال تكرر هذا الفعل من الجاني”.
وأشار إلى أنه “يجب أن يكون هناك توضيح أن العقوبة قد تطال (الرجل والمرأة) على حد سواء، ولا تطبق إلا في حال وجدت القرائن لكي لا يتخذ هذا القانون ضد أحد، فأحيانًا يكون الابتزاز سبيل أحد الطرفين لتصفية الحسابات؛ لذلك من المهم أن يدرك الجميع أن مخالفة الأخلاق والذوق العام تنعكس نتائجها السلبية على المجتمع، وفي حال فرض قوانين تأديبية يجب أن تكون إصلاحية تساهم في التقويم وتعديل السلوك لا العقوبة فقط، لكي لا نخلق جيلًا تكون العقوبات التي لحقت ببعض أفراده وصمة عار تكبر اجتماعيًّا مع مرور الزمن”.
وختم “القراش”: “كما لا نغفل عن إيجاد حلول صحية ونفسية وسلوكية للضحية بحيث يتم من خلالها معالجة الآثار السلبية التي وقعت عليها؛ لأن العقوبة التي تقع على الجاني لن تكون كافية لمحو الآثار التي خلفها، خصوصًا الجوانب النفسية؛ لذلك أرى أن يكون هناك برامج تأهيلية تساهم في رفع هذا الضرر ودمجها مع المجتمع بشكل جيد، بحيث تقطع الطريق في المستقبل أمام الدعوات الفردية للانتقام الشخصي أو الانطواء والانكفاء على الذات هربًا من عيون الناس التي لا ترحم”.