مكالمة لم يرد عليها
عن عائشة رضي الله عنها; أن رسول الله- ﷺ قال:
( من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله; سخط الله عليه وأسخط عليه الناس )
جميعنا نواجه الكثير من الأمور في حياتنا التي من الممكن أن تؤثر علينا وعلى تصرفاتنا بشكل ملحوظ ومن أكثر الأمور التي نواجهها هو كلام الناس،فأصبح هناك من يراقب كلام الناس ماذا قالوا عنه؟ وماذا قالوا فيه؟ فإذا وجد منهم المديح والثناء أصبح سعيدا مسرورا، وإذا وجد منهم الذم والقدح أصبح في ضيق وهم وحزن وعذاب نفسي وأصيب بالإحباط والهزيمة وضاع وقته وأجمل أيامه وهو مشغول بكلام الناس، لذلك لا تفكر بما يقوله الناس عنك ما دمت تسير على الطريق الصحيح فمن أحبك احترمك وفرح لفرحك وحزن لحزنك، فإن أخطأت لم يجاملك بل يسعى جاهدا لتصويب خطئك وتصحيح ذلك لك لأنه يحبك ويخاف عليك ربما أكثر من نفسه، وينصحك خوفا عليك من أن تقع في الخطأ والزلل و يفرح إذا رآئك ناجحا في أعمالك وفي حياتك بشكل عام، أما من يكرهك ويحقد عليك أو يغار منك فغالبا لن يتوقف عن الحديث عنك بكل مكان، وتشويه صورتك أمام الآخرين ونقل الكلام عنك في كل مجلس وفي كل اجتماع ليس لأنه يهتم بأمرك بل لتسلية نفسه أو لتعويض النقص لديه في شخصيته المهزوزة فيبدأ بحياكة القصص واختلاق الأقاويل والكذب والتدليس ليكون هو البطل المغوار لمن حوله بدون أي مراعاة لك أو لمشاعرك، وربما يصل به الأمر أن يتجسس عليك وعلى عملك وتنقلاتك اليومية ويتتبع اخبارك ويسأل عنك من يعرف ومن لا يعرف ليرضي المرض الذي في قلبه؛ وإن من يشغل تفكيره فيما يقوله الناس عنه سوف يرهق نفسه ويستنزف طاقته، ويتوقف عن السير في هذه الحياة لأنه أصبح محطم نفسيا، وجعل كلام العذال والحساد والمنافقين يعرقل مسيرته في حياته لذلك لكي تستطيع أن تتجاهل كلام الناس وتنجح في حياتك إليك التوجيهات التالية :
١- لا تلقي أي أهمية أو بالا لكلام الناس فلا يوجد إنسان مثالي أو كامل على وجه البسيطة فالكمال لله وحده، كن كما أنت على السعي لتطوير ذاتك وإسعاد نفسك ومن حولك فهناك من يتمنى لو كان مكانك.
٢- تقبل نفسك كما خلقك الله عليها، واشكر الله أن خلقك على هذه الخلقة الجميلة فكل شيء من الله جميل ولا تهتم بمن يتكلم ويقول عنك ما يقول سواء في مظهرك أو تصرفاتك.
٣- لا تفكر في مديح الناس وثناءهم والحرص على ذلك وأعلم أن هؤلاء الناس لديهم ما يشغلهم غير الانتباه لك وتتبع أفعالك.
٤- ابتعد عن القلق وأعلم أن الناس سوف يتكلمون سواء اشغلت نفسك في كلامهم أم لم تشغل نفسك فالنتيجة واحدة.
٥- الناس لايتوقفون عن الكلام والانتقاد مهما عملت وذلك لأن الناس مختلفون في طبائعهم وأفكارهم واذواقهم وارضائهم جميعاً من المستحيلات فلتكن قراراتك مبنية على أخلاقك وعاداتك وتقاليدك ومبادئك
وما يرضي الله سبحانه.
٦- اعلم أن كلام الناس مثل الأعشاب والشوك فالأعشاب التي تتمايل على سطح البحيرة بنعومة يمكن أن تخفي تحتها التمساح، والشوك الذي ملأ الحديقة المهجورة بلونه القاتم هو ذاته الذي أطلع الوردة الزاهية فلا تعطي كلام الناس أي أهمية.
همسة،،،
إذا أردت أن تتقدم في حياتك وتغير وتحسن من وضعك فعليك التركيز على غايتك ودورك فى هذه الحياة ودع القلق والتوتر والخوف من الغد ومن كلام الناس وفكر فقط فيما عليك فعله اليوم ولا تنشغل بالدفاع عن أحد أو التبرير عن سلوكك أو الحرص على رضا الناس أجعل من كلام الناس رقماً مقداره صفر إن أضفته أو أنقصته لا يكون له أي تأثير، وعليك بتقوى الله وهو حافظك وخير معين.
ختاما،،،
“من يظن أنه يسلم من كلام الناس فهو مجنون، قالوا عن الله ثالث ثلاثة وقالوا عن نبينا محمد ساحر ومجنون، فما ظنك بمن هو دونهما ؟ فكلام الناس مثل الصخور، إما أن تحملها على ظهرك فينكسر أو تبني بها برجا تحت أقدامك فتعلو وتنتصر”
وقل لنفسك دائما وأبدا كلام الناس بالنسبة لي مكالمة لم يرد عليها.
ودمتم بود،،،
بقلم : حمود بن عوض الحيسوني
القصيم – بريدة