“المعلمي” يؤكد التزام السعودية بالسلام خيارًا استراتيجيًّا وعدم قبول أي مساس باستقرار المنطقة
أكد مندوب المملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة، السفير عبدالله بن يحيى المعلمي، أن المملكة العربية السعودية تقف على إرث عظيم من المبادئ والثوابت التي ترتكز عليها سياستها الخارجية، وعلى رأسها الاتجاه الدائم نحو الحلول السلمية للنزاعات، ومنع تفاقمها، واعتماد جهود الوساطة التي يشاركها سمو الهدف وسلامة المقصد.. مشددًا على التزام السعودية بالسلام خيارًا استراتيجيًّا، وعلى اهتمامها وحرصها على وحدة الأراضي العربية، وسيادتها، وسلامتها، وعدم قبول أي مساس يهدد استقرار المنطقة.
جاء ذلك في كلمة السعودية التي سلمها اليوم لمجلس الأمن الدولي في جلسته المنعقدة تحت بند “الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك المسألة الفلسطينية”.
وأعرب السفير المعلمي في بداية الكلمة عن تقدير وفد السعودية للرئاسة التونسية لمجلس الأمن لهذا الشهر، وجهودها المتميزة، ودورها البناء، مقدمًا شكره للمنسق الخاص السابق للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف على جهوده الحثيثة خلال فترة تكليفه بهذا المنصب، ومرحبًا بخلفه تور وينسلاند.
وأوضح المعلمي أن حل القضية الفلسطينية يشكل أكبر التحديات التي تواجه المنطقة من أجل تحقيق الاستقرار والأمن والازدهار والتنمية، كما أن الدور الهدام الذي تقوم به قوى إقليمية في المنطقة يشكل تهديدًا خطيرًا للأمن والاستقرار؛ إذ تسعى هذه القوى من خلال أجندتها التوسعية إلى بسط نفوذها دونما اكتراث بالنتائج العكسية التي تمخضت عنها سياساتها العدائية على دول المنطقة، عبر دعم الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية والفتن الطائفية. مشيرًا إلى أنه من غير معالجة هذه القضايا لن تتمكن المنطقة من التقدم نحو مستقبل أفضل لشعوبها التي عانت من ويلات الفتن والصراعات والحروب.
وشدد معاليه على نهج السعودية الثابت ومواقفها الراسخة تجاه القضية الفلسطينية، وعلى أن هذه القضية تأتي على رأس أولويات واهتمامات السعودية، وأن السعودية تقف مع الشعب الفلسطيني للوصول إلى حل عادل وشامل وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي أقرتها القمة العربية في عام 2002م، التي تدعو إلى انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967م، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وأشار إلى إدانة السعودية قرار إسرائيل المصادقة على إنشاء 800 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، ورفضها القاطع لهذه الخطوة بوصفها انتهاكًا جديدًا لمقررات الشرعية الدولية، وتهديدًا للسلام، وتقويضًا لجهود حل الدولتين. مفيدًا بأنه يتضح من هذه الخطوة أن إسرائيل مستمرة في عدوانها تجاه الشعب الفلسطيني غير مكترثة بالمعاناة التي لحقت بالفلسطينيين جيلاً بعد جيل، بداية من اغتصاب أراضيهم، مرورًا بانتهاك حرماتهم، وسلب حرياتهم، وتهجيرهم، وانتهاء بمحاولة شرعنة هذه السياسات العدائية.
وجدد السفير المعلمي دعوة السعودية المجتمع الدولي ومجلس الأمن للوقوف بحزم تجاه هذه السياسات الإسرائيلية، والدفع بعملية السلام قدمًا للوصول إلى اتفاق يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة؛ إذ إن السلام العادل والشامل هو الخيار الاستراتيجي، وليس سياسات الأمر الواقع والقوة الجبرية الغاشمة.
وقال المعلمي: “تدين المملكة العربية السعودية العمل الإرهابي الجبان الذي استهدف مطار عدن تزامنًا مع وصول الطائرة التي تقلُّ أعضاء الحكومة اليمنية الجديدة، كما تدين المحاولة الإرهابية لاستهداف قصر المعاشيق. وإن هذه الأعمال الإرهابية لا تستهدف الحكومة اليمنية فقط، وإنما تستهدف آمال وتطلعات أبناء اليمن الشقيق، ومحاولة إفشال اتفاق الرياض الذي اتخذه اليمنيون طريقًا لتوحيد الصف، وعودة الحياة الطبيعية والأمن والاستقرار، والوصول إلى حل سياسي شامل في اليمن”.
ولفت النظر إلى أن حكومة السعودية تدعم جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن للوصول إلى وقف شامل لإطلاق النار، والبدء بعملية سياسية شاملة للوصول للحل المنشود القائم على المرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن 2216). مشيرًا إلى أن حكومة السعودية تُحمِّل الميليشيا الحوثية الانقلابية المدعومة من إيران مسؤولية تداعيات الأزمة اليمنية ومفاقمة الوضع الإنساني في اليمن؛ إذ فضلت ميليشيا الحوثي المصالح السياسية الضيقة على مصلحة الشعب اليمني وأمن واستقرار المنطقة خدمة لمصالح النظام الإيراني التوسعية، داعيًا مجلس الأمن الدولي إلى الوقوف بحزم تجاه انتهاكات الحوثيين قرارات المجلس ذات الصلة، وعدوانها المتكرر تجاه أراضي المملكة العربية السعودية وسكانها.
وأضاف المعلمي: “كما تواصل السعودية مساعيها الحثيثة لرفع معاناة الشعب اليمني الشقيق، ودعم الاقتصاد اليمني، مقدمة عددًا كبيرًا من المبادرات والإجراءات لدعم وتعزيز الوضع الاقتصادي والإنساني في اليمن؛ إذ بلغ إجمالي ما قدمته السعودية لليمن منذ بدء الأزمة نحو 17 مليار دولار”.
وأردف يقول: “وعلى النقيض من ذلك، لا تزال إيران تشكل خطرًا كبيرًا على الاستقرار في المنطقة، بما في ذلك اليمن. وقد أسهم تدخلها باليمن بشكل مباشر في عرقلة جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي؛ فقد قدمت جميع أنواع الدعم لميليشيا الحوثي الانقلابية من أجل إثارة الفتن، وزعزعة أمن واستقرار المنطقة؛ وخير دليل على ذلك تعيينها شخصية عسكرية، تنتمي إلى الحرس الثوري الإيراني سفيرًا لها لدى الميليشيا الحوثية الانقلابية، في انتهاك صارخ لقرار مجلس الأمن 2216 والقوانين الدولية ذات الصلة والأعراف الدبلوماسية”.
ودعا إلى ضرورة تعاون أطراف المجتمع الدولي لمعالجة الخطر الذي تشكّله سياسات إيران على الأمن والسلم الدوليَّين بمنظور شامل لا يقتصر على برنامجها النووي فحسب، بل يشمل أنشطتها التوسعية والعدوانية، بما في ذلك دعمها العسكري واللوجستي للميليشيات الإرهابية، ووقف نشاطاتها التي تهدد أمن واستقرار المنطقة في اليمن وسوريا ولبنان، وغيرها من الدول العربية. مشيرًا إلى أن عدم التصدي لذلك سيشجع إيران على المضي قدمًا في سياساتها الهدامة.
وجدد التشديد على أن السعودية تؤمن بمبدأ الحوار، وحل المشكلات والنزاعات بالطرق السلمية، مشددًا على ضرورة أن تكون دعوات الحوار منسجمة مع وقف فعلي للتهديدات والأعمال العدائية.
وأبدى السفير المعلمي في ختام الكلمة تطلع حكومة السعودية إلى أن يكون ما تحقق بتوقيع اتفاق “بيان العلا” صفحة جديدة في سبيل تحقيق أمن واستقرار المنطقة وشعوبها، مشيرًا إلى أن البيان أكد الروابط والعلاقات الوثيقة والراسخة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي قوامها العقيدة الإسلامية والمصير المشترك.