الأخبار المحلية

بعد موجتين لكورونا.. “التعليم” تعبر بملايين الطلاب لبر الأمان تأكيداً لمبدأ “الإنسان أولاً”

بعد نحو 5 أشهر، أثبتت وزارة التعليم في المملكة أنها كانت محقة عندما قررت في وقت مبكر أن تبدأ عامها الدراسي الحالي عن بُعد، حفاظاً على حياة 6 ملايين طالب وطالبة، انخرطوا في بوتقة منصة “مدرستي”، وسط متابعة العديد من دول العالم، التي رأت أن قطاع التعليم في المملكة استطاع أن يتعامل مع جائحة كورونا باحترافية عالية، معتمداً على إمكاناته وخبراته.

ويضاف إلى أعداد الطلاب، 500 ألف معلم وإداري بالتعليم العام ومليون طالب وعضو هيئة تدريس بالتعليم الجامعي، ومجموعهم يصل إلى7.5 ملايين، وإذا أضفنا أعداد أسر هؤلاء، سيصل إلى أكثر من نصف سكان المملكة، تم تجنيبهم خطر الوباء والعبور بهم إلى بر الأمان في الموجة الأولى من كورونا والموجة الثانية التي أطلت برأسها امتداداً للأولى ومن سلالتها.

وجاءت تحركات الوزارة في هذا الصدد، ضمن حرص المملكة على سلامة الجميع، من مواطنين ومقيمين منذ ظهور الجائحة في أراضيها قبل نحو عام.

ومع بداية العام الدراسي، استشعرت الوزارة أن تشديد الاحترازات الوقائية لفيروس كورونا، إن هي ألزمتهم الحضور للمدارس، لا يمكن تطبيقها كما ينبغي في مدارس تحتضن هذا العدد من الطلاب والطالبات، ومن بينهم طلاب صغار في عمر 6 سنوات، ليس لديهم الوعي الكافي لتفعيل الاحترازات، ولذلك اختارت الدراسة “أون لاين”، مبددة الخوف والقلق في نفوس أولياء الأمور الذين كانوا يتخوفون على أبنائهم.

120 دولة

كانت المملكة من بين 120 بلداً، قررت إغلاق المدارس فور ظهور الجائحة فيها، ما أثر على نحو مليار طالب حول العالم، وفق مصادر في منظمات دولية، بيد أن المملكة أوعزت إلى وزارة التعليم الاستعداد لما هو أسوأ، واتخاذ كل الإجراءات ـ احتياطياً ـ التي تضمن سير العملية التعليمية عن بُعد، بالكفاءة نفسها التي عليها التعليم حضورياً في المدارس، وعلى الفور، أعلنت الوزارة عن منصة “مدرستي”، التي ظلت شاهد عيان على نجاح الوزارة في التصدي للجائحة، وتسيير العملية التعليمية بكفاءة عالية.

وبينما شهد العالم حالات طوارئ صحية، طالت المدارس في عدد كبير من الدول، ومنها الهند وبعض الدول الإفريقية والآسيوية، فضلاً عن دول أمريكا الجنوبية، كان الطلاب السعوديون ينعمون بالصحة والعافية، وهم يتلقون دروسهم كالمعتاد عن بُعد.

ومع بداية العام الدراسي الحالي، ظهرت أصوات مطالبة أن يعود الطلاب والطالبات للمدارس، ولكن الوزارة تمهلت، وقررت المواصلة عبر المنصة الإلكترونية، خوفاً على حياتهم، وهو ما عزز بُعد نظر الوزارة هذه الأيام، التي تشهد ارتفاع حالات الإصابة بالوباء.

ومع بداية الفصل الأول، وبعد زيادة الخبرات في آليات التعليم عن بُعد، أخضعت الوزارة طلابها لاختبارات عبر المنصة ذاتها، ومرت بنجاح وسلام، ما دعا الوزارة للتأكيد على أن التعليم عن بعد قد يستمر لما بعد الجائحة.

وتواصل العملية التعليمية في المملكة حالياً مسارها بسلاسة وانسيابية عبر منصة “مدرستي”. وتشير الإحصاءات التي أوردتها الوزارة إلى تحقيق أهدافها خلال الفصل الدراسي الأول.

نجاح الوزارة

اعتبر المتابعون ما أقدمت عليه الوزارة يؤكد ويعكس حرصها على عدم المغامرة بحياة طلابها أو موظفيها، بدفعهم صوب المدارس، على الرغم من استقرار الأوضاع الصحية قدر الإمكان بالتزامن مع بداية الموسم الدراسي الحالي.

ويرون أن الوزارة اعتمدت في قرارها التعليم عن بُعد، على كم المعرفة والخبرة التي اكتسبها جميع منسوبيها في هذا النوع من التعليم في العام الدراسي الماضي، حيث قدموا تجربة مشرفة فيه، ورأت أن بإمكانهم الاستمرار على هذا المنوال، لتعزيز الأمن والسلامة للجميع، وحمايتهم من التعرض لأي مفاجآت غير سارة مع الجائحة.

وبدا المشهد في عدد من الدول مخالفاً لما بدا في المملكة، حيث قررت هذه الدول أن تبدأ عامها الدراسي الحالي حضورياً، وأعدت العدة لذلك، وشددت على أهمية تطبيق الإجراءات الاحترازية في المدارس والجامعات، ولكن مع مرور الوقت، تراخت في تطبيق هذه الإجراءات، ما أسفر عن تسرب الوباء إلى منشآتها التعليمية، وهو ما اضطرها اليوم إلى إغلاق المدارس، ومنح الطلبة إجازات مفتوحة حتى تتم معالجة الأزمة.

حالات الإصابة

ومع تزايد حالات الإصابة نوعاً ما في المملكة، وبلوغها الذروة في عدد من دول العالم، يرى أولياء أمور طلاب وطالبات في المملكة، ومعهم متابعون أن قرار وزارة التعليم بدء الموسم الدراسي عن بعد، كان صائباً وحكيماً، وكأنه استشراف للمستقبل، عبر تقديم صحة وسلامة الطلبة والعاملين في منشآتها على أي أسباب أخرى، وهو ما أسهم في تراجع حالات الإصابة بالمرض خلال الشهور الماضية. غيرها أصر على بدء عامها الدراسي حضورياً.