بعد 21 عامًا من الخدمة.. كورونا تُغَيّب أستاذة الترجمة بجامعة شقراء “وفاء حميدة”
“بعد ٢١ عامًا قضتها في بلدها الثاني بلاد الحرمين وقبلة المسلمين، قامت رفيقة دربي بنت عمي، بخدمة إحدى زميلاتها في إيصالها لمنزلها كعادتها في خدمة الجميع، ثم استجابت لدعوة زميلتيها لتناول الطعام بعد إلحاح شديد منهما، فكانت المفاجأة، أصيبت بكورونا جراء الاختلاط بهما؟! لتعاني ٢٥ يومًا مضاعفات الفيروس القاتل، وتذبل بين يديّ يومًا بعد يوم حتى ودّعتُها أنا وأولادي بكل الأسى والحزن، وواريناها الثرى بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره”.. هكذا استقبلنا عز الدين أحمد حميدة في وداع زوجته وفاء حميدة، أستاذة الترجمة بكلية المجتمع بحريملاء بجامعة شقراء.
وتفصيلًا، فُجِع أهالي حريملاء بوفاة أستاذة الترجمة بكلية المجتمع بجامعة شقراء الدكتورة وفاء حميدة بعد إصابتها بفيروس كورونا، والتي أمضت ٢١ سنة تعمل في السعودية؛ إذ قدمت من السودان قبل ٢١ عامًا لتعمل في محافظة الخرج، ثم انتقلت لكلية المجتمع بحريملاء من ١١ عامًا؛ لتظل تعمل فيها حتى توفيت هذا الأسبوع بعد معاناة مع المرض.
التقت “سبق” بزوج الفقيدة “عزالدين أحمد حميدة”، وقدّمت له واجب العزاء، وتبادلت معه الأحاديث حول الفقيدة وإصابتها بالمرض؛ حيث تحدث عن الفقيدة وإصابتها بكورونا ببالغ الأسى والحزن على فراق رفيقة دربه وأم اولاده التي أمضى معها زهرة حياته.
وقال: “الفقيدة زوجتي وابنة عمي قدمنا معًا لبلاد الحرمين وقبلة المسلمين منذ ٢١ عامًا لتعمل أستاذة للترجمة بكليات الخرج، ثم انتقلنا معها لتعمل في كلية المجتمع بحريملاء من ١١ عامًا”.
وأضاف: “رزقت منها بابنين و٣ بنات، اثنتان منهما يدرسان في المرحلتين المتوسطة والثانوية بحريملاء، والبقية في السودان، وفي هذه الأيام قامت ابنتي التي في السودان بزيارتنا والسكن معنا في منزلنا بحريملاء”.
وتابع: “زوجتي تجيد قيادة السيارة، ومع السماح بقيادة المرأة للسيارة؛ وجدتُها فرصة لامتلاك سيارة لتذهب بها للعمل، وتقدم الخدمة لزميلاتها في الكلية من خلال إيصالهن لمنازلهن مع تطبيقها لكل الإجراءات الاحترازية المتبعة لمنع انتشار فيروس كورونا؛ حتى إنها رفضت أن تختلط بأي أحد من الاصدقاء والاقارب”.
وأردف: “قبل شهر تقريبًا قامت بإيصال إحدى زميلاتها لمنزلها بعد خروجها من العمل، وعند التوقف لدى منزل صديقتها، دعتها لتناول الطعام معها لوجود زميلة لهما في المنزل، فرفضت زوجتي الدعوة؛ إلا أن زميلتها أصرت بشدة، ومع تكرار الدعوة من زميلتها والإلحاح استجابت للدعوة وتناولت الطعام مع زميلتيها”.
وأضاف: “في المساء اتصلت إحدى زميلتيها على زوجتي تفيد بأنها مصابة بكورونا، وأن على زوجتي الفحص قبل مخالطة الآخرين، وفعلًا قامت زوجتي بإجراء الفحص؛ إلا أن النتيجة كانت سلبية”.
وتابع “بعد ٣ أيام من الفحص شعرت زوجتي بحرارة وكحة، فقمنا بإجراء فحص جديد؛ ليتبين أنها مصابة بفيروس كورونا، ثم انتقل المرض لي ولابنتيّ اللتان تسكنان معنا؛ بينما لم تصب البنت الثالثة التي قَدِمت من السودان بأي أعراض صحية أو مرض”.
واستطرد زوج الفقيدة قائلًا: “أخذت زوجتي العلاج اللازم، وظلت معنا في البيت إلا أنه بعد مضي ٨ أيام اشتدت عليها الكحة؛ مما تسبب في عدم استطاعتها النوم أو حتى الهدوء، وعلى الفور ذهبت بها للمستشفى، وتم معاينة حالتها إلا أنهم نصحوها بالذهاب للبيت بعد منحها دواء للكحة”.
وأردف: “وصلنا البيت ولم تتوقف عن الكحة الشديدة؛ فاضطررت للعودة للمستشفى مرة أخرى فتم تنويمها في المستشفى، وبعد يومين قرر الأطباء حاجتها للتنفس الصناعي لتدهور حالتها، بل ومنحوها إحالة لأحد المستشفيات المتخصصة في الرياض؛ إلا أن حالتها لم تتحمل النقل في سيارة الإسعاف؛ إذ انخفض لديها التنفس فقرر الأطباء بقاءها في المستشفى لحين تحسن حالتها”.
وتابع: “بعد ٢٥ يومًا من معاناة الفقيدة، تم نقلها لمستشفى الأمير محمد بن عبدالعزيز بالرياض، لتلفظ أنفاسها الأخيرة بعد دخولها للمستشفى بلحظات، رحمها الله وتغمدها بواسع رحمته”.
وختم زوج الفقيدة حديثه قائلًا: “ودعتُ زوجتي ورفيقة دربي أنا وأولادي بقلوب مطمئنة وراضية بقضاء الله وقدره، وأشكر كل مَن اتصل وتواصل معنا مُعزيًّا ومواسيًا من زملاء الدكتورة وزميلاتها، ومن الأصدقاء والجيران ومن مسؤولي جامعة شقراء؛ حيث أبدى الجميع وقوفهم معنا في مصابنا، وأكدوا قوة اللحمة بيننا كعرب ومسلمين، وأشعرونا بأننا أبناء هذه الأرض الطاهرة المباركة بلاد الحرمين وقبلة المسلمين”.