“خطَّابة” ونقاشات منفلتة ودعوات للبيع.. “كلوب هاوس” يتسلل للبيوت السعودية.. ومختص: غير آمن
كالنار في الهشيم انتشر تطبيق “كلوب هاوس” داخل البيوت السعودية وسط إقبال كبير من المستخدمين في السعودية والخليج على استخدامه، وسبر أغواره، واكتشاف أسراره الخفية، وذلك وسط اتهامات للتطبيق بانتهاك منظومة القيم الدينية والاجتماعية للمجتمع المحافظ.. فما قصة التطبيق الذي شغل السعوديين؟
ما قصته؟
يُعتبر “كلوب هاوس” تطبيق تواصل اجتماعي للدردشة الصوتية، أطلقته شركة “ألفا إكسبلوريشن كو” في عام 2020م في ذروة جائحة كورونا؛ كوسيلة للتغلب على إجراءات الإغلاق التي انتهجتها معظم دول العالم لوقف انتشار الفيروس.
وجاء التطبيق كأداة لأصحاب المال والأعمال للالتقاء الافتراضي، ومناقشة مشروعاتهم في ظل صعوبة الاجتماعات التقليدية في تلك الآونة.
وبدأ التطبيق الجديد في الانتشار سريعًا في الآونة الأخيرة بعد أن ذاع صيته فجأة عقب انخراط إيلون ماسك، مؤسس شركة “تيسلا” الشهيرة، في نقاش مطول مع الرئيس التنفيذي لتطبيق “روبن هود” فلاد تينيف. ولم تكن تلك المحادثة إلا نقطة انطلاق حقيقية لـ”كلوب هاوس”؛ إذ يشهد التطبيق في الأيام القليلة الماضية إقبالاً متزايدًا؛ إذ تشير الإحصاءات إلى أن المنصة تستقطب مليونَي مستخدم كل أسبوع، فيما تم تحميله نحو 5 ملايين مرة.
اتهامات وممارسات غير صحية
ولكن يواجه التطبيق الجديد العديد من الاتهامات كونه أصبح مهدِّدًا للقيم الدينية والاجتماعية للمجتمعات المحافِظة، ومنها المجتمع السعودي، بعد أن أُسيء استخدامه بصورة غير صحية، وأصبح مرتعًا للنقاشات غير الهادفة، والممارسات غير الأخلاقية؛ ما ينعكس بالسلب على الأُسر السعودية. كما استغل البعض اعتماد التطبيق على ضرورة الحصول على دعوة من عضو داخل التطبيق، أو التسجيل عبر الموقع الرسمي وانتظار دورك للانضمام إلى زمرته، وبدأ في المتاجرة بالدعوات؛ إذ يمكنك بسهولة ملاحظة ازدياد الحسابات الإعلانية والترويجية عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة التي تعرض بيع دعوات للأشخاص المهتمين بالانضمام إلى التطبيق بمقابل مادي لا يقل عن 200 ريال، بل وصل الأمر إلى عرض أحد الحسابات الدعوة بـ1500 ريال!
ولا شك أن تلك المزايدات أفقدت التطبيق ميزته الأساسية في كونه أداة مجانية لالتقاء المجموعات أو الأفراد للنقاش الهادف عبر التسجيلات الصوتية فيما يشبه تطبيق “البالتوك” الصوتي قبل عقدين من الزمن، واتجه الأمر إلى التحول إلى تجارة.
منحى منفلت
كما أخذ التطبيق منحى مختلفًا من أداة للمناقشات الهادفة، وكبديل عن الاجتماعات التقليدية لأصحاب الأعمال، إلى وسيلة للمناقشات السطحية، والانفلات الأخلاقي؛ ما أثار الكثير من المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي الذين قرروا التصدي للممارسات غير الأخلاقية التي تتم عبره.
وكتبت إحدى المستخدمات منتقدة نقاشات الغرف المغلقة قائلة: “مو منزلة البرنامج. بس المواضيع اللي بالهاشتاق من أيام المنتديات لا جديد: زواج، أبراج، جنس ثالث، حرية المرأة!”.
فيما انتقد المغرد معاذ ما يدور خلال التطبيق من طرق رخيصة للزواج، وانتشار ظاهرة (الخطّابة) عبر غرفه، بقوله: “الجميع يعلم أن ما بُني على باطل فهو باطل. طرق الزواج بهذه الطريقة البنت تعرض نفسها، والشاب يطلب مواصفات معينة، وفيه تحديد للمدة، ويحددون مكان يتقابلون فيه.. هل هذا زواج!؟ هذا البرنامج يشجع على الانحلال والرذيلة وخلق الفوضى في المجتمع”.
فيما كشفت إحدى المغردات عن الطريقة التي يتم بها اصطياد المتابعين لتلك الغرف بقولها: “أكثر من ٧ رومات [غرف] في تطبيق كلوب هاوس دخلتها. يبدؤون بمواضيع هادفة جدًّا، ثم يتغير الموضوع إلى زواج، وكأن الزواج أكبر معضلة لدى الشعب”.
هل هو آمن؟
ويرى سعيد الدوسري، مستشار أمن المعلومات، أن التطبيق غير آمن من الناحية التقنية؛ كونه لا يخضع للتشريعات السعودية.. ويقول: “تطبيق كلوب هاوس، مثله مثل التطبيقات الاجتماعية الأخرى، غير آمن للاستخدام؛ لعدم وجود تمثيل رسمي له في الدول التي بها مشتركون، ولا يخضع لقوانين وحماية البيانات والخصوصية”.
مضيفًا لـ”سبق”: “الانتهاك في الخصوصية المقصود جاء في ملكية كلوب هاوس لمعلوماتك الشخصية من معرفة الاهتمامات، والاسم، ورقم الاتصال، والدولة. وهذه تكون قاعدة بيانات استثمارية ضخمة لقيادة رقمية في المستقبل لهذا التطبيق”.
ويتابع: “من عيوبه أن التطبيق ما زال بعامه الأول، ويواجه تحديات كأي تقنية جديدة، أولها ضعف في التشريعات، وحماية المستخدم، والاتفاقيات الدولية، وكذلك ضعف في الوعي في استخدام هذه التقنية؛ وهو ما يصعب تحديد توجهها الاجتماعي وتطويعها لتصبح مفيدة للمجتمعات”.
ويبقى العنصر الأهم -كما يرى “الدوسري”- في طبيعة المتلقي والمستخدم للتطبيق، وكيفية استخدامه له -على حد قوله- وهو ما قد يعني أهمية مراقبة الأسرة لاستخدامات الأبناء، وكيفية تطويعهم لمثل تلك التقنية فيما يفيد.. وهنا يقول: “أهم عنصر علينا معرفته -وهو المحك- أن هوية محتوى التطبيق من غرف ومجموعات يحددها المشتركون؛ لذلك إذا كان المشتركون لا يراعون الضوابط الاجتماعية والثقافية سيصبح هذا التطبيق سلبيًّا وخطرًا على المجتمعات. وإذا كان المشتركون من الفئة التي يُسترشد بهم اجتماعيًّا وثقافيًّا سيصبح التطبيق من أفضل الأدوات المساهمة في نشر المحتوى الإيجابي الذي يساعد في رقي المجتمعات”.