“النغيثر” يثري ملتقى الإرشاد السياحي بسرد تاريخ النقوش الإسلامية
أكد المرشد السياحي والباحث المتخصص في النقوش القديمة الأستاذ أحمد محمد النغيثر، أن النقوش والكتابات العربية تعتبر أحد أهم مصادر تأريخ الجزيرة العربية، فهي سجل العابرين والمسافرين والتجار والحجاج والمعتمرين الذين دوّنوا من خلالها عن دواخل أنفسهم وأحداث زمانهم بالنقش باليد، وبالأداة التي نُفِّذت بها تلك النقوش الكتابية.
جاء ذلك خلال الجلسة الثانية ضمن جلسة أعمال الملتقى السعودي السابع للإرشاد السياحي في يومه الثالث والمقام خلال الفترة من 9 – 11/ 7/ 1442هـ، في ندوة قدمها “النغيثر” بعنوان “نوادر النقوش الإسلامية”.
وأثرى “النغيثر” حضور الملتقى بسرده نشأة الخط العربي، وتاريخ النقوش الإسلامية وأهميتها، كدليل على معرفة المسلمين وعرب الجزيرة بالقراءة والكتابة، وهي موهبة مكتسبة تعود لعدة قرون من الأزمنة البعيدة.
وأشار النغيثر إلى أن تلك النقوش كانت في البداية عبارة عن رموز وإشارات بدائية، ثم أخذ يطورها الإنسان حتى وصلت للكتابة التصويرية، ثم جاءت فكرة اختراع الكتابة المقطعية، والتي اختزلت الصور والرموز والإشارات إلى عدة مقاطع، ولكن هذه الطريقة تبدلت لصعوبتها فتوصل الإنسان إلى الحروف الهجائية التي مكنته من كتابة الأفكار والآراء والمعاني.
وتعتبر النقوش والكتابات العربية على مسارات طرق التجارة وطرق الحج القديمة أحد أهم مصادر تأريخ الجزيرة العربية، وقد وجد على تلك الطرق عدد كبير من النقوش منها ما كتب بالخط الكوفي وهي نقوش تحمل صيغ متعددة، ونتيجة اهتمام الرسول “عليه الصلاة والسلام” بتعليم المسلمين الكتابة والقراءة، أشتهر الخط المكي والخط المدني وكلاهما خط لين وخصائصهما واحدة.
وأوضح “النغيثر” أن هذه النقوش تعد دليلاً على معرفة المسلمين وعرب الجزيرة بالقراءة والكتابة، وهي موهبة مكتسبة تعود لعدة قرون من الأزمنة البعيدة، مؤكداً أن شعوب الجزيرة العربية لم تكن في يوم من الأيام جاهلة بالكتابة كما صوره لنا بعض المؤرخين والكتاب.
وقال “النغيثر”: إن المسلمين قد انطلقوا إلى بلاد الشام والعراق ومصر حاملين معهم الخط المدني ونشروه فابتكرت الكوفة في العراق (17هـ، 638م) خط عُرف باسم الخط الكوفي استُخْدِم بالكتابات التذكارية وكتابة المصاحف قبل ظهور خط النسخ والثُلـُث والفارسي وغيره من الخطوط.
وانتقل “النغيثر” إلى نشأة الخط العربي، مشيراً إلى أنه اشتقّ من الخط النبطي، وذلك حين تم العثور في القرن التاسع عشر الميلادي على عدد من النقوش النبطية، وبعد دراستها وتحليلها ومقارنتها تبين أنها تمثل بدايات الخط العربي.
وأوضح أن الآراء قد اختلفت في منشأ الكتابة العربية وأصل الخط العربي ومن أين جاءتنا صورته، فمن المؤرخين من ذهب إلى أن الخط العربي مأخوذٌ من السريانية، ومنهم من قال إن الكتابة العربية والكنعانية نشأت في شبه جزيرة سيناء، فيما تشير أغلب الدراسات العلمية الحديثة أن الخط العربي قد اشتق من الخط النبطي بل هو شكل آخر من ذلك الخط.
واختتم حديثه مؤكداً أن العرب قد أخذوا الخط النبطي وطوروه، وكانت كتابتهم الأولى نبطية الطابع، وتطورت مع الزمن لتأخذ مع قدوم القرن الخامس الميلادي شكل الكتابة العربية القديمة، مشيرا إلى أبرز المراجع التي نهل منها معلوماته وهم المؤرخ الراحل عبدالقدوس الأنصاري، والدكتور سعد الراشد، والدكتور أحمد الزيلعي، وكذلك الدكتور مشلح المريخي وغيرهم ممن أثروا المكتبة العربية بعلمهم.