قصص مؤثرة.. صحفي سعودي يروي تفاصيل تغطيته ميدانياً لحرب تحرير الكويت
يعتبر الإعلامي السعودي محمد الصفيان، من أوائل الصحفيين على مستوى العالم الذين دخلوا دولة الكويت أثناء تحريرها لتغطية الأحداث التي واكبت احتلالها عام 1990.
وتفصيلاً، كشف الصفيان عن قصص ومواقف كثيرة تعرض لها خلال هذه الرحلة الإعلامية حيث كان يعمل مراسلاً حربياً لصحيفة الرياض وأيضاً بالمركز الإعلامي بفندق الظهران، حتى كلل الله المساعي السعودية والقوات المشتركة، بتحرير دولة الكويت. وقال: “مهما قلت ومهما تذكرت، لن أستطيع أن أصف جميع المشاهد التي عايشتها في هذه المرحلة المليئة بالأحداث والمفاجآت.
وأشار الصفيان إلى أنه عاصر الحرب ساعة بأخرى، من خلال المركز الإعلامي في مدينة الظهران، والتنقل بين القوات السعودية والمشتركة على طول الحدود السعودية الكويتية والعراقية، ثم الدخول إلى الكويت فجر تحريرها.
وأضاف “دخلنا الكويت قبل فجر تحريرها مع القوات السعودية، وكان هدفنا الأول من هذا الأمر الوقوف بجانب الشعب الكويتي الشقيق في محنته، وإظهار حجم الظلم والبطش الذي تعرضت له في هذه الحرب، كما كان هدفنا نحن الإعلاميين السعوديين إظهار دور المملكة الرئيس في استعادة الكويت، وإعادتها إلى أصحابها”.
وقال “جلسنا في الكويت أسبوعاً كاملاً، بعد التحرير وحرصت على تغطية كل الأوضاع داخل الكويت، بدءاً من تفاصيل حرب التحرير، والأحداث المؤلمة التي وقعت طوال أيام الغزو على الشعب الكويتي.
وأضاف “قبل التوجه إلى الكويت، كنت أعمل في المركز الإعلامي بفندق الظهران الدولي، خلال فترة الاحتلال العراقي للكويت، ومن هناك غطيت أحداث الخفجي، بداً من التلوث البيئي الناجم عن تفجير آبار النفط الكويتية وتسرب البترول على بحر الخليج العربي من قبل قوات الاحتلال الغاشم آنذاك وعملية تحرير محافظة الخفجي، وانطلاقة الحرب الجوية، ثم الحرب البرية، ثم اكتمال أعمال التحرير، وهزيمة وانسحاب القوات العراقية عن الكويت، وعودة أصحاب الأرض إلى ديارهم.
رسالة الملك فهد
أكمل “الصفيان”: “كنت شاهد عيان على الكثير من الأحداث، التي لا شك كانت مؤلمة للجميع، بأن دولة عربية تحتل دولة عربية أخرى دون وجه حق، ولكن كانت رسالة الملك فهد بن عبد العزيز ” رحمه الله ” واضحة في ذاك الوقت ” وقال مقولته الخالدة: أثناء اجتماع قادة دول مجلس التعاون آنذاك.. إما سلماً فسلم أو حرباً فحرب وكان يؤكد في مقولته على عودة الكويت وتحريرها من الغزاة بكافة الوسائل حيث أخذ وعداً على نفسه رحمه الله للحكومة الكويتية بعودة الكويت وتحريرها من الغزاة، فكانت هذه رسالة إلى العالم بأكمله، وهي بمثابة تعهد من الملك فهد بتحرير الكويت، وقد أوفى ـ يرحمه الله ـ بما تعهد به، وحررت الكويت.
وأكد الصفيان “بعد هذه الأحداث، دخلنا نحن الإعلاميين إلى الكويت، وجلسنا فيها لتغطية جهود القوات المشتركة، وفي مقدمتها القوات السعودية في البطولات التي سجلها التاريخ في تحرير الكويت وكذلك إزالة الألغام، وتفاصيل المساعدات للأسر الكويتية التي بقيت في دولة الكويت إبان الغزو العراقي الغاشم، كما غطينا انسحاب القوات العراقية من الكويت.
واق للكيماوي
كثيراً ما ارتدى الصفيان وزملاؤه الواقيات الكيماوية، بعدما أطلق صدام الصواريخ وكان يعتقد بأنها تحمل مواد كيماوية وقال: “مرات كثيرة، تلقينا إنذارات بسبب الأسلحة الكيماوية التي كان يطلقها صدام حسين باتجاه الأراضي السعودية “.
وقال: كنا نحمل الإبر الواقية للكيماوي في جميع تحركاتنا، تحسباً من تلك الأسلحة الكيماوية وأتذكر أنني عندما دخلت أحد المستشفيات الكويتية، وجدنا بعض قطع لحم بشرية على الأسرة، نتيجة التعذيب من قبل الجيش العراقي كما وجدنا في أحد الحدائق جثثاً معلقه بحبال، يتضح عليها آثار تعذيب”.
معاناة الكويتيين
من المواقف التي لا ينساها الصفيان، عند وجوده في المركز الإعلامي في الظهران، توجيه القوات العراقية صواريخها صوب الفندق أكثر من مرة. وقال: “مثل هذا الاستهداف لم يخيفنا أو يدفعنا للتراجع عما أقدمنا إليه، بتغطية الحرب”. وإبراز الدور البطولي التي قامت به المملكة ورجالها في تحرير أرض دولة الكويت الشقيقة مع القوات المشتركة.
ومواقف أخرى عاشها الصفيان، قائلاً “أثناء وجودنا على الجبهة، رصدت المعاناة التي عاشها الشعب الكويتي أثناء هروبهم جراء هذه الحرب، من جوع وعطش وتشرد عبر المنافذ السعودية وخاصة مركز الحماطيات الحدودي مع الكويت بسبب الاحتلال الغاشم، ما دعاني إلى نقل هذه الصورة الأليمة عبر وسائل الإعلام للرأي العام الدولي.
ويتذكر الصفيان عدداً من الإصابات التي كانت موجودة جراء الألغام العراقية المزروعة في كل مكان، وكنت أرافق القوات السعودية في أعمالهم البطولية في إزالة هذه الألغام رغم شدة وصعوبة الأجواء من ظلام شبه دامس بسبب السحابة السوداء من احتراق آبار البترول الكويتية والتلوث البيئي الكبير خاصة في الهواء، فضلاً عن السحابة السوداء المنتشرة في كل مكان بسبب احتراق آبار النفط، والأمطار والبرد الشديد.
وتابع: “هذا جعلنا معرضين للهلاك في أي مكان، وأتذكر ونحن في السالمية وحولي الكويتيون أول يوم التحرير، تعرضنا إلى إطلاق نار كثيف، وكنا معرضين للموت أكثر من مرة” بسبب وجود بعض الموالين للعراق في هذه المناطق من بعض المقيمين العرب.