“المطلق”: تمكين المرأة يشهد تسارعًا ملحوظًا نحو النمو والتقدم
أكدت الدكتورة نهلاء المطلق، المتخصصة في تخطيط التعليم واقتصادياته بتعليم منطقة حائل، ما تشهده المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة من اهتمام واضح لتعزيز دور المرأة وتمكينها.
وأشارت في مقالها الذي خصت به “سبق” إلى أن رؤية المملكة 2030 نصت على تمكين المرأة واستثمار طاقاتها من خلال مؤشرات ومستهدفات عالية، مقارنة بخط الأساس، مثل: رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل (من٢٠٪-٣٠٪)، وزيادة نسبة القوة العاملة النسائية (من٢٣٪-٢٨٪).
وقالت “المطلق”: “بلغ تمكين المرأة أَوْجَه؛ فقد وضع مشروع الرؤية مشاركة المرأة ضمن أهدافه الاستراتيجية لدعم وتقوية حضورها في سوق العمل؛ وبالتالي المساهمة في التنمية مع حفظ حقوقها ومكانتها”.
وفيما يأتي نص المقال للكاتبة الدكتور نهلاء المطلق:
يُحتفى باليوم العالمي للمرأة في كل عام، وهو احتفال عالمي تقديرًا لدور المرأة، وتعظيمًا لمنجزاتها في المجالات المختلفة، وتقديرًا لدور المملكة العربية السعودية، وإشادة بما أسهمت وتسهم به نحو تمكين المرأة على المستويات والأصعدة كافة، محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا في إطار الشريعة الإسلامية؛ إذ يؤكد خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- أن “المرأة هي مصدر التطور لأي مجتمع؛ فمن غير نساء ممكنات يصعب إصلاح المجتمع”. ويحسن بنا هنا أن نلقي الضوء على بعض هذه الجهود.
لقد جاء إعلان الرياض عاصمة للمرأة العربية لعام٢٠٢٠ كثمرة حقيقية للدور البارز الذي توليه المملكة تجاه تمكين المرأة على المستويات والأصعدة كافة، محليًّا وعربيًّا ودوليًّا. كما تدعم المملكة الحراك التنموي في المجتمعات العربية للنهوض بوضع المرأة، ودعم حقوقها، وتشارك أيضًا المجتمع الدولي والمنظمات العالمية في أهم القضايا التي تثار في إطار دعم مشاركة المرأة العربية في التنمية. ونحن إذ نتحدث عن تمكين المرأة في المملكة العربية السعودية، وعن الدور الذي أسهمت به لدعم مشاركاتها في المجالات كافة، يجب ألا نغفل التطور التاريخي لتمكين المرأة باعتبارها أحد روافد التنمية، ولبنة أساسية في بناء الأسرة والمجتمع، ودعم تماسكه، ورسم صورة مشرقة لمستقبله. هذا التطور في الحقيقة لم يكن وليد اللحظة، وإنما بدأ منذ تأسيس المملكة العربية السعودية، وفي الآونة الأخيرة يشهد تسارعًا ملحوظًا نحو النمو والتقدم الذي أفرزته رؤية المملكة الطموحة٢٠٣٠. فانطلاقًا من البيئة المنظمة لمشاركة المرأة في التنمية، وفي ظل القيادة الرشيدة -حفظها الله-، نجد أن النظام الأساسي للحكم المستمد من الشريعة الإسلامية وضع الأسس والركائز النظامية لعمل المرأة (في عدد من مواده) باحترام حقوق المرأة في الملكية، وفي رأس المال والعمل؛ فالمرأة متى ما كانت بالغة عاقلة رشيدة لها الحق في التصرف بأموالها، شأنها في ذلك شأن الرجل. وفي هذا الشأن صدرت مراسيم ملكية وقرارات عدة، تخص تنظيم عمل المرأة من خلال أجهزة رسم السياسات في الدولة.
وتشكل خطط التنمية، بدءًا من خطة التنمية الثامنة، انتهاء بخطة التنمية الحالية (خطة التنمية العاشرة)، منعطفًا بارزًا في بذل الجهود لتطوير أوضاع المرأة، وضمان تمكينها من خلال المشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وللمملكة جهود في الانضمام للاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، والمصادقة على اتفاقيات القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
أما عن أطر التنمية البشرية في المملكة فقد استندت لمبادئ عدة تعزيزًا لدور المرأة، واهتمامًا بتمكينها في جميع مجالات التنمية: التعليم، والصحة، والخدمة الاجتماعية.. وغيرها من المجالات. وصنفت المملكة ضمن مجموعة الدول ذات التنمية البشرية العالية في أحدث التقارير والأدلة المتعلقة بالتنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهو في ذلك يستند إلى مؤشرات عدة تتعلق بالمساواة والإنتاجية والتمكين والاستدامة. واستطاعت المملكة أن تسجل ترتيبًا متقدمًا في سُلّم التنمية البشرية؛ لتفعيل دور المرأة، وتحقيق العديد من الأهداف التنموية الدولية.
كذلك تعهدت المملكة بالوفاء ضمن بلدان العالم بالأهداف الإنمائية للألفية فيما يخص تعزيز المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة، وإلغاء الفجوات النوعية لجميع مستويات التعليم.
ولا يغيب عنا إسهام المملكة في الفعاليات المحلية والدولية؛ إذ اختيرت الرياض عاصمة للمرأة العربية لعام ٢٠٢٠ تقديرًا وتثمينًا لتلك الجهود.
وفي ضوء رؤية٢٠٣٠ بلغ تمكين المرأة أَوْجَه؛ فقد وضع مشروع الرؤية مشاركة المرأة ضمن أهدافه الاستراتيجية لدعم وتقوية حضورها في سوق العمل؛ وبالتالي المساهمة في التنمية مع حفظ حقوقها ومكانتها.
فخلال السنوات الثلاث الماضية عمل القطاع الحكومي على تمكين السيدات بإيجاد فرص عمل في أجهزة الدولة لزيادة المشاركة؛ وهو ما أسهم في رفع نسبة السعوديات في وظائف الحكومة إلى٤٠٪، وتقلصت الفجوة النوعية بين الرجال والنساء إلى ٣٧٪ من مستوى ٥٠٪ خلال عام ٢٠٢٠.
وقد تُوّج هذا بالهدف الاستراتيجي للرؤية، الذي ينص على تمكين المرأة واستثمار طاقاتها من خلال مؤشرات ومستهدفات عالية مقارنة بخط الأساس، مثل: رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل (من٢٠٪-٣٠٪)، وزيادة نسبة القوة العاملة النسائية (من٢٣٪-٢٨٪)، وزيادة نسبة النساء في الخدمة المدنية (من ٣٩.٨٪-٤٢٪)، ونسبة النساء في الوظائف العليا (من١.٢٧٪-٥٪)، إلى غير ذلك.
وإشارة إلى بعض صور تمكين المرأة في ضوء رؤية٢٠٣٠، يمثل التمكين الاقتصادي بضمان وصول المرأة على قدر المساواة مع الرجل أول الموارد الاقتصادية والاستثمار. وقد لوحظ التغير في نسب معدلات التوظيف، والفرص المتوافرة للمرأة لتطوير قدراتها الفنية، وصدور القرارات لتمكين المرأة كشريك تنموي.
وتمثل التمكين السياسي بتمثيل المرأة في المجال السياسي كسفيرة وممثلة للدولة في المنظمات الدولية ومجلس الشورى، ومشاركة السيدات في مراكز اتخاذ القرار وصنع السياسات، وكذلك التمكين المجتمعي الذي يمثل دور المرأة في تولي المناصب القيادية والمراكز المهمة في المجتمع، والتمكين القانوني الذي ينظر في مستوى خدمة القوانين لقضايا المرأة والأفراد، وضمان منحهم حقوقهم.
أما عن التمكين العلمي فهل نتحدث عن سد الفجوة في نسب الالتحاق بين الجنسين ضمن مؤشرات تقارير التنمية البشرية، أم نتحدث عن توسع فرص التحاق المرأة بالتعليم العالي، أم عن التوسع في الابتعاث، حتى شمل قطاع السياحة وغيره من صور التمكين، التي لا الوقت ولا المكان يسعف لذكرها.
ختامًا، فالمرأة ليست نصف المجتمع كما هو متداول في الشعارات، إنما هي مستقلة بذاتها وكيانها، والاحتفاء بها لا يكفيه يوم بعينه، ولا تجسده مناسبة؛ فهي البصمات الخالدة والعطاء اللامحدود خلال مسيرة التنمية”.