الكرة في ملعب الحوثيين.. السعودية تمد يدها بالسلام لإنهاء حرب اليمن
منذ انطلاقة الشرارة الأولى للحرب في اليمن عام 2015، عقب انقلاب الحوثيين على الشرعية هناك، والسعودية حريصة على تعزيز الاستقرار في البلد الشقيق، وحريصة أكثر على حياة الشعب اليمني، والمحافظة على مصالحه ومكتسباته؛ للوصول إلى كل ما يعزز الحقوق، ويؤمّن حياة كريمة لكل مواطن يمني، بمختلف الأطياف السياسية والمذهبية.
ولم ترفض السعودية طيلة هذه السنوات أي مبادرة ترمي إلى إيجاد حلول للحرب في اليمن، وإنهاء معاناة الشعب اليمني، بما يضمن تعزيز الشرعية في البلاد.
ولعل إعلان السعودية أمس الاثنين إنهاء الأزمة اليمنية، ورغبتها في التوصل لحل سياسي شامل، بمنزلة مبادرة جديدة، وفرصة ذهبية، تثمر وقفًا فعليًّا وشاملاً لإطلاق النار تحت مراقبة الأمم المتحدة، وهو ما يضع حدًّا لهذه الحرب إذا كانت هناك إرادة سياسية لدى جميع الأطراف.
وتوجت السعودية مبادرتها بإعلان بدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة هناك برعاية الأمم المتحدة، بناء على مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي 2216، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل.
الشعب اليمني
حِرْص السعودية على مصالح الشعب اليمني دفعها إلى الإعلان أيضًا عن إيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك في البنك المركزي اليمني بالحديدة، وفق اتفاق استوكهولم بشأن الحديدة، وفتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية.
ونالت مبادرة وقف إطلاق النار من جانب السعودية، وسعيها إلى إيجاد حل سياسي، الإشادة من دول العالم، التي رأت في السعودية دولة سلام وإخاء؛ لحرصها أكثر من مرة على إنهاء هذه الحرب، وبدء صفحة جديدة لتعزيز الوفاق بين الجهات المختلفة داخل اليمن، والوصول إلى حل مُرْضٍ لجميع الأطراف، يتوافقون عليه، وينفِّذونه على أرض الواقع، بما يضمن قوة دولة اليمن، وقدرتها على مواجهة الصعاب التي تواجهها.
فرصة كبرى
مبادرة السعودية لإنهاء الأزمة اليمنية اليوم هي بمنزلة فرصة كبرى وتاريخية أمام جميع الأطراف اليمنية لنبذ الخلافات من جانب، وبدء مرحلة جديدة من التآخي والتفاهم والتعاون لإعادة بناء اليمن من جديد. هذه الفرصة تحتاج من الحوثيين اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الوفاء بالتزاماتهم، وما يتعهدون به أمام العالم. وأول هذه التعهدات الوقف الفعلي لإطلاق النار، وإبداء حسن النية في إنهاء هذه الحرب التي أثبتت أنها ليس الحل الفعلي للوصول إلى الحلول المرجوة.
ومن هنا جاءت دعوة السعودية للحكومة اليمنية، والحوثيين تحديدًا، للقبول بهذه المبادرة، التي تحتاج منهم إلى تحكيم العقل، ووقف نزيف الدم اليمني، والمسارعة في معالجة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية التي يعاني منها الشعب اليمني الشقيق. كما تحتاج من الحوثيين أن يكونوا شركاء في تحقيق السلام، وأن يعلوا مصالح الشعب اليمني الكريم، وحقه في سيادة واستقلال وطنه، على أطماع النظام الإيراني في اليمن والمنطقة. هذا في حال القبول بالمبادرة، والترحيب بها.
الفرص الضائعة
ولطالما أعلنت السعودية مبادرات سابقة لحل القضية اليمنية، وإنهاء الحرب في هذا البلد، إلا أن الحوثيين كانوا سابقين لإفساد هذه المبادرات، وبعدما تحالفوا مع إيران من أجل تهديد السعودية وشعبها عبر إطلاق الطائرات دون طيار على مدن السعودية مهددين الأرواح والممتلكات، وأوجدوا رعبًا لدى الدول بعدما استهدفوا شرايين النفط التي تمد العالم بالطاقة المطلوبة. ومثل هذه الآلية ليس لها جدوى، وتحتاج إلى تغيير النظرة، واستثمار الفرص التي تعلنها السعودية لإحلال السلام في اليمن الشقيق.