“شريك”.. حقبة جديدة وقوية من التعاون بين القطاعَيْن العام والخاص
يُعَدُّ إنشاء قطاع خاص نشط ومزدهر إحدى الأولويات الوطنية للمملكة، ويشكِّل قوة دافعة وراء إيجاد برنامج استثمارات الشركات الكبرى.
ويشكِّل البرنامج المسمى اختصارًا “شريك” إطار عمل حكومي تعاوني، يقوده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ويهدف إلى إطلاق ما يصل إلى 5 تريليونات ريال من استثمارات القطاع الخاص حتى عام 2030.
وجرى تصميم البرنامج لتقديم الدعم عبر عدد من الركائز، تشمل التعاون المالي والنقدي والتشغيلي والتنظيمي، واستثمار الأصول.
ويهدف برنامج استثمارات الشركات الكبرى “شريك”، الذي يقع مقره الرئيسي في الرياض تحت إدارة الأمانة العامة للبرنامج، إلى تعزيز تنمية ومرونة الاقتصاد السعودي عبر زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير فرص العمل، وتنويع الاقتصاد، إضافة إلى إطلاق استثمارات القطاع الخاص والاستثمارات المتراكمة عبر كل محاور الاقتصاد الوطني؛ لتبلغ 5 تريليونات ريال بحلول عام 2030، وإضافة ما يصل إلى تريليونَي ريال للناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2025، وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل الجديدة. كما سيساعد البرنامج “شريك”، بصفته أداة تمكين استراتيجية، في تسريع الخطط الاستثمارية للشركات الكبرى.
وتدير حكومة المملكة العربية السعودية برنامج الشركات الكبرى بتوجيه من صاحب السمو الملكي ولي العهد، فيما يشرف مجلس استثمارات الشركات الكبرى على تنفيذ البرنامج. ويضم أعضاء المجلس كلاً من وزراء الاستثمار والسياحة والمالية والاتصالات وتقنية المعلومات والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ومحافظ صندوق الاستثمارات العامة وأمين لجنة مجلس الشؤون الاقتصادية ونائب وزير الاقتصاد والتخطيط.
وسُمي البرنامج بذلك لما يجسده الاسم من تعزيز روح الشراكة بين القطاعَيْن العام والخاص، بصفتها الفلسفة الموجهة للبرنامج الجديد الذي تأسس لتحقيق فوائد ضخمة للشركات الخاصة الكبرى في السعودية.
وقد تأسس البرنامج لتسريع نمو فرص الأعمال داخل السعودية، ودعم تحقيق رؤية 2030. ولا يُعدُّ البرنامج استجابة مباشرة للآثار الاقتصادية السلبية لجائحة كوفيد-19، ولكنه يحقق عددًا من الأهداف، أبرزها دعم النمو المستدام لاقتصاد السعودية.
ويُعدُّ إطلاق البرنامج خطوة أخرى للمملكة، تمهد الطريق نحو اقتصاد وطني مرن ومتنوع.
وتتماشى مسؤوليات برنامج “شريك” مع أولويات رؤية 2030؛ إذ تم تصميم البرنامج لتعزيز تطوير وتنويع الاقتصاد الوطني. كما يسعى البرنامج إلى تعظيم مرونة اقتصاد السعودية عبر إطلاق مشاريع حيوية، تُسهم في تنمية القطاعات الاقتصادية الرئيسية.
وسيهيئ البرنامج أيضًا فرصًا للتفاعل مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتأثيرات متراكمة في سلاسل القيمة كلها، ضمن مجموعة واسعة من قطاعات الاقتصاد الوطني.
وسوف يصبح البرنامج جزءًا أساسيًّا من الاستراتيجية الوطنية للاستثمار وخطة التنمية الاقتصادية الأوسع، وسيعزز سمعة السعودية بوصفها بيئة صديقة للأعمال، وجاذبة للاستثمارات الباحثة عن عوائد مجزية، إضافة إلى توفير دعم عملي ودقيق لتسريع نمو مشروعات الشركات الكبرى في السعودية؛ لما يمتلكه مجلس استثمارات الشركات الكبرى من إطار وإرشادات واضحة للشركات الكبرى، تؤهلها للحصول على الدعم، وتمكِّنها من المشاركة في الخطة بشكل اختياري ومصمم لتحقيق فوائد كبرى لهذه الشركات.
وستتلقى كل شركة دعمًا خاصًّا، وستستفيد من الدعم الحكومي الأكثر ارتباطًا بها؛ وهو ما يسرّع خططها وبرامجها الاستثمارية. وسيغطي الدعم واسع النطاق مجالات عديدة، قد تشمل الشؤون التنظيمية، والمالية، والتشغيلية، واستثمار الأصول، والتعاون المبني على الاحتياجات المحددة لكل شركة كبرى بهدف تحقيق طموحاتها الاستثمارية على المدى البعيد.
وللاستفادة من البرنامج يجب على الشركات الكبرى إثبات قدرتها على استثمار حد أدنى، يبلغ 20 مليار ريال على مدى العقد المقبل، والقدرة على استثمار 400 مليون ريال في كل مشروع إضافي لامتلاك المؤهلات اللازمة للحصول على دعم البرنامج.
ويشكّل صندوق الاستثمارات العامة طرفًا قياديًّا من الأمانة العامة المستحدثة للمساعدة في إدارة البرنامج. ويتولى معالي محافظ الصندوق، الأستاذ ياسر الرميان، منصب رئيس اللجنة التنفيذية لاستثمارات الشركات الكبرى.
كما يعد برنامج “شريك” إحدى الركائز الأساسية لخطط تنمية الاقتصاد السعودي، ويقيس أداءه بناء على التنفيذ الناجح للمشاريع ذات الأهمية الوطنية. ويهدف إلى المساهمة بما يصل إلى تريليونَي ريال في نمو الناتج المحلي الإجمالي في السعودية بحلول عام 2025، وإيجاد مئات الآلاف من فرص العمل على مدى السنوات الخمس المقبلة.
ومن المتوقع أن يسهم البرنامج في تمكين الشركات الكبرى من زيادة أهدافها الاستثمارية بما يزيد على خططها الحالية بمعدل 50 %. وليس هناك أهداف استثمارية محددة للبرنامج بسبب طبيعة كل شركة كبرى ومتطلباتها، ولكن تم تأسيس البرنامج لضمان الاستفادة من استراتيجيات الاستثمار الطموحة وتحقيقها بشكل أسرع بكثير من قبل.
وحول الميزانية النهائية للبرنامج والجهات الحكومية المشاركة في تقديم الدعم فسوف تعتمد على نوع الحوافز المطلوبة. ومبدئيًّا، تم تحديد الجهات الآتية التي من المحتمل أن تشارك في توفير الحوافز، وتشمل: وزارة المالية، ووزارة النقل، ووزارة الطاقة، ووزارة التجارة، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والجمارك السعودية، وصندوق التنمية الصناعية السعودي، وهيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، وهيئة السوق المالية، والبنك المركزي السعودي، والهيئة العامة للزكاة والدخل، والهيئة الملكية للجبيل وينبع، ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، ووزارة الصناعة والثروة المعدنية، ووزارة البيئة والمياه والزراعة، والهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية “مدن”، ووزارة الداخلية، وهيئة المدن والمناطق الاقتصادية الخاصة.
وسيتم تقديم أي دعم مالي مباشر للشركات الكبرى ضمن برنامج “شريك” حسب الحاجة إلى ذلك، وبناء على ما يتم التفاوض عليه بين الأطراف المعنية لاحقًا؛ لتكون كل من القروض والمنح متاحة، ولكن من المحتمل أن يكون تأثير هذه الحوافز على خفض تكلفة المشاريع الاستثمارية التي تنفذها الشركات الكبرى مختلفًا حسب طبيعة كل مشروع.
وعن دعم الشركات الكبرى فستتم دراستها وفقًا لكل حالة على حدة. وسيؤخذ بعين الاعتبار عدد من العوامل، مثل توفير فرص العمل، وتطوير البنية التحتية، وتاريخ الشركة الاستثماري. ولكن يتعين على الشركات الكبرى أن تنفِّذ خططًا لاستثمار 400 مليون ريال في كل مشروع؛ لكي تصبح مؤهلة للحصول على الدعم.
ويوفر البرنامج دعمًا من خلال النفاذ إلى الأصول، والدعم التشغيلي والتنظيمي والتعاوني؛ إذ تعد هذه الأشكال أهم مجالات الدعم التي تمكِّن المشاريع من إطلاقها في مرحلة مبكرة مقارنة بالخطط الحالية. كما يوفر البرنامج آلية تساعد على تسريع وتيرة الاستثمار، وتتصف بأنها مرنة جدًّا لتلبية متطلبات الشركات الخاصة الكبرى في السعودية على اختلاف القطاعات الاقتصادية التي تعمل فيها.
وتتولى لجنة الإشراف على البرنامج تقديم توجيه استراتيجي حول الاستثمار، ومراجعة مقترحات المشاريع، والإشراف على الدعم المطلوب، والعمل على ضمان تمكُّن الشركات الخاصة الكبرى من الشراكة مع الهيئات الحكومية والوزارية المعنية.
ويتاح البرنامج حاليًا للشركات الخاصة الكبرى فقط ذات المشاريع التي سيكون لها أثر كبير على الاقتصاد الوطني بشكل عام، لكن تسريع وتيرة المشاريع الاستثمارية المهمة سيكون له أثر واسع وإيجابي على القطاع الخاص، وسيسمح للشركات من مختلف الأحجام -ومنها الشركات الصغيرة والمتوسطة- بالاستفادة من المشاريع الجديدة التي يتم تنفيذها في الوقت الحالي. ويعد البرنامج مفتوحًا للشركات السعودية الكبرى فقط، لكن أثر البرنامج سيساعد الشركات العالمية على تأمين فرص تعاون مع القطاع الخاص السعودي، والاستفادة من فرص الاستثمار الجديدة في المستقبل.
ويسهم البرنامج في ممارسة الأعمال عبر إطلاق مشاريع كبرى في تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير الميزات المستمرة للاقتصاد كله. كما سيعمل البرنامج من خلال الموافقات السريعة والحوافز الأخرى على تسهيل بيئة الاستثمار، وتحسين سهولة ممارسة الأعمال في السعودية.
ويشرف على البرنامج مجلس يتضمن مختلف أصحاب المصلحة من المنظومة الاستثمارية، كما توجد خطط للتواصل مع 50 شركة كبرى من الشركات المدرجة في سوق الأوراق المالية وشركات القطاع الخاص.
وقد عبّرت الشركات الكبرى بشكل عام عن دعمها للبرنامج. وهناك إجماع بين هذه الشركات حول جدوى الجهود الحكومية الاستباقية، ونظرتها المستقبلية وديناميكيتها، وأن مثل هذه المبادرات ستسهم في تعزيز التعاون بين القطاعَيْن العام والخاص لزيادة النشاط الاقتصادي والازدهار في السعودية.
وفيما يتعلق بتقديم حوافز أو خيارات مختلفة، إذا كانت الشركات الكبرى مدرجة في البورصة أو شركات خاصة، فإن الميزات والفرص المتاحة للشركات الكبرى تعتمد على المعيار المستند إلى وجوب إظهار تلك الشركات القدرة على استثمار مبالغ تزيد على 20 مليار ريال حتى عام 2030، واستثمار 400 مليون ريال في كل مشروع كبير؛ لكي تصبح مؤهلة للحصول على دعم البرنامج.
تجدر الإشارة إلى أن هذا البرنامج طوعي، ولكن في ظل القدرة على تقديم دعم مخصص لتلبية متطلبات الاستثمار والمشاريع المحددة للشركات الكبرى فإن البرنامج على ثقة بأنه سيثبت جاذبيته لكل من الشركات الكبرى المدرجة في البورصة والشركات الكبرى من القطاع الخاص. وبدلاً من تحديد أهداف معينة تشارك الأمانة العامة وأعضاؤها بنشاط في الاجتماع مع الشركات الكبرى، كلٌّ على حدة؛ وذلك لمناقشة الفرص المتاحة.