كاتب سعودي محذراً: اتفاق الصين السري مع إيران سيقلب ترتيبات المنطقة
بعدما كشف الإعلام الأمريكي عن 18 صفحة سرية من اتفاقية الـ 25 عاماً، بين الصين وإيران، يحذّر الكاتب والمحلل السياسي السعودي عبدالرحمن الراشد، من أن هذه الاتفاقية قد تقلب ترتيبات المنطقة، لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، راصداً فشل محاولات الاتحاد السوفياتي منذ ذلك الحين لدخول إيران والسيطرة على منابع النفط، حتى جاءت الصين اليوم بشهية مفتوحة لتعقد هكذا اتفاق لدعم إيران على الأصعدة كافة.
اجتماع زعماء القوى الثلاثة في طهران
وفي مقاله “اتفاق الصين السري مع إيران” بصحيفة “الشرق الأوسط”، يبدأ الراشد بلغة مباشرة ومحذرة ويقول: “اتفاقية الخمسة والعشرين عاماً، بين الصين وإيران، قد تقلب ترتيبات المنطقة، التي رست عليها بعد الحرب العالمية الثانية.. فمنذ نهاية الحرب العالمية الأولى، صارت إيران، والمنطقة، محطَّ تنافس القوى الكبرى نتيجة النفط المتزايدة أهميتُه، مع التطور التقني لوسائل النقل المدنية والعسكرية. في الحرب العالمية الثانية، اتفق السوفيات مع البريطانيين والأميركيين على القتال في جبهة واحدة لمنع ألمانيا النازية من الوصول إلى إيران والمناطق البترولية. والتقى زعماء القوى الثلاثة: ستالين وروزفلت وتشرشل، في طهران خلال الحرب. وبعد هزيمة هتلر قرر السوفيات البقاء في إيران ووقعوا اتفاقيات بترولية، إلا أن واشنطن ولندن نجحتا أخيراً في إخراجهم وإلغاء الاتفاقية”.
انقلاب ضد مصدق وغزو أفغانستان
ويمضي “الراشد” في رصد وقائع تاريخ إيران والمنطقة، ويقول: “بعد عقد شعر البريطانيون والأميركيون أن وصول مصدق لرئاسة الحكومة الإيرانية، عبر الانتخابات، مدخل لليسار والسوفيات، فتم تدبير انقلاب عليه وحماية سلطات الشاه. وعاود الشك الأميركيين في نيّات السوفيات، عندما غزوا أفغانستان، المجاورة لإيران، في ديسمبر 1979، أي بعد عشرة أشهر من سقوط الشاه رضا بهلوي. سارع الأميركيون لمواجهتهم بدعم الأفغان، اعتقاداً أنهم ينوون العبور إلى إيران، حيث حلم القياصرة بالمياه الدافئة، والنفط أيضاً”.
لأول مرة يظهر الصينيون شهيتهم للتوسع
وعن السعي الصيني نحو المنطقة، يقول الكاتب: “هذه هي المرة الأولى التي يُظهِر فيها الصينيون شهيتهم للتوسع في منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً غرب آسيا وشرق إفريقيا، معتمدين استراتيجية (التعاون الاقتصادي) المكثف، فيما يسمى مشروع (الحزام والطريق). الصفقة مع إيران ليست مفاجئة، حيث بدأ التفاوض عليها من عام 2016. وجرى الحديث عنها العام الماضي، إنما توقيعها الآن هو ما أثار كثيراً من التساؤلات، في ظل التهدئة التي تسعى لها الإدارة الأميركية الحالية مع كل من الصين وإيران. كما أن تفاصيلها توحي بما هو أكثر من تعاون اقتصادي”.
من الأسلحة إلى جمع القمامة.. اتفاق سري خطير
ويؤكد “الراشد” خطورة الاتفاق السري بين الصين وإيران، ويقول: “بعد أن نُشرت الـ 18 صفحة السرية في الإعلام الأميركي، بات واضحاً أننا أمام اتفاق عميق جداً، يشمل تقريباً كل مناحي العمل من بناء الأسلحة إلى جمع القمامة، كما وردت. وتتطلب فهم ما ستعنيه لإيران، وتبعاتها على المنطقة والصراع الدولي. هل أصبحت الصين بذلك الدولة الراعية لإيران؟ وهل ستشعل التنافس مع الغرب، وتتسبب في حرب باردة بين الكبار وصراعات ساخنة بين حلفائهم أكثر مما هو قائم اليوم.. أم أن الصين ستلجم الجموح الثوري الإيراني المتزايد في المنطقة؟”.
التنين الصيني يزحف بهدوء إلى المنطقة
ويضيف الكاتب: “الأكيد أنَّ التنين الصيني يزحف بهدوء إلى المنطقة. غيَّر باكستان من حليف أميركي رئيس إلى سوق وشريك أكبر للصين. ووصلت طلائع جيش التحرير الشعبي الصيني وقواته العسكرية إلى خليج عدن، حيث بنى قاعدة عسكرية في جيبوتي لحماية خطوطه البحرية إلى إفريقيا. أي في المستقبل القريب، ربما تلجأ بكين للقوة العسكرية لحماية مصالحها في المنطقة، بما يعني أننا أمام تبدلات جيوسياسية غير مسبوقة”.
مكاسب خطيرة لإيران
ويؤكد “الراشد” على مكاسب إيران من هكذا اتفاق، ويقول: “إيران، بفعل اتفاقيتها مع الصين، تدخل عصراً جديداً، أمّنت حماية لنظامها، وسوقاً كبيرة لمبيعاتها من النفط والغاز. ووفق الاتفاقية، أيضاً، تتعهد بتطور قدرات النظام الإيراني العسكرية والأمنية في وقت تشتكي دول المنطقة من مغامرات طهران المسلحة، حيث تدير خمس حروب، العراق وسوريا ولبنان وغزة واليمن”.
الصين يهمها الممرات البحرية ولا يعنيها التوغل الإيراني بالمنطقة
ويتناول “الراشد” مبادرة “السلام” الصينية للمنطقة ويقول: “لم يفت علينا أن نلحظ حرص وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، الذي خصَّ السعودية بزيارة قبل الإعلان، وأعطى حديثاً لقناة العربية كشف فيه عن مبادرة (سلام) صينية خاصة بدول الخليج وإيران، تقوم على اقتراحات خمسة، بينها حماية الممرات البحرية ومنع الاعتداءات المسلحة في الخليج. وهذا يوحي بأنَّ الصين ليست مهتمة بوقف التوغل الإيراني في العراق وسوريا ولبنان. ربما، لا يهمها التدخل في نزاعاته إن كان ذلك يحقق الضغوط المطلوبة على خصومها الغربيين”.
أسئلة كثيرة حول تبعات الاتفاقية على المنطقة
وكما بدأ الكاتب محذراً، ينهي ويقول: “هناك كثير من الأسئلة حول تبعات الاتفاقية على المنطقة والعلاقات الدولية معها. للحديث بقية”.