الأخبار المحلية

مختصون صحيون: توطين صناعة الأدوية يعزز الأمن الدوائي للسعودية ويخدم الرؤية

وقّعت شركة Eli Lilly، وهي شركة أدوية أمريكية عالمية رائدة في مجال الرعاية الصحية ذات تراث يزيد على 140 عاماً، منها 40 عاماً في المملكة العربية السعودية، مؤخراً، مذكرة تفاهم لإنشاء مقر إقليمي للشركة في العاصمة الرياض، لتقديم أدوية عالية الجودة تلبي احتياجات العالم وتسهم في تطوير قدرات الرعاية الصحية المحلية بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030.

وانطلاقا من توطين الصناعات الدوائية في المملكة، وقرار حصر تعاقد الجهات الحكومية مع الشركات العالمية التي لها مقار إقليمية في المملكة الذي سيرتقي بالبيئة الاستثمارية، ويُسهم في تنمية وتوسيع أعمال الشركات العالمية، كما سيساعد على توطين الخبرات والمعرفة وتنمية المحتوى المحلي، أعددنا هذا التحقيق مع عدد من المختصين في الصناعات الدوائية وتوطينها في المملكة.

“الجديع”: توطين الأدوية سيسهم في توظيف 3 آلاف صيدلي سنوياً

البداية كانت مع البروفيسور أحمد بن حمدان الجديع، أستاذ الصيدلة الإكلينيكية الرئيس المؤسس للجمعية السعودية للصيدلة الإكلينيكية، الذي أكّد أن قرار نقل مقار الشركات العالمية إلى المملكة، خاصة قطاع الأدوية، “قرار حكيم طال انتظاره، ومهم لاقتصاد المملكة، الأكبر في الشرق الأوسط”.

وأضاف أنه يصب في صميم رؤية المملكة 2030 ويخدم أحد أهدافها، وهو تنويع مصادر الدخل وتشجيع الاستثمار الأجنبي وزيادة فرص نقل المعرفة والتكنولوجيا والتنمية المستدامة.

وأردف: سوق الأدوية السعودية، أكبر سوق في المنطقة، ويتجاوز حجمها (34) مليار ريال سنويا، والمتوقع أن يصل إلى (40) مليارا سنويا بحلول 2030، بنمو سنوي مركب يتجاوز (5.5) %، كما أن القطاع الحكومي يمثل الجزء الأكبر في مشتريات الأدوية، حيث سيوفر تطبيق القرار فرص نقل التقنية والاستثمار في الصناعات الدوائية، خاصة المعقدة منها، وفتح فرص التوظيف للشباب السعودي، حيث يتخرج سنويا (3) آلاف صيدلي مؤهل ومدرب”.

وحول أهمية توطين قطاع الأدوية في المملكة، وآثاره الإيجابية، خاصة مع تفاعل شركات عالمية مثل شركة Eli Lilly، التي وقعت مع وزارة الاستثمار بنقل مقرها إلى الرياض، قال “الجديع”: لا شك أن هذا القرار سيعزز الأمن الدوائي للمملكة، وسيكون له دور كبير في تبوء السعودية مركزا متقدما في الصناعة الدوائية في العالم، كما سيسهم في توطين الدواء وتعزيز سوق الاستثمار الدوائية، مما يؤدي إلى تدفق الاستثمارات الأجنبية وإمكانية دخول شركات دواء عالمية جديدة للسوق السعودية ورفع نسبة إسهام القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى خفض قيمة واردات الدواء التي تشكل عبئاً على موارد الدولة المالية”.

رئيس المجلس المهني للصيادلة: توطين قطاع الأدوية في المملكة تثبيت لمكانتها طبياً

من جانبه، قال الدكتور إبراهيم بن عبدالرحمن الجفالي رئيس المجلس المهني للصيادلة: “أهمية نقل مقار الشركات العالمية إلى المملكة، ولا سيما قطاع الأدوية، تأتي تثبيتا لمكانة السعودية ودورها الإقليمي والريادي فيما يخص صناعة الأدوية، والمجال الطبي عموما، وانعكاس مثل هذا القرار في السوق السعودية الواعدة سيكون في إيجاد مجالات واسعة لتوظيف خريجي الجامعات الوطنية من الصيادلة والصيدلانيات”.

وأضاف: “العمل في صناعة الأدوية من المجالات التي تم اعتمادها من المجلس المهني للصيادلة كمجال لممارسة مهنة الصيدلة في المملكة، سواء العمل المهني أو في المجالات الأخرى التي تمارسها شركات الأدوية في السوق المحلية”.

“الجزائري”: توطين صناعة الأدوية في المملكة له مردود فكري واقتصادي

أما الدكتور عبدالرزاق شيخ الجزائري مدير عام قطاع الخدمات الصيدلانية بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض رئيس المجلس العلمي للصيادلة، فقد أكد أن القرار “استراتيجي ويتماشى مع رؤية المملكة 2030، فصناعة الأدوية تعد من أهم الركائز الحقيقية في تطوير الرعاية الصحية، بالذات تطوير الأدوية، التي اختلفت وتطورت كثيرا من الشكل الكيميائي التقليدي إلى شكلها البيولوجي حاليا، إلى شكلها الجيني في المراحل الأخيرة، وبالتالي توطين الصناعة سيكون خطوة جبارة ومهمة للمضي نحو الرؤية”.

وأضاف “عبدالرزاق”: “صناعة الدواء تتم بشكل كبير في مراحل مختلفة، ومعظم الأدوية المكتشفة هي عن طريق شركات صناعات الأدوية الرائدة في العالم. لذلك، عندما نتحدث عن نقل عملية الصناعة، يأتي معها نقل الأبحاث، والدعم المادي المهول الذي يرافقها”.

وأردف: “صناعة الأدوية في المملكة حاليا غير مبتكرة، بينما صناعات الأدوية العالمية تأتي ومعها أبحاثها، والتصنيع الذي هو نتاج فكر تكنولوجي تطويري مع فكر علمي للوطن، يحقق الأمن الدوائي للمملكة، وقدرتها على الاكتفاء بأدويتها وتصنيعها وإنتاجها محلياً”.

وأشار إلى أن “صناعة الأدوية تدر على الشركات الكبرى مليارات الدولارات، خاصة تلك التي يتم اكتشافها حديثا، ويكون الدواء حصريا بما لا يقل عن (18) عاما، كما أن للاكتشاف في دولة المنشأ ميزة الحصول على الدواء بشكل مباشر وكأولى الدول بعد إنتاجه، فيكون تأثيره الاقتصادي كبير جداً على دولة التصنيع عالمياً”.

ونوه “الجزائري” بأهمية “توطين قطاع الأدوية في المملكة، فإضافة إلى توفير الوظائف، سيؤدي ذلك إلى إيجاد بيئة بحثية متكاملة لاكتشاف الأدوية ثم التصنيع، ونقل الخبرات العالمية ذات المردود الفكري والاقتصادي، يدر عوائد اقتصادية، والحصول على الدواء مباشرة دون عناء الاستيراد.

ولفت إلى أنه سيكون للجامعات السعودية والباحثين السعوديين أدوار كبيرة، من خلال تبني الشركات العالمية أفكارهم البحثية في اكتشافات عالم الأدوية”.

“العتيبي”: المملكة من أكثر دول المنطقة شراءً واستهلاكاً للأدوية

من جهته، قال الدكتور مورق العتيبي رئيس مجلس إدارة الجمعية الصيدلية السعودية، “قرار نقل المقار الإقليمية للشركات العالمية، خاصة الأدوية، مهم جداً، فالسعودية من أكثر الدول في المنطقة شراءً واستهلاكاً للأدوية، وهذا سيصنع اقتصاداً أقوى، ويولّد تعاوناً بين هذه الشركات والقطاعات الصحية المحلية، وقد يكون خطوة إضافية لمساعدة الشركات على عمل دراساتها السريرية والدوائية في المملكة، كما أن وجودها يساعد على تدريب المتخصصين، سواء الصيادلة أو الصحيين عموماً”.

وحول انعكاس نقل مقار شركات الأدوية إلى المملكة وتوطين الصناعة فيها، أضاف: “الرؤية السعودية 2030 تعتمد تعظيم الإيرادات غير النفطية، ويأتي من ضمنها قطاع مهم مثل الأدوية، فعملية وجود مقار للشركات الدولية والعالمية في المملكة يعطي إضافة للاقتصاد، ويقود إلى التوظيف وفرص الاحتكاك بها والعمل في بيئة أكثر تطوراً، سواء من مصانع أدوية أو شركات، وإتاحة العمل في أدوار مختلفة للصيالة والأطباء”.

وتابع: “توطين قطاع الأدوية في المملكة أمر ضروري جدا لإيجاد ما يسمى الأمن الدوائي، لسد احتياجات الوطن من الأدوية، أيضا يسهم التوطين بشكل كبير في استيعاب خريجي الكليات الصحية، خاصة كليات الصيدلة”.

ونوّه رئيس مجلس إدارة الجمعية الصيدلية السعودية بتوقيع شركة Eli Lilly الأمريكية الرائدة في صناعة الأدوية، مذكرة تفاهم لإنشاء مقر إقليمي للشركة في العاصمة الرياض، لتقديم أدوية عالية الجودة تلبي احتياجات العالم وتسهم في تطوير قدرات الرعاية الصحية المحلية بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030.

وقال: “بلا شك Lilly إحدى أهم الشركات العالمية وأبرزها، ولديها كثير من الأدوية التي تباع في السوق المحلية والعالمية، ووجود مقر إقليمي لها في المملكة يعد مكسبا كبيرا، وإضافة للسوق السعودية، ونتطلع إلى وجود شركات عالمية أخرى، لأن ذلك إضافة إلى جودة المنتجات الدوائية والطبية سينعكس إيجابا حتى على الشركات المحلية، بتسريع بيئة تطور مجال الصناعات الدوائية، وتوطين الأموال المصروفة على الأدوية والمستلزمات الطبية، وبالتالي زيادة النمو الاقتصادي”.