توظيف التقنية والشفافية.. كيف أصبحت السعودية نموذجًا دوليًّا يُحتذى في العمل الخيري؟
تحظى السعودية بتاريخ مليء بالإنجازات في مجال العمل الخيري، سواء داخليًّا أو عالميًّا. ومنذ تأسيس السعودية حتى الوقت الحاضر احتل العمل الخيري جانبًا مهمًّا من اهتمام الحكومة السعودية؛ ففي عام 1928 شهد العمل الخيري نقلة نوعية بأخذه الطابع المؤسسي في آلية العمل، بإصدار الملك عبد العزيز أمرًا بوضع نظام لتوزيع الصدقات والإعانات. وفي العام الذي يليه أُسست “لجنة الصدقات العليا” لتنظيم جمع الصدقات والزكوات من الأغنياء وتوزيعها على الفقراء. وامتدادًا لاهتمام السعودية بالعمل الخيري، وكذلك بالنهج المؤسسي في مضاعفة فوائده، أطلقت أمس الجمعة الحملة الوطنية للعمل الخيري عبر منصة إحسان.
وتتسق منصة إحسان مع النهج المؤسسي للمملكة في ممارسة العمل الخيري، غير أنها تواكب العصر بالتصميم والتطبيق؛ إذ “تعمـل المنصة علـى اسـتثمار البيانـات والـذكاء الاصطناعـي لتعظيـم أثـر المشـاريع والخدمـات التنمويـة واسـتدامتها، مـن خـلال تقديـم الحلــــول التقنيــــة المتقدمــــة، وبنــــاء منظومــــة فاعلــــة عبــــر الشــــراكات مــــع القطاعــــات الحكوميــــة والخاصــــة وغيــــر الربحيــــة؛ بهــــدف تعزيــــز دور السعودية الريــــادي فــــي الأعمال التنمويــــة والخيريــــة، ورفــــع مســــاهمة القطــــاع غيــــر الربحــــي فــــي إجمالي الناتــــج المحلــــي”. وهذا التوظيف للتقنية في خدمة العمل الخيري جعل السعودية نموذجًا يُحتذى في العالم في تطوير العمل الخيري وتعظيم فوائده.
ولا يقتصر النموذج الذي تجسده السعودية في ممارسة العمل الخيري على توظيف التقنية فحسب، وإنما يشمل أيضًا وضع إطار مؤسسي لتوفير الثقة والشفافية في عمل منصة إحسان. ويتشكل هذا الإطار من لجنة شرعية للمنصة، تضم عددًا من أعضاء هيئة كبار العلماء، وأعضاء باللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية، ولجنة إشرافية، تشمل الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا”، ووزارات: الداخلية، والمالية، والصحة، والتعليم، والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والعدل، والشؤون البلدية والقروية والإسكان، والبنك المركزي السعودي، ورئاسة أمن الدولة، وهيئة الحكومة الرقمية.
ورغم ارتكاز النموذج الذي تقدمه السعودية للعالم في ممارسة العمل الخيري على توظيف التقنية، ووضع إطار شرعي وإشرافي لتوفير الثقة والشفافية، فإن هناك عاملاً مهمًّا كذلك، هو مشاركة قيادة السعودية في العمل الخيري؛ إذ تبرع الملك سلمان بـ20 مليون ريال للعمل الخيري عبر المنصة، فيما تبرع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بـ10 ملايين ريال، دعمًا للعمل الخيري، وتشجيعًا للمواطنين على المشاركة فيه، وتحويله إلى ثقافة؛ وهو ما يوسِّع النطاق الافتراضي للعمل الخيري، ويضاعف فوائده وآثاره.
وليس غريبًا أن تقتدي الدول الأخرى بالسعودية في النموذج الذي تجسده في العمل الخيري؛ فطالما كانت السعودية رائدة دوليًّا في هذا المجال؛ ففي يناير 2020 احتلت السعودية المركز الخامس عالميًّا والأول عربيا في مجال تقديم المساعدات الإنسانية طبقًا لمنصة التتبُّع المالي التابعة للأمم المتحدة. وفي 2016 حازت السعودية المركز الأول عالميًّا في تقديم المساعدات الإنسانية.