الأخبار المحلية

“قمة القادة للمناخ”.. ما الإجراءات التي اتخذتها المملكة لوقف نزيف كوكب الأرض؟

في الوقت الذي يجتمع فيه قادة وزعماء العالم افتراضيًّا بدعوة من الولايات المتحدة لمناقشة قضايا المناخ الأكثر إلحاحًا في الوقت الراهن، كانت المملكة العربية السعودية تتقدم خطوات واسعة في إطار الحفاظ على البيئة ووقف تدهور الأراضي، ومكافحة التصحر، والاحترار العالمي عبر عدد من المبادرات الضخمة التي أعلن عنها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

مبادرات ضخمة
فقد اعتمدت المملكة عدداً من المبادرات البنّاءة في الفترة الأخيرة لإنقاذ كوكب الأرض؛ فقبل أيام قليلة أعلن ولي العهد عن مبادرتَي “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر”، اللتين تهدفان إلى رفع الغطاء النباتي وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث، وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية؛ وذلك من خلال زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة خلال العقود القادمة، بما يعادل إعادة تأهيل نحو 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة؛ ما يعني زيادة في المساحة المغطّاة بالأشجار الحالية إلى 12 ضعفًا، تمثل مساهمة السعودية بأكثر من 4% في تحقيق مستهدفات المبادرة العالمية للحد من تدهور الأراضي والموائل الفطرية، و1 % من المستهدف العالمي لزراعة تريليون شجرة.

وأطرت المملكة هذا الاتجاه المحمود نحو حماية الأرض، ومكافحة الاحتباس الحراري (الاحترار) عبر اعتماد الاستراتيجية الوطنية للبيئة، والتي تضمنت إعادة هيكلة شاملة لقطاع البيئة، لتحقيق الاستدامة البيئية، والاقتصادية، والرفاه الاجتماعي، والمشاركة البيئية، وأنشأت لذلك خمسة مراكز بيئية متخصصة، وأطلقت أكثر من ٦٠ مبادرة تتناول كافة جوانب البيئة بتكلفة إجمالية تتجاوز ٥٠ مليار ريال، كما اعتمدت نظاماً جديداً للبيئة يتوافق مع أفضل المعايير والممارسات الدولية.

وتستهدف الاستراتيجية الوطنية التي وضعها نحو 25 خبيرًا سعوديًّا في 17 مجالًا مرتبطًا بالبيئة، تعزيز فعالية قطاع البيئة، ورفع مستوى الالتزام البيئي لكافة القطاعات التنموية، وخفض التلوث والتأثيرات السلبية على البيئة، إضافة إلى تنمية الغطاء النباتي الطبيعي، ومكافحة التصحر، وحماية الحياة الفطرية، والحفاظ على التنوع الأحيائي، فضلاً عن تعزيز القدرة الوطنية على التكيف مع التغير المناخي، ورفع الوعي البيئي وتعزيز دور الجمعيات والعمل التطوعي، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وتحسين جودة خدمات الأرصاد وزيادة نطاقها.

التزامات المملكة عالميًّا
منذ أنْ صادقت المملكة على اتفاقية المناخ (اتفاق باريس 2015)، ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ، فإن السعودية أعلنت التزامها بتقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وبحسب الاتفاقية فانبعاثات الغازات المتسببة في الاحتباس الحراري لا تتجاوز 0.2% من أعمال شركة أرامكو السعودية عملاقة النفط.

كما أن كثافة الكربون، في أعمال قطاع التنقيب والإنتاج، في أرامكو، هي الأدنى مقارنة بأي شركة نفط كبرى، كما تشير العديد من التقارير العالمية المرموقة، فيما تبلغ كثافة غاز الميثان في أعمال الشركة، 0.06% فقط، وهي نسبة لا تُذكر قياسًا بمتوسط الصناعة.

وفي إطار خطة الدولة للمحافظة على البيئة، والتي تنفذها أرامكو بوصفها إحدى قلاع النفط العالمية، يقوم معمل الغاز في الحوية التابع لأرامكو باحتجاز ما يُقارب 800 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًّا، تُنقل عبر خط أنابيب، على مدى 85 كيلومترًا، إلى مرافق إنتاج البترول في العثمانية لتُستخدم في تعزيز الإنتاج.

وبوصفها أحد كبار المنتجين للنفط تسعى المملكة إلى تقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المصاحب وتدويره، للوصول إلى منظومة اقتصادية مستدامة تُعرف بالاقتصاد الكربوني الدائري، وهذه المنظومة هي بمثابة امتداد لدورة الغازات الحيوية والطبيعية للأرض؛ الأمر الذي يبرز جهودها المستمرة لتنفيذ ما التزمت به من إسهاماتٍ وطنية في إطار اتفاق باريس.

كما تسعى مشاريع الطاقة المتجددة السعودية إلى خفض أكثر من (7) ملايين طن من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، وأن يحل الغاز والطاقة المتجددة محل ما يقارب مليون برميل بترول مكافئ من الوقود السائل يوميًّا، تستهلك كوقود في إنتاج الكهرباء وتحلية المياه وفي القطاعات الأخرى، للوصول إلى المزيج الأمثل والأعلى كفاءة والأقل تكلفة، والأكثر إسهامًا في حماية البيئة والحفاظ عليها.

ووفقًا لما سبق أن أشار إليه الأمير محمد بن سلمان فإن هذه المشروعات الرائدة في قطاع الطاقة المتجددة مثل: محطة سكاكا لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، ومحطة دومة الجندل لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح، بالإضافة إلى مبادرتَي “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر”، تمثل أجزاء جوهرية من دور المملكة الريادي تجاه القضايا الدولية المشتركة، واستكمالًا للجهود التي بذلتها المملكة خلال فترة رئاستها مجموعة العشرين، والتي نتج عنها تبنّي المجموعة لمفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، الذي يسهم في تسريع استعادة توازن انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وهكذا فإن هذه المشروعات تعزز سجل السعودية في مجال الطاقة المتجددة، كما أنها تضاف إلى المكانة التي تتمتّع بها في مجال الطاقة بشكل عام.