“رؤية 2030”.. قدرة فائقة على مواكبة المستجدات الدولية وتوظيف الإمكانات.. هنا الدواعي
لم تكن رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قبل خمس سنوات، بمباركة ومتابعة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، مجرد كلام على ورق، وإنما هي نتاج أفكار استثنائية ودراسات ميدانية معمقة، رأت أن المملكة تستحق أن تكون في مكانة أفضل، وأن شعبها قادر تطويع هذه الأفكار وتحويلها إلى واقع معاش.
بحثت الرؤية طويلاً من أجل حصر إمكانات المملكة المعطلة، ووجدت أن تلك الإمكانات لا حصر لها، سواء في الإمكانات الطبيعية مثل الموقع الإستراتيجي، أو المناخ المعتدل في الكثير من مناطق المملكة، أو خيرات الله الموجودة في باطن الأرض، فضلاً عن إمكانات الشباب السعودي الذي يحتل نسبة كبيرة بين سكان المملكة، ورغبة هؤلاء الشباب في إثبات أنفسهم واكتشاف مواهبهم، وأخيرًا إمكانات الوزراء والوزارات في ظل الميزانيات الضخمة التي تصلها.
ومن هنا بحثت “الرؤية” في آلية إعادة توظيف واستثمار تلك الإمكانات في صورة مشروعات عملاقة غير تقليدية، وبالفعل كانت هذه المشروعات حديث الجميع، ليس في المملكة فحسب، وإنما في العالم كله، منها على سبيل المثال القدية، ومشروع البحر الأحمر، ونيوم.
المتغيرات العالمية
ويُحسب للرؤية أنها جاءت وحفزت المجتمع السعودي على الاستجابة السريعة للمتغيرات المحلية والدولية، تلك المتغيرات التي وكأنها تصنع ظروفًا عالمية جديدة، توجه العالم إلى مسار بعينه، وتتطلب من الدول أن تتأقلم معها وتساير موجتها حتى تحقق متطلباها مكتملة.
في المقابل، أدرك ولي العهد في وقت مبكر للغاية، أن “الرؤية” لن تقوم إلا على سواعد الشباب السعودي، لأنه خير من يطور بلاده، وبالتالي على هؤلاء الشباب أن يغيروا أنفسهم وأسلوب تفكيرهم ويعلوا بسقف طموحاتهم، كما عليهم أن يفكروا من خارج الصندوق، ويخرجوا بأفكار جديدة، تساعدهم على تلبية متطلبات الرؤية من جانب، وتحقيق أهدافهم الشخصية من جانب آخر، وكان رهان ولي العهد على الشباب في محله، عندما نجح هؤلاء الشباب في تحقيق المزيد من النجاحات، ومازال لهذه النجاحات بقية.
معادلة النفط
وفي الوقت الذي أعلن فيه ولي العهد عن رؤيته، كان العالم يواجه صعوبات اقتصادية جمة، أدت إلى انكماش الاقتصاد الدولي، ما أدى إلى تراجع الطلب على النفط، وهو ما أدى إلى تراجع في أسعار النفط إلى مستوى يهدد ميزانيات المملكة المتعاقبة.
ومن هنا، أعلن ولي العهد في أحد أهداف الرؤية أن المملكة عازمة على عدم الاعتماد على دخل البترول، وأن الاقتصاد السعودي يجب أن ينطلق من قطاعات اقتصادية متنوعة وقوية، تكون قادرة على تنويع مصادر الدخل ودعم خزانة البلاد بصورة مستدامة.
تابع العالم كيف سيحقق ولي العهد هذه المعادلة، وكيف تستغني المملكة عن البترول، وهي دولة نفطية في الأساس، وكيف يستحدث قطاعات اقتصادية جديدة تصل في دخلها إلى الدخل الذي يحققه النفط.
وكان ولي العهد على الموعد، ونجح في تحقيق المعادلة، وألهم شباب الوطن التفكير العلمي الدقيق، الذي أثمر أفكارًا جديدة لتحقيق الأحلام والتطلعات، من خلال دعم قطاعات اقتصادية جديدة، مثل الترفيه والسياحة ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وبجانبهما الاهتمام بقطاعات أخرى وتطويرها مثل الصناعة والزراعة والبتروكيماويات، ولم يكن هذا من فراغ، وإنما من قدرة رؤية 2030 على تحقيق أعلى نسبة استفادة من الموقع الفريد للمملكة، ومن الإمكانات الاستثنائية للبلاد، واستقطاب أفضل المواهب، وجذب المزيد من الاستثمارات العالمية.
تجديد الثقة
ومن الركائز الرئيسة لرؤية 2030، توفير بيئة تطلق إمكانات الأعمال وتوسّع القاعدة الاقتصادية، وتوفر فرص عمل لجميع السعوديين، هذه المرتكزات حرصت عليها الرؤية منذ اليوم الأول من انطلاقها، لأنها استشعرت أن توفير فرص العمل للشباب، يمنحهم الطاقة اللازمة والأمان الوظيفي لمواصلة الفكر الإبداعي، وبذل الجهد من أجل توفير متطلبات الرؤية.
واليوم، ومع مرور خمس سنوات على إطلاق الرؤية، يجدد الشعب السعودي ثقته في ولاة أمره، وفي الرؤية، وقدرتها على تجاوز الصعاب ومواجهة التحديات، وتحقيق كامل تطلعات الشعب السعودي في أن يكون لهم وطن قوي وراسخ، قائم على مبادئ اقتصادية قوية، قادرة على مقاومة الأزمات.
ولم يكن للاقتصاد السعودي أن يواجه جائحة كورونا وتأثيراتها الشاملة على كل مناحي الحياة، على مدى عام ونصف العام، لولا قوته وصلابته التي اكتسبها من مشروعات الرؤية، وهو الأمر الذي كشف عن ميزة جديدة للرؤية، بأنها تتأقلم مع المستجدات المحلية والدولية، وقادرة على التعامل المثالي مع أي ظروف طارئة، في مرونة واضحة لهذه الرؤية التي تستحق أن تكون تجربة ناجحة قابلة للتدويل، والتعريف بها على نطاق واسع من العالم.