سعوديات في تونس يستحضرن عادات وتقاليد رمضان في الغربة
مع تطور وسائل الحياة والمعيشة وتلاشي الكثير من العادات والتقاليد في زماننا، لم تختلف عادات السعوديين وأبنائهم داخل الوطن عمن هم خارجه، حيث اجتهدوا في الحفاظ على ارتباطهم بها في كل المناسبات، ومحاكاتها حتى خارج المملكة بأدق تفاصيلها، خصوصًا في شهر رمضان الكريم، الذي يزداد خلاله الحنين إلى الوطن والشوق إليه.
مواطنو المملكة في تونس وأبناؤهم يعيشون الشهر الكريم بمزيج من العادات والتقاليد الهادفة في مجملها إلى محاكاة مثيلتها في المملكة، للتخفيف نسبيًا من الإحساس بالغربة عن الوطن، خصوصًا أن شهر رمضان يحتل مكانة فريدة في ذاكرة ووجدان كل سعودي على مر التاريخ، وقد أصبغوه بمظاهر ومعانٍ جعلته مختلفًا عن سائر بلدان الشرق الأخرى، فأقاموا من أجله الليالي الاحتفالية العامرة بشتى صنوف الزينة، وحرصوا في الوقت ذاته على التقرب إلى الله خلال أيامه بالصيام والقيام والصلاة والزكاة.
مريم بنت عبدالله سعودية تعيش مع عائلتها في تونس وهي تنحدر من مكة المكرمة، حدثتنا عن حلاوة شهر رمضان ولياليه في بيت الله الحرام، وقالت:
“إنه شهر مقدس جدًا لكل سعودي بأجوائه الروحانية وتقاليده التي تبدأ قبل الشهر الكريم بأكثر من أسبوع، حيث نحرص على إعداد ديكور خاص به في المنزل، ونخصص ركنًا في المنزل هنا في تونس، نؤثثه بفوانيس مختلفة الأشكال والألوان وأنواع مختلفة من البخور التي نجلبها معنا من المملكة، لنعطر بها أجواء ليالي رمضان شهر الخير والبركة” .
وتواصل مريم حديثها عن الاستعدادات الخاصة بالشهر الكريم لتؤكد أن استبشارهم به ينعكس من خلال الاهتمام بالمظهر وشراء ملابس جديدة والحرص على أداء العبادات خصوصًا ختم القرآن الكريم طيلة الشهر.
ولا يمكننا الحديث عن الشهر الكريم وما يرتبط به من المطبخ السعودي بتفاصيله وتنوعه من المقبلات إلى القهوة السعودية برائحة الهيل, وأمعنت الدكتورة نورة السماعيل وهي مواطنة تعيش مع عائلتها في تونس في الحديث عن اشتياقها للمة العائلة والجمعة وصلاة الجماعة مع صلاة المغرب، وقراءة الدعاء والسهر حتى أذان الفجر ليليًا وسط أجواء روحانية مفعمة بالحب والرحمة والتقرب إلى الله، خصوصًا مع حرص والدها – رحمه الله – على أداء عمرة في كل رمضان، هذا إضافة إلى المطبخ السعودي المعروف بتنوعه، والقهوة والتمر اللذان لا يفارقان أي جلسة سعودية من الإفطار وحتى أذان الفجر.
الآنسة روابي العوهلي، حدثتنا وبشغف عن عاداتهم في القصيم والتي لا تختلف في شكلها أو مضمونها عن باقي مناطق المملكة وقالت : إن ما يشدني أكثر لأجواء رمضان في المملكة كثرة الأعمال الإنسانية والخيرية، وخصوصًا إعداد وتقديم الإفطار للمساكين والمحتاجين.
وتختلف المسميات ولكن السمات والعادات والصفات والتقاليد واحدة في مختلف مناطق مملكتنا العزيزة”، بهذه العبارات أعربت روابي عن اشتياقها لأجواء الوطن، مؤكدة أن شهر رمضان الكريم يبقى ضيفًا عزيزًا على قلب كل مسلم، وفي المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين الشريفين له نكهة خاصة، تتميز عن كل الدول العربية، فهو شهر الصيام والقيام والخير والبركة.
وتضيف العوهلي: “إنها تحرص على محاكاة المطبخ السعودي عبر تحضير السمبوسة والكبسة والمندي والجريش وغيرها من الأكلات الرئيسة، والحلويات مثل اللقيمات والحنيني والكليجة إضافة إلى المشروبات الخاصة بشهر رمضان”.
من جانب آخر شددت شهيرة وهي مواطنة سعودية تعيش في تونس منذ 7 سنوات، وطالبة في كلية الاقتصاد والتصرف بتونس بالسنة الثانية، على أن شهر رمضان يرتبط في مخيلتنا بصور الصلاة والعبادة والروحانيات، والتراحم الأسري والتلاحم في المجتمع، والموائد العامرة بأصناف الطعام والشراب المختلفة، وهذه الأمور تعطي رمضان سحرًا يكاد يكون ملموسًا في بيوت السعوديين أينما وجدوا، وعلى الرغم من بعد المسافات إلا أننا نحرص على استنساخ عاداتنا وتقاليدنا السعودية العريقة في أي أرض حللنا بها، خصوصًا أن المواطن السعودي مشبع بتراث عريق وأصيل يستحضره أينما حل”.