الأخبار المحلية

خطيب الحرم المكي: مضى جل رمضان وكأنه ساعات بل لحظات

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالله الجهني، المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن، فإن تقواه أربح تجارة وبضاعة، والحذر من معصيته فقد خاب عبد فرط في أمر ربه وأضاعه.

وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: مضى جُل رمضان وكأنه ساعات بل كأنه لحظات، وما زال سائرًا ولن يتوقف لتوقف متكاسل أو متثاقل أو متباطئ، وقافلته ماضية لا تنتظر قاعداً ولا توقظ راقداً، ولم يبق منه إلا القيل، والقليل الباقي فيه الخير العميم والأجر العظيم، والأعمال بالخواتيم نسأل الله أن يصلح لنا ما مضى وما بقي، وأن يجعله شاهداً لنا لا علينا، شاهد للمؤمن بطاعته وعبادته وقربه من ربه عز وجل، وشاهد على من قصر بتقصيره وتفريطه، وقطب رحى سعادة المرء في الدنيا والآخرة أن يشغل نفسه بالقبول لا بالأعمال.

وبيّن أن العبدَ مأمورٌ بالسَّعي في اكتسابِ الخيرات، والاجتهادِ في الأعمال الصالحات، وكلٌّ مُيَسَّر لما خُلق له)، موردًا قصة إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام في رفع قواعد بيت الله الحرام، والفزع بعد التمام إلى طلب القبول من رب العالمين، مخافة ألا يتقبل منهما، قال تعالى: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم}، داعياً إلى الإخلاص في طاعته سبحانه وتعالى، وتخصيص ما بقي من رمضان بمزيد من الدعاء أن يتقبل منا والتعرض لنفحات الله سبحانه وتعالى بكثرة القراءة والتكبير والركوع والسجود والتهليل والتسبيح والتحميد والإكثار في أيامه من الصدقة والإحسان إلى الفقراء والمساكين {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

وأشار إلى أن أفضل أوقات شهر رمضان العشرة الأُخَر، فيها ليلة مباركة هي خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر، فيها يُفرق كل أمر حكيم، تكتب الحوادث والتدبير، يصل فيها الرب ويقطع، ويعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، ويميت ويحيي، ويسعد ويشقي، وتجري أقلام القضاء والتقدير، وقد كان من هديه عليه الصلاة والسلام، أن يجتهد في هذه العشر ما لا يجتهد في غيرها، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد المئزر.

ودعا “الجهني” إلى الاقتداء بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم فإنه هو الأسوة والقدوة، والجِد والاجتهاد في عبادة الله، وألا يضيع ساعات هذه الأيام والليالي؛ فإنه لا يدري لعله لا يدركها مرة أخرى باختطاف هادم اللذات ومفرق الجماعات والموت الذي هو نازل بكل امرئ إذا جاء أجله، وانتهى عمره، فحينئذٍ يندم حيث لا ينفع الندم. عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: قلت يا رسول الله أرأيت إن علمتُ أيُّ ليلةٍ ليلةُ القدْرِ، ما أقول فيها؟ قال: “قولي: اللهم إنك عفوٌّ تحب العفوَ فاعفُ عني”.