لماذا يعد مجلس التنسيق الأعلى السعودي الباكستاني منعطفاً جديداً في الارتقاء بالعلاقات؟
واكبت نشأة العلاقات السعودية الباكستانية تأسيس دولة باكستان عام 1947م، وهذا ما أكسبها رسوخاً واستقراراً وعزز فرصها في التطور الدائم لتحقيق الشراكة الاستراتيجية المنشودة بين البلدين في كل المجالات الحيوية، ويعادل عمق العلاقات التاريخية بين المملكة وباكستان عمر دولة باكستان نفسها، وهذا ما جعل من السعودية حليفاً مقرباً بالنسبة لباكستان على الصعيدين الدولي والإسلامي، وقد انعكس ذلك على نظرة الباكستانيين للمملكة حيث ينظر 9 من كل 10 باكستانيين إلى المملكة بشكل إيجابي، ولا يرون فيها أي شيء سلبي، وفقاً للاستطلاع الذي أجراه مركز بيو الأمريكي للدراسات.
ومن مظاهر التقدير الباكستاني العام للسعودية، تغيير اسم مدينة ليالبور الباكستانية إلى فيصل آباد؛ تكريماً للملك فيصل بن عبدالعزيز على إسهاماته النوعية في تطوير العلاقات بين البلدين، وقد استمر الارتقاء بالعلاقات من خلال الزيارات المتبادلة لقادة البلدين، ومنها زيارة رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان إلى المملكة في سبتمبر 2018، في أول زيارة رسمية له عقب فوزه في الانتخابات، وكذلك الزيارة التاريخية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى باكستان في فبراير 2019، التي مثلت نقلة نوعية في تاريخ العلاقات؛ لما شهدته من تطوير للتعاون الاستراتيجي بين الدولتين، حيث جرى توقيع 7 اتفاقيات ومذكرات تفاهم بلغت قيمتها 20 مليار دولار.
وكما شهدت زيارة ولي العهد أيضاً تأسيس مجلس التنسيق الأعلى السعودي الباكستاني، الذي يعد منعطفاً جديداً في تطوير العلاقات الثنائية بين الرياض وإسلام آباد، فنظراً لأهميته يرأسه من الجانب السعودي ولي العهد ومن الجانب الباكستاني رئيس الوزراء، وتكمن فاعليته في “تطوير العلاقات الثنائية، وجعلها علاقات مؤسساتية في مختلف المجالات والدفع بها إلى آفاق أرحب” بحسب البيان المشترك الذي صدر في اختتام زيارة الأمير محمد بن سلمان، وقد اتفق بالبلدان على تعقد اجتماعات المجلس بالتناوب بين البلدين، كما اتفقا على دمج اللجنة المشتركة المعنية التبادل التجاري ضمن المجلس “للاستفادة من جميع القنوات المتاحة لتعزيز التجارة الثنائية والاستثمار وتشجيع التواصل بين الشعبين وبين رجال الأعمال”.
وتحرص المملكة على تطوير العلاقات التجارية بين البلدين، وإزالة أي معوقات تحد من تنمية التبادل التجاري، انطلاقاً من الفرص الاقتصادية الضخمة والواعدة المتوفرة للتعاون بين الجانبين، ومنها قطاع التعدين والبتروكيماويات، حيث أبرمت شركتا أرامكو وسابك السعوديتين اتفاقاً لإنشاء مصفاة للنفط وصناعة البتروكيماويات بقيمة 10 مليارات دولار في ميناء جوادر الباكستاني لنقل نفط المملكة إلى الصين ودول آسيا الوسطى، ولا تقتصر الفرص على قطاع التعدين والطاقة، فهناك فرص أخرى كثيرة مطروحة للتعاون بين القطاع الخاص في مجالات المنتجات الغذائية ومواد البناء والأدوية، وقد شرع الجانبان بالفعل في الاستثمار في هذه الفرص، لكن لايزال البلدان يتطلعان إلى مستويات استثمار أعلى في هذه المجالات.