“الفقه الإسلاميِّ الدوليِّ” ينوه بقرار السعودية السماح لعددٍ محدود لأداء فريضة الحج
أكد مجمع الفقه الإسلاميِّ الدوليِّ، الثلاثاء، أن قرار المملكة بالسماح لعددٍ محدود من المواطنين والمقيمين لأداء فريضة الحج لهذا العام يتفق مع مقررات الشريعة الكبرى، كما يحقِّق المقاصد الضرورية العليا للشريعة، خصوصًا مقصديْ حفظ الدين، وحفظ النفس.
وفي التفاصيل، قال المجمع في بيان أصدره الثلاثاء “إن مجمع الفقه الإسلاميِّ الدوليَّ برئاسته، وأمانته وأعضائه، وخبرائه إذْ يستقبلون موسم حجِّ عام 1442هـ يستذكرون ما خصّ المولى، عزَّ وجلَّ، البيت العتيق من فضائل عظيمة زمانًا ومكانًا؛ إذ إنَّه يُعدّ أحبَّ البقاع إليه عزَّ شأنُه، كما يعدّ أولاها طهارةً وأمنًا، ومعاذًا، ومهابةً، واستقرارًا، وإجلالاً، وإنّ المحافظة على تلكم الخصائص السامية التي يختصّ بها بيت الله الحرام تُعدّ من أكد الواجبات، كما أنّ القيام بواجب التطهير وتوفير الأمن والأمان، وتعظيم الشعائر يعدّ من أقدس الفرائض، وأجلِّها على مرِّ العصور وكرِّ الدهور.
وأضاف البيان: “ومن هنا، فإنّ المواظبة والمداومة على تطهير هذا البيت العظيم بغسله، وتعطيره، وصيانته من الأوبئة، والأمراض، والأدران امتثال للمقررات الشرعيّة الخالدة، وتحقيق لمقاصد الشريعة الإسلاميَّة الغرّاء، والتزام بأجلِّ القُرُباتِ، وأعظمِ العبادات، وأرفع الطاعات عند الله جلَّ جلاله.
وتابع:” أنَّ العالم اليوم يمرّ بظروف استثنائيَّة صحيَّة طارئة بسبب انتشار غير مسبوق لجائحة كورونا، تلك الجائحة التي زرعت الخوف والفزع والهلع في كل مكان، وقضت على أنفس كثيرة، وعطّلت السير والحركة في الأقطار، وأثَّرت تأثيرًا بالغًا في جميع مناحي الحياة، وعلى الرغم من تلكم الجهود العلميَّة والعمليَّة الجبَّارة التي بذلتها ولا تزال تبذلها الدُّول والأمم في جميع أنحاء المعمورة من أجل مكافحة هذه الجائحة، والحدِّ من انتشارها، غير أنَّ الحقيقة المرَّة هي أنًّ الجائحة لمّا يُسيطر عليها، إذ إنَّها ما فَتِئت تواصل انتشارها في كثير من الأرجاء، بل إنَّها تتحوَّر سلالاتُها، وتتصاعد موجاتُها بين الفينة والأخرى.
وأكمل البيان: “انطلاقًا مما دأبت عليه المملكة العربيَّة السعوديَّة التي شرَّفها الله تعالى باحتضان الحرمين الشريفين من تقديم أرقى وسائل الراحة والأمن والأمان للحجيج والمعتمرين والزائرين الذين يفدون إلى هذه الأراضي المباركة كل عام، فيؤدون شعائرهم في يسرٍ يفوق كلَّ وصف، وفي سهولةٍ يعجز اللسان عن بيانها؛ وابتداءً بثقة فقهاء الأمَّة وعلمائها ومفكريها من جميع أنحاء البسيطة في إخلاص وتفاني تلك القيادة الرشيدة في حماية هذه البقاع الطاهرة، والمحافظة عليها؛ بل اعتدادًا بتلك الدقَّة والحِكمة والحِنكة التي تميّزت بها القرارات التي اتخذَتها تلكم القيادة للحدِّ من انتشار الجائحة، قيامًا بمسؤوليَّتها أمام ربِّها جلَّ جلاله، وتحقيقًا لتعليمات دينِها السَّامية، وتبرئةً لذِمَّتها أمام التاريخ.
وأشار البيان إلى أن مجمع الفقه الإسلاميِّ الدوليّ، برئاسته، وأمانته، وعلمائه الثقات الذين يمثِّلون الأمَّة في جميع الأقطار والأمصار، يغتنمون هذه المناسبة ليؤكِّدوا للشعوب الإسلاميَّة والمجتمعات المسلمة في جميع أنحاء البسيطة على رصانة وحصافة ذلك القرار الذي اتخذته حكومة المملكة العربيَّة السعوديَّة المتمثِّل في السماح لعددٍ محدودٍ من المواطنين والمقيمين لأداء فريضة الحجِّ لهذا العام(1442هـ)، وليشددوا أيضًا على كون ذلك القرار قرارًا حكيمًا يتفق مع مقرَّرات الشريعة الإسلاميَّة الكبرى، ويحقِّق المقاصد الشَّرعيَّة العليا، خصوصًا مقصدي حفظ الدين، وحفظ النفس، وإنَّ تنظيم فريضة الحجِّ تتحقَّقُ به المحافظةُ المرجوَّة على مقصد حفظِ الدّين، كما أنَّ السماح لعددٍ محدودٍ لأداء هذه الشعيرة في هذا العام في ضوء الظروف الصحيَّة الاستثنائيَّة في الوقت الراهن تتحقّق به المحافظة المنشودة على مقصد حفظ النفس.
ودعا المجمع الذي يمثِّل المرجعيَّة الفقهيَّة العالميَّة الأولى لدول العالم الإسلاميِّ والمجتمعات المسلمة خلال البيان، المسلمين في جميع أنحاء العالم إلى احترام هذا القرار الصائب، كما يدعو أولئكم الحجيج الذين سيمنُّ الله عليهم لأداء هذه الفريضة العظيمة هذا العام إلى الالتزام التامِّ بكل التوجيهات الصحيَّة الموفَّقة، والإرشادات الاحترازيَّة المحكمة الصادرة من السلطات المعنية أثناء أدائهم لمناسك الحج.
وأعرب المجمع عن شكره للجهود التي تبذلها المملكة العربيَّة السُّعوديَّة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وصاحب السموِّ الملكيِّ الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع – حفظهما الله – في عمارة الحرمين الشريفين، وخدمة قاصديهما من الحجَّاج والمعتمرين والزوَّار، وأن يجزيهما الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأدام عليهما وعلى الشعب السُّعوديِّ نعمة الأمن والأمان والاستقرار، وتقبَّل الله من الحجيج حجَّهم، وجعله حجًا مبرورًا، وسعيًا مشكورًا وذنبًا مغفورًا، وتجارة لن تبور.