يوم فخر واحتفاء
يوم فخر واحتفاء
لم يكن الوطن كلمة جامدة تعرفها معاجم اللغة وقواميسها، بل هو شيء يحسه القلب، وتطرب له النفس، وصدق من عرفه بأنه ذاك الشيء الذي يعيش فينا لنحيا على ترابه.
ويأتي الثالث والعشرون من سبتمبر كل عام؛ ليحمل البشريات، وتهيج معه الذكريات، فتسعد النفس بماض تليد. عاد اليوم الوطني؛ كي يحفزنا على الاستمرار في طريق الأخيار، وتعهد مسالك الأبرار؛ نحو مستقبل تبنيه سواعد الإعمار، مستندة على رؤية رشيدة راشدة، تتجاوز العقبات، وتتخطى الصعاب، وتستجيب للتحديات؛ لتصنع الأمجاد، وتضع الوطن في مصاف العظام.
لقد غدى اليوم الوطني أيقونة ملهمة، تذكرنا بقوتنا، ونجاحات أجدادنا الأخيار، ومجد دولتنا الذي شيدوه، ووحدة شعبنا الذي جعلوه نسيجا واحدا يزين رايتنا الخضراء. ونستذكر فيه كفاحا حقق الإنجازات، وسطر الأمجاد، وأنشاء وطنا يفخر به ويفتخر كل من عاش على ترابه، أو استنشق نسيم هوائه، أو استظل بوافر ظلاله، أو نعم في جميل خيراته. إنه يوم يجمع كل معاني الوطنية، ويعيد نسجها في نفوسنا.
فوطن النعم السابغات، والأمجاد النيرات؛ كلنا نحب رفعته، ونسعى لتحقيق مكانته، فقد بذل الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – الجهد ليوحد كلمة كانت سرابا، وفئاما كانوا شتاتا، فجمع الله به الكلمة ووحد به الصف، وأنار على يديه ظلمات التخلف، ونشر على يديه الخير في ربوع جزيرة العرب، وحقق على يديه دوله للتوحيد قامت تنصر الحق، وتعين الملهوف، وتنصر المظلوم، رايتها خضراء خفاقة؛ يزينها شعار التوحيد وكلمته.
ولم يكن التوحيد أمرًا سهلًا بل كان عملًا مضنيًا استغرق أعوامًا، واستهلك جهودًا، فقد كان للمؤسس -رحمه الله – فوق عبقريته العسكرية المعروفة حسًا سياسيًا باديًا، فلم يتوقف عند مجرد التوحيد؛ بل توجه لتثبيت كيان الدولة؛ لتصير لها وحدة حضارية تواصل بها الرسالة التي قامت بها الجزيرة العربية قديمًا في حياة البشرية؛ ولذا فقد كان الملك عبدالعزيز فخورًا وشاكرًا لله على توحيد الجزيرة العربية بعد شتات وفرقة، وجاء كفاحه في أوانه فقد كان العرب في شتات وفرقة وتخلف وجاءت الوحدة ردًا على هذا الواقع الثقافي والاجتماعي المؤلم.
ورحل المؤسس – رحمه الله – والوطن في أيد أمينة؛ فخلفه رجال للحق شجعان، حملوا رايته، وساروا على دربه، وسلكوا مسلكه، فأنار الله بهم الطريق، وسدد الرأي، فكانوا خير خلف لخير سلف، حتى حمل عنهم الراية سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – سلمان الخير والعزم والحزم، يعاونه الأسد الهصور، ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله وأدامه – فأشعل الحراك التنموي؛ فكان صاحب الرؤية الثاقبة، والبصيرة الحاضرة، فسارع الخطى ليلحق بركب التقدم فوضع أقدام الوطن بين العظام، وحط رحال المملكة وسط الكبار، فأضحى الوطن على يديه، وبفضل جهوده له مكانه ومكانته في المحافل الدولية والإقليمية
لقد أصبحت المملكة على يد رجال الصدق قادتها، قبلة المنطقة السياسية، بعد أن حوت أراضيها قبلة الإسلام والمسلمين، وارتقت المملكة لتضاهي العظام وتصبح منهم.
بلاد الخير والنماء هذا يوم نشأتك، فحق لنا أن نفخر، وحقيق لنا أن نسعد، أن من الله علينا فكنا من أهل بلاد الخير والعطاء، والحزم والعزم والنماء؛ فدمت يا وطني متفرداً بالحُب والعطاء متميزًا بالأمن والرخاء شامخًا بالمجد والعزة. فهذا يوم فخر واحتفاء لكل مواطن أو مقيم في مملكة الخير والعطاء، وأرض البذل والفداء أن يرفع فيه رأسه شموخاً وفخراً بما تحقق على أرض وطنه المعطاء، وندعو الله العلي القدير أن يحفظ لنا ولاة أمرنا وأن يمتعهم بالصحة والعافية وأن يجزيهم خير الجزاء لما يبذلونه لراحة أبناء هذا الشعب الوفي.
خالد بن هزيل الدبوس الشراري
كاتب وباحث في التراث والتاريخ
محافظة طبرجل – منطقة الجوف
التاريخ 23/9/2021م