بين صورتين: المفارقة حاضرة في غزة وإسرائيل.. بين صاحب الأرض ومغتصبها!
مجرد صورتَيْن، ولكن تحملان ما تحملان من دلالة ورمزية. إحداهما لفلسطيني، والأخرى لإسرائيلي، أحدهما يجلس وسط الحطام والدمار الذي أحدثه القصف الإسرائيلي الوحشي، والآخر يفر حاملاً أمتعته عبر مطار بن جوريون في مفارقة واضحة.
في الصورة الأول، يجلس شابان فلسطينيان فوق أنقاض أحد المباني المدمرة في غزة من جراء القصف، ومن حولهما الركام والحطام يملأ الأرجاء، في ظل استعداد الاحتلال لغزو قطاع غزة بريًّا، ووسط شائعات وخطط تحاك في الظلام لتهجير أهل القطاع قسرًا إلى شبه جزيرة سيناء المصرية والأردن.. وكأن لسان حالهما يقول إلى أين نذهب؟! هذه أرضنا، وأرض آبائنا وأجدادنا، عليها نحيا، وعليها نموت.
تلك العقيدة القوية التي لا تتزحزح جعلتهما يجلسان في هدوء، لا يباليان بما تحمله لهما الأقدار؛ فهذه أرضهما، ولا سبيل لهما غيرها. لن يغادرا ظهرها إلا بمغادرة الدنيا إلى بطنها، وسيدافعان عنها حتى الموت.
أما الصورة الثانية فيظهر فيها إسرائيلي يحمل أمتعته وأغراضه، يغادر في هلع عبر مطار بن جوريون الدولي في تل أبيب، في أعقاب طوفان الأقصى وما تلاه من أحداث.. يغادر خوفًا من الموت؛ فالأرض غريبة، لا ينتمي إليها، ولا تستحق أن يبذل حياته في سبيلها، ولا سبيل للبقاء للدفاع عن أوهام.
وتكشف الأرقام عدد الإسرائيليين الذين غادروها فور اندلاع الأحداث؛ إذ يوضح موقع “باسبورت نيوز” العبري، المعنيّ بأخبار السفر والتنقلات، أنه منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر حتى السابع عشر من الشهر غادر نحو 140 ألف إسرائيلي البلاد للفرار من الحرب.
ولفت تقرير للصحيفة الإسرائيلية “هآرتس” إلى أن اليونان وقبرص من أبرز الوجهات التي فر إليها الإسرائيليون بعد أن شعروا بعدم الأمان والاستقرار، وفضلوا المغادرة على الانتظار في رعب حرب للتو بدأت، ولا يمكن التنبؤ بمداها أبدًا.