إمام المسجد النبوي: الأخلاق الصالحة ثمرة العقول الراجحة.. ومن لانت كلمته حسُنت عِشرته
تحدّث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور صلاح بن محمد البدير عن حسن الخلق، موضحًا أنه لفظ يجمع الخصال والفضائل الحميدة التي حضّ عليها ديننا الحنيف، محذرًا من سوء الأخلاق، والحسد، والبغضاء، والتعالي عن الناس لأن ذلك يورث الندامة، ويُفضي إلى سوء العاقبة في الدنيا والآخرة.
وأوضح “البدير” في خطبة الجمعة اليوم، أن أعظم الأرزاق حسن الأخلاق، وأن الخلق الحسن غناء الفقراء وزينة الأغنياء، وحلية السعداء، فمن حسنت أخلاقه، درّت أرزاقه، ومن ساءت أخلاقه طاب فراقه، فكم من رضيع رفعه خلُقه، وكم من وضيع وضعه خلُقه، وأن من حسُن خلُقه أراح واستراح، وانجذبت نحوه الأرواح، موردًا الحديث الذي رواه أبي ذر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقِ الله حيثما كنت وأتبِع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن” أخرجه أحمد والترمذي.
وبيّن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع ما خصّه الله به من جميع الشمائل والفضائل، والأخلاق الزكية والأوصاف العليّة، كان يدعو الله أن يهديه لأحسن الأخلاق، ويصرِفُ عنه سيئها.
وقال إمام المسجد النبوي: “الأخلاق الصالحة ثمرة العقول الراجحة، فمن لانت كلمته حسُنت عِشرته، ووجبت محبته، وعظُمت مودته، وارتُضيت صحبته، وتواردت على مدحه الألسن”، مبينًا أن حُسن الخلق هو القيام بالحقوق والإحسان والبرُّ والصلة وسلامة الصدر، وحُسن البِشر، وصدق الحديث، والعدل وقبول العذر، والعفو والمساهلة والمسامحة، والتخلّي من الرذائل، والتحلّي بالفضائل، وترك الخوض في أخبار الناس وتتبّع أحوالهم، واستقصاء أمورهم، وحكاية أقوالهم وأفعالهم، والبحث والتنقير والتفتيش عن أسرارهم، وترك الغلظة والفظاظة والجفاء، والتقطيب والعبوس، وترك العجلة والعنف والطيش، وأن تصل من قطعك، وتُعطي من حرمك، وتعفو عن من ظلمك، ولا تقابل الأخلاق السيئة بمثلها: قال الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}.
وأضاف: “المؤمن يبلغ بحُسن الخلق، وكرم السجية، وكفّ الأذية وجميل العِشرة، شريف المنازل وعظيم الدرجات، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن المؤمن ليُدرك بحُسن خُلُقه درجة الصائم القائم” رواه أبو داوود.
وحذّر من سوء الخلُق والمشارسة والمشاكسة والمعاسرة في مخالطة الناس، مبينًا أن ذلك دليل الخذلان والحرمان، وأن من عظُم كبرياؤه، واستحسن حال نفسه، واستحقر من دونه، ونظر إلى غيره شزرًا وتبخترًا، ولا يرى لأحد عليه حقًا ولا فضلًا، سقطت مكانته، وطالت ندامته، وذهبت كرامته، فلا يزداد من الله إلا بُعدًا ولا من الناس إلا بُغضًا؛ لسوء خلقه.