“الوقيت”: الدول تسعى إلى الاستفادة من تجربة السعودية في إدارة الحشود بالذكاء الاصطناعي
أكد مدير مركز المعلومات الوطني في الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” الدكتور عصام بن عبدالله الوقيت، أن العالم سيشهد نهضة حقيقية في مجال المدن الذكية يكون الإنسان محورها الأساسي، بوصفه الغاية الأولى والأخيرة لجميع الجهود المبذولة.
وبيّن أن ثورة البيانات والذكاء الاصطناعي أعادت تشكيل مفاهيم تطور المدن على المستويات كافة، فعززت استدامة المدن وجودة الحياة فيها، ورفعت مستوى الأمن، وقفزت بالابتكار إلى مستويات غير مسبوقة.
جاء ذلك خلال مشاركته في جلسة حوارية بعنوان “طرق آمنة، وحركة مرورية سلسة: كيف يمكن للمدن الذكية التعامل مع الزحام وحماية مرتادي الطرق” في اليوم الثاني من أعمال المنتدى العالمي للمدن الذكية الذي تنظمه “سدايا” بمقر مركز أرينا بالرياض خلال الفترة من 12- 13 فبراير 2024م.
وقال “الوقيت”: الذكاء الاصطناعي يعزز التوجه نحو المدن القائمة على المعرفة (Cognitive Cities) فأصبحت المدن كيانات أكثر ديناميكية تمتلك القدرة على التكيف والتعلم والتطور مما يدعم اتخاذ القرارات التي تُسهم في رفع مستوى جودة الحياة فيها، في العديد من المجالات.
وأشار إلى ما نشرته شركة ماكينزي مؤخرًا حول أثر حلول المدن الذكية القائمة على البيانات والذكاء الاصطناعي الذي بين أن تطبيق حلول المدن الذكية سيسهم في تقليل معدل الوقت المستغرق في التنقل بنسبة تتراوح بين 15 و 20%، وخفض انبعاثات الغازات بين 10 و 15% كذلك خفض معدلات الجريمة في المدن بين 30 و 40%، إضافة إلى تخفيف أعباء الأمراض بنسبة تتراوح من 8 إلى 15%.
وأضاف أن التوجه نحو المدن الذكية يُعد من التوجهات الإستراتيجية في المملكة، ولعل مدينة The Line المدينة الصديقة للبيئة والمتقدمة تقنيًا خير دليل على ذلك، التي ستعتمد بشكل كبير على تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، حيث يبلغ حجم الاستثمار من خلال شركة Tonomus في تقنيات الذكاء الاصطناعي مليار دولار أمريكي لإنشاء منصة ذكية متكاملة للمدينة تسهم في رفاهية السكان والمحافظة على البيئة.
وأوضح أن مدن المملكة واصلت تحقيق تقدمٍ مطَّردٍ في هذا المجال، فقد حافظت مدينة الرياض على مركزها بصفتها ثالث أذكى مدينة عربية وفقًا لمؤشر المدن الذكية بالعالم لعام 2023 الذي صدر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD – International Institute for Management Development).
وتابع “الوقيت”: تتميز المدن الذكية بكفاءة إدارة التنقل والحشود فيها، وتعد المملكة من الدول الرائدة عالميًا التي تسعى الدول إلى الاستفادة من تجربتها في مجال تقنيات وأنظمة إدارة الحشود المعتمدة على البيانات والذكاء الاصطناعي، ويظهر ذلك جليًا في إدارة مواسم الحج، حيث قامت “سدايا” بتطوير خوارزميات ذكاء اصطناعي متقدمة تقوم بحصر أعداد الحجاج بسرعة فائقة ودقة عالية؛ لتسهيل إدارة وتنظيم حركة الحجاج ومنع الازدحام والتدافع داخل الحرم.
ولفت إلى أن حلول المدن الذكية القائمة على تقنيات الذكاء الاصطناعي والمعتمدة على الخوارزميات المتقدمة تُسهم في ضمان أعلى مستويات الأمن والسلامة لحجاج بيت الله الحرام، فعلى سبيل المثال تدعم خدمات وحلول التعرف المتقدم والمراقبة الأمنية إدارة عمليات الحج بأعلى مستويات الكفاءة، حيث توفر “سدايا” منصات متعددة لهذا الغرض من خلال إتاحة خدمات التعرف والتحليل المتقدم ولوحات معلومات للتحليلات المتقدمة تساعد على اتخاذ القرارات بشكل سريع وفعال.
وأشار “الوقيت” إلى أنه على مستوى إدارة مواسم الحج، تسعى “سدايا” إلى تعزيز قيمة البيانات الوطنية على جميع المستويات، حيث تعمل من خلال بنك البيانات الوطني ومنصة استشراف وبالاعتماد على أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي على تحسين جودة البيانات وتعزيز مشاركتها بين الجهات الحكومية، وتحليل البيانات الضخمة لدعم متخذي القرار في الجهات الخدمية والأمنية في مواسم الحج، وتوفر لهم من خلال هذه المنصة حزمًا من البيانات والتحليلات الدقيقة في مختلف المجالات، بما يدعم جهودهم الرامية لتطوير الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام بالتعاون مع وزارة الداخلية والجهات الحكومية ذات العلاقة.
وبين أن العديد من دول العالم تسعى إلى تطوير وتحسين مدنها وجعلها مكانًا أفضل للعيش، من خلال الاستفادة من القدرات التي توفرها حلول المدن الذكية التي تعتمد على كم هائل من البيانات التي تتيحها آلاف أجهزة الاستشعار المنتشرة في أرجاء المدن، التي تعمل على جمع البيانات على مدار الساعة، لتقوم منصات المدن الذكية المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي بتحليلها وتوفير فرصة للجهات المعنية على إدارة خدماتها، والاستجابة إلى أي أحداث بكفاءة عالية، إضافة إلى تمكينها من اختبار الخدمات وتحسينها بشكل مستمر في ظل ما توفره هذه التقنيات من قدرات على التنبؤ الاستباقي وتحليل السيناريوهات المختلفة في شتى المجالات، كجودة الهواء، واستهلاك الطاقة، ومواقف السيارات المتاحة في المدينة، وحركة المشاة، وعدد المركبات على الطرق وغيرها.