رمضان 1446هـ وليس رمضان 2025م

في السنوات الأخيرة، انتشرت ظاهرة غريبة بين المسلمين، وخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي ، وهي الإشارة إلى شهر رمضان المبارك بالسنة الميلادية التي يوافقها، فنسمع من يقول “رمضان 2025” بدلاً من “رمضان 1446 هـ”. وهذه التسمية ليست مجرد خطأ عابر أو تساهل لغوي، بل هي انحراف خطير عن هوية الأمة الإسلامية، وطمس واضح لجذورنا الدينية والتاريخية. فهل يعقل أن يتم اختزال شهر إسلامي مقدس ضمن تقويم غربي لا علاقة له به؟ ولماذا يجب علينا الإصرار على استخدام التقويم الهجري بدلاً من الميلادي عند الإشارة إلى هذا الشهر الكريم؟.
أول وأهم نقطة يجب أن نفهمها هي أن رمضان جزء من التقويم الهجري، وليس جزءًا من التقويم الميلادي. التقويم الهجري هو التقويم الإسلامي الذي يعتمد على دورة القمر، وبدأ مع هجرة النبي محمد ﷺ من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة. أما التقويم الميلادي فهو تقويم غربي مسيحي مرتبط بميلاد المسيح عليه السلام، وليس له علاقة بدورة القمر التي يعتمد عليها المسلمون في عباداتهم.
بما أن رمضان شهر هجري، فإن تسميته بسنة ميلادية أمر غير منطقي وغير مقبول. لا يوجد في التقويم الميلادي شهر إسمه رمضان، فكيف يتم ربطه به؟ رمضان لا يأتي دائمًا في نفس الوقت من السنة الميلادية، بل يتنقل بين الفصول بسبب الفرق بين التقويمين. إذًا، كيف يكون من المنطقي أن نقول “رمضان 2025” وهو سيتغير موقعه في السنة الميلادية مع مرور الزمن؟!
لا شك أننا نعيش في عالم يعتمد بشكل أساسي على التقويم الميلادي، وجميع الدول والحكومات والمؤسسات تستخدمه في تنظيم الشؤون الرسمية والاقتصادية والتعليمية وغيرها، وذلك لانتظامه عالمياً وتوافقه مع الأنظمة الحديثة. نحن نحترم هذا التقويم ونعترف بأهميته، ولا نقلل من شأنه، فهو وسيلة أساسية لتنظيم الحياة اليومية والعلاقات الدولية.
لكن في المقابل، يجب ألا يكون اعتمادنا على التقويم الميلادي سببًا في التخلي عن تقويمنا الإسلامي. التقويم الهجري ليس مجرد أداة لحساب الزمن، بل هو جزء من هويتنا الإسلامية، وهو مرتبط مباشرةً بعباداتنا وأعيادنا وأحداثنا التاريخية. احترام التقويم الميلادي لا يعني أن نطمس معالم تقويمنا الهجري، بل يجب أن يكون هناك توازن بين استخدام التقويمين، بحيث لا نفقد ارتباطنا بجذورنا الدينية والتاريخية.
إن انتشار استخدام التاريخ الميلادي في تسمية رمضان وغيره من الشهور الهجرية ليس مجرد خطأ بريء، بل هو جزء من عملية طمس ممنهجة للهوية الإسلامية. نحن نعيش في زمن تحاول فيه الثقافة الغربية فرض وجودها على المسلمين، سواء في اللغة أو العادات أو حتى في طريقة حساب الزمن.
عندما نستبدل التقويم الهجري بالميلادي، فإننا نُضعف علاقتنا بهويتنا الإسلامية، ونفقد ارتباطنا بتاريخنا. هل يعقل أن نكون أمة لها تقويمها الخاص، ثم نتخلى عنه ونتبنى تقويمًا آخر لا يمتّ لنا بصلة؟ أين الاعتزاز بالهوية الإسلامية؟ أين احترام إرثنا الديني والتاريخي؟ إن استخدام رمضان 2025 بدلاً من رمضان 1446 هو خطوة نحو فقدان هذه الهوية، وربما يأتي اليوم الذي ينسى فيه الجيل القادم التقويم الهجري تمامًا إن لم نقف ضد هذا التغيير.
التقويم الهجري ليس مجرد أرقام وتواريخ، بل هو جزء أساسي من الدين الإسلامي. نحن نحدد عباداتنا بناءً عليه ، الصيام في رمضان يعتمد على رؤية الهلال الهجري، الحج يتم في شهر ذي الحجة وهو شهر هجري.عيد الفطر وعيد الأضحى مرتبطان بالشهور الهجرية.
كيف يمكننا أن نستخدم التقويم الميلادي في تسمية رمضان، بينما لا يمكننا حتى أن نحدد بدايته ونهايته بدونه؟ هذه ازدواجية غير منطقية. من يريد أن يسمي رمضان بسنة ميلادية، فليخبرنا إذن: هل سيبدأ رمضان 2025 يوم 1 أبريل أم يوم 2 أبريل؟ لا أحد يمكنه تحديد ذلك إلا وفقًا للتقويم الهجري. فلماذا إذًا نتمسك بتاريخ لا يخدمنا في عباداتنا ولا يعكس هويتنا الإسلامية؟
هناك البعض قد يقول التقويم الميلادي أسهل وأكثر انتشارًا ، وهذا ليس مبررًا للتخلي عن تقويمنا الإسلامي. انتشار التقويم الميلادي سببه فرضته الدول العضمى بسبب الاقتصاد ..وغيرها في الدول الإسلامية، وليس لأنه أكثر منطقية أو أفضل من التقويم الهجري.
وهناك من يقول ، استخدام السنة الميلادية يسهل التواصل مع غير المسلمين، ومتى كان رمضان عيدًا عالمياً يحتاج إلى تقويم غير إسلامي؟ رمضان عبادة إسلامية خالصة، والتقويم الهجري يجب أن يكون هو المعيار في تسميته.
وهناك من يقول التاريخ الميلادي ثابت والتاريخ الهجري متغير ، بل هذه ميزة للتقويم الهجري، بحيث رمضان ياتي في جميع فصول السنة، فهو مرتبط بدورة القمر، وليس بتقويم غربي لا علاقة له بالإسلام. وإذا كان الناس يعرفون أن عيد الميلاد يكون في 25 ديسمبر كل عام، فلماذا لا يعرفون أن رمضان هو في 1446 هـ وليس في 2025؟
يجب علينا كمجتمع إسلامي التصدي لهذا الظاهرة الخطير عبر عدة وسائل:
1. استخدام التقويم الهجري في حياتنا اليومية: عند الحديث عن رمضان، فلنقل رمضان 1446 هـ، وليس رمضان 2025.
2. تعليم الأجيال الجديدة أهمية التقويم الهجري: يجب أن نعيد إدراج التقويم الهجري في المدارس، والمساجد، وفي الإعلام.
3. إقناع المؤسسات باستخدام التقويم الهجري: سواء في الإعلام، أو في الإعلانات، أو حتى في التطبيقات الإلكترونية.
4. إحياء الوعي الإسلامي بالتاريخ الهجري: عبر المقالات، والمناقشات، والمنشورات التوعوية.
وختاما ..إن تسمية رمضان باسم سنة ميلادية هو تشويه للهوية الإسلامية، وطمس لمعالم التقويم الهجري. رمضان ليس جزءًا من التقويم الميلادي، بل هو شهر مقدس في التقويم الهجري، ويجب أن نحافظ على هويته الحقيقية. نحن نحترم التقويم الميلادي وندرك أهميته في الحياة اليومية، لكن هذا لا يعني أن نتخلى عن تقويمنا الإسلامي. علينا أن نوازن بين استخدام التقويمين، بحيث نحترم العالم من حولنا دون أن نضحي بثقافتنا وهويتنا الإسلامية.
جزاك الله خير الجزاء ويجعلها في ميزان حسناتك
أشرت إلى نقطه مهمه غفلنا عنها وغفل عنها الكثير من المسلمين
جزاك الله خير الجزاء ويجعلها في ميزان حسناتك
أشرت إلى نقطه مهمه غفلنا عنها وغفل عنها الكثير من المسلمين