الأيام العشر وفرصة التجديد

ونحن اليوم على أعتاب موسمٍ من أعظم مواسم الطاعة، موسمٍ يفتح الله فيه لعباده أبواب الرحمة، ويمنح فيه النفوس المتعبة فرصة العودة والتجدد. إنه موسم العشر الأوائل من ذي الحجة، الأيام التي أقسم الله بها في كتابه، فقال: {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، ورفع من شأنها حتى غدت أحب الأيام إليه.
في هذا الموسم تجتمع المقاصد الشرعية مع المعاني التربوية، فكل عبادة فيه تحمل رسالة، وكل شعيرة تنطوي على أثر يعيد تشكيل النفس من الداخل. صيام، وذكر، وتكبير، وأعمال بر متنوعة، تزرع في القلب الإخلاص، وتعيد للنفس صفاءها.
ومع اقتراب هذا الموسم العظيم، نقف متأملين: ماذا نريد من هذه الأيام؟ وهل أعددنا لها قلوبًا حية، ونيات خالصة؟
هي أيام قد لا تتكرر، وموسم يمنحنا الفرصة أن نبدأ من جديد، بروح أنقى، وعزيمة أصدق، وعلاقة بربنا أقرب.
فلنستقبل هذه الأيام بنية صادقة، وسعي حثيث، ولنجعل منها بداية لرحلة إيمانية لا تنتهي بانتهاء العشر، بل تمتد لتصنع فينا إنسانًا أقرب إلى الله، أصدق مع نفسه، وأنفع لمن حوله.
ففي هذه الأيام، لا تُقاس الأعمال بكثرتها، بل بصدق النية ونقاء القلب.