طفل يقلد مشهدا دراميا للانتحار فيفقد ذاكرته
يتابع الطفل “وليد” مسلسله المفضل، منبهرا بشخصية “البطل”، ووصل الإعجاب إلى حد تقليده في كل شيء، وعندما حاول البطل الانتحار وفقا لمقتضيات القصة، حاول “تمثيل” مشهد الانتحار الذي نفذه ثلاث مرات، كانت الثالثة كافية لفقدانه الذاكرة، ودخوله العناية المركزة.
“وليد” ذو الثانية عشرة من العمر أحدث ضحية لدراما العنف، لم يكن بمقدوره في هذه السن التفرقة بين الجد والهزل، والحقيقة والخيال، وبين الواقع وما يدور في كواليس الأعمال الفنية من خدع سينمائية، فكانت النتيجة مؤلمة.
والد الطفل يحيى شيبان من محافظة ضمد بمنطقة جازان قال “ابني ضحية لمسلسلات العنف التي لا تراعي عقلية الطفل، بعد أن طبق ما شاهده في أحد المسلسلات التركية المدبلجة، ولم يكن يعلم حينها أنها مجرد تمثيل”.
وأوضح أن ابنه ربط في المرة الأولى شقيقته الصغرى “رغد” من رقبتها بقطعة قماش، وحاول تعليقها على الأرجوجة خارج المنزل، ولكنها فرت هاربة، ونجت بأعجوبة، بعدما سببه ذلك لها من ألم.
وأضاف “بعدها حاول ابني تكرار المحاولة مع نفسه، ممثلا دور من فارق الحياة، وكانت الخادمة قريبة منه، فركضت إليه، لتنقذه، فضحك مرددا أنه بطل المسلسل، ولكنه في المرة الثالثة عندما كرر الأمر سقط من الأرجوجة على رأسه فاقدا الوعي، وحاولت شقيقته الكبرى إنقاذه، إلا أنها لم تتمكن”.
وناشد شيبان القائمين على القنوات الفضائية مراعاة المرحلة العمرية للطفل، وعدم عرض مشاهد العنف، وخصوصا حينما يكون الآباء والأمهات في أعمالهم، وكشف أنه شاهد هو وأولاده في أحد المسلسلات مشهدا يشجع على سب الأب والأم، مما أثر سلبا على سلوكيات أبنائه.
وقال محمد شيبان (الشقيق الأكبر) إن المسلسلات تسببت في عزوف جميع أشقائه الصغار عن مشاهدة أفلام الكرتون، وألعاب البلاي ستيشن بسبب ما فيها من إثارة، مضيفا أن هناك مشاهد درامية تزرع العنف والعدوانية في نفوسهم.
وبين شادي شيبان (أحد أشقاء وليد) أن جميع أشقائه أصبحوا يخصصون مصروفاتهم المدرسية لشراء المسدسات والسكاكين من أحد محلات الألعاب بالحي الذي يسكنون فيه، وذلك لتقليد مواقف العنف التي يشاهدونها في المسلسلات، لافتا إلى أن ما تعرض له شقيقه “وليد” تسبب في إصابة والدته بصدمة نفسية، فحطمت صحن الاستقبال الفضائي.
من جانبه أكد الناطق الإعلامي لصحة جازان جبريل بن يحيى القبي دخول الطفل وليد إلى غرفة العناية المركزة، بعد تعرضه لإصابة في الرأس، نتيجة وقوعة من مكان مرتفع، مما تسبب في فقدانه للذاكرة.
وأشار إلى أنه تم نقله إلى قسم التنويم بعد أن تحسنت حالته، مؤكدا أن الأطباء طمأنوا أسرته بأنه سيستعيد ذاكرته.
وفي ذات السياق أكد المشرف التربوي بوحدة الخدمات الإرشادية حسن صديق الصم الأثر السلبي لمشاهدة بعض المسلسلات، وقال” لا يكاد يخلو منزل من التلفاز، ومجتمعنا لا يختلف عن بقية المجتمعات، وللتلفاز أثر إيجابي وآخر سلبي, فهو يسهم في نقل مختلف البرامج الدينية، والتربوية، والصحية، والاجتماعية، والرياضية، التي تسهم في زيادة الوعي لدى أفراد المجتمع بكل أطيافه، وفي الجانب السلبي تسهم بعض القنوات الفضائية بشكل مباشر في تعلم بعض أو كل السلوكيات السيئة من عنف، وعدوان، ومشاكل أسرية، وعادات دخيلة على مجتمعنا المحافظ، بالإضافة إلى أن هناك برامج معينة في بعض القنوات الهابطة تهدف إلى تدمير شبابنا المسلم من خلال بث برامج تدعو إلى الرذيلة، والانحلال، بين أفراد المجتمع”.
وأكد الصم على أهمية وجود رقابة على بث مثل هذه البرامج التي تسببت في زيادة السلوكيات السلبية بين أوساط الشباب ومنها تدمير الممتلكات، والانتحار ، والسرقات، وطالب بإيقاف أي مسلسل لا يحترم عادات المجتمع وتقاليده، مشددا على دور الإعلام في الإكثار من البرامج الهادفة التي من شأنها رفع الهمة، وتأكيد الذات، وتعلم الحوار.