سحابة غازية عملاقة تتجه نحو مجرتنا بسرعة جنونية
تتجه سحابة غازية عملاقة في مجرة درب التبانة بسرعة 8 ملايين كيلومتر بالساعة نحو ثقب أسود هائل الحجم، ويُتوقع ارتفاع حرارتها ملايين الدرجات المئوية وهو ما سيتيح للعلماء مراقبة مركز المجرة وكيفية ابتلاع الثقب الأسود للسحابة.
ذكر علماء ألمان تحت إشراف شتيفان غيليسن من معهد ماكس بلانك للفيزياء الكونية بألمانيا، في دراسة نشروها الأربعاء (12 ديسمبر 2011) في مجلة “نيتشر” البريطانية، أن سحابة غازية هائلة الحجم في مركز مجرة درب التبانة، التي يقع فيها كوكب الأرض، تتجه بسرعة ثمانية ملايين كيلومتر في الساعة نحو ثقب أسود في المجرة. وقالوا إنه من المتوقع أن تتمزق هذه السحابة تماما خلال السنوات المقبلة قبل أن يبتلع الثقب الأسود أغلبها.
ثقب أسود أكبر من الشمس بأربعمائة مليون مرة
وقال العلماء إنهم توصلوا إلى هذه النتيجة بعد مراقبة منهجية دقيقة لمركز مجرة درب التبّانة “اللبّانة”، وتحتوي أغلب المجرات، إن لم يكن جميعها، ثقبا أسود هائل الحجم في مركزها، وكذلك مجرتنا، مجرة درب التبانة، حيث تضم في مركزها ثقبا أسود يزيد حجمه على 400 مليون حجم نجم الشمس. وهو الثقب الأسود الوحيد القريب من الأرض بشكل يمكن العلماء من مراقبته بالتفصيل.
ورغم أن هذا الثقب لا يُصدِر أشعة بنفسه إلا أن أية مادة تسقط فيه تسخن بشكل بالغ، لدرجة أنها تضيء بضوء الأشعة السينية العالية الطاقة. وهي عملية رصدها العلماء كثيرا في مجرات أخرى، غير أن الثقب الأسود الموجود في مجرة درب التبانة كان هادئا كثيرا خلال السنوات الماضية. ويراقب علماء الفلك هذا العملاق الهائل بشكل منهجي منذ نحو عشرين عاما، واكتشفوا هذه السحابة الغازية الآن باستخدام تلسكوب “في إل تي” الأوروبي الهائل، التابع لمرصد “إيه إس أو” الأوروبي.
سحابة غازية أكبر من الأرض بثلاث مرات
وتمتلك هذه السحابة كتلة تعادل ثلاثة أمثال كتلة الأرض تقريبا. ويعتقد العلماء أنها “ستقترب” على بعد 40 مليار كيلومتر من الثقب الأسود عام 2013. وهي مسافة تعتبر بمثابة “رمية حجر” بالحسابات الفلكية. وأوضح غيليسن في بيان صادر عن المرصد الأوروبي أن هذه السحابة لن تستطيع تجنب المواجهة مع الثقب الأسود. وقال إن السحابة ستتمزق تماما، وإن الثقب الأسود سيبتلع أغلبها، مضيفا: “وسنكون قادرين من خلال مراقبة هذه السحابة معرفة كيف تجري هذه العملية على وجه الدقة”.
وهذه هي المرة الأولى التي يعرف فيها العلماء كتلة المواد المُتـَهاوية داخل الثقب، بل إنهم يعرفون أكثر من ذلك، ألا وهو أن سرعة السحابة، التي تتكون بشكل رئيسي من غازَي الهيدروجين والهيليوم، تضاعفت خلال السنوات السبع الماضية. وتبلغ درجة حرارة غاز هذه السحابة في الوقت الحالي نحو 280 درجة مئوية. ومن المتوقع أن ترتفع حرارة السحابة الغازية وهي في طريقها إلى الثقب الأسود إلى عدة ملايين الدرجات المئوية، وأن تضيء بشكل ساطع بالأشعة السينية، حسبما أوضح غيليسن، الذي أضاف :”ستعطينا المراقبة المفصلة لمركز المجرة خلال السنوات المقبلة الفرصة لدراسة صفات هذا التدفق المتعاظم ومتابعة كيفية ابتلاع الثقب الأسود لهذه المادة الهائلة لحظة بلحظة”.