«البويات» خطر يتنامى في أوساط الفتيات .. ومختصون يرجعونها للتربية الذكورية
حذر علماء وخبراء اجتماعيون ونفسيون من خطورة ظاهرة الفتيات «المسترجلات» التي بدأت تنتشر في المجتمع خلال السنوات الأخيرة، يجيء ذلك في الوقت الذي صدرت فيه توجيهات رسمية بداية هذا الأسبوع بمنع «المسترجلات» أو كما يطلق عليهن في المجتمع «البويات» و»الإيمو» من دخول المدارس والجامعات السعودية، فتحت هذا الملف «الخطير» الذي بدأ ينامى في أوساط الفتيات والتقت عديدا من «المسترجلات» للتعرف على دوافعهن للعيش بجسد أنثى ومظهر شاب.
اتباع الموضة
أصرت الفتاة زينب ( 20عاما) على التعامل معها تحت مسمى «زياد يحيى» وتقول بارتباك «هي حرية شخصية ولا حق لأحد في التدخل في شؤوني ولا حتى أهلي، وطريقة لبسي وشعري هي من أجل اتباع الموضة» .
فتاة «سبورت»
وأجابت سارا طالبة في جامعة الدمام، بعد سؤالها عن زمن انخراطها في عالم البويات وعن دوافعها فقالت «كنت فتاة عادية، وبعد دخولي الجامعة رأيت هذا النمط من الأشكال وأعجبني، فقررت تغيير (ستايل) الفتاة الناعمة البسيطة إلى فتاة «سبورت» في السنة الأولى من الجامعة، مبينة أن دافعها الوحيد هو أن « البوية لها هيبتها».
فتاة طبيعية
وأكدت الطالبة الجامعية المسترجلة نوف «لا أنوي تغيير «ستايلي» الخاص من أجل المجتمع ولا يهمني رأيه ما دمت أثق في سلوكي، وصرحت بأنها تعود فتاة طبيعية ما أن تصل منزلها احتراما لذويها، حيث إنهم لا يحبون رؤيتها بشكلها الرجالي.
سلوكي الداخلي
وذكرت سارا طالبة في جامعة الملك سعود في الأحساء «ليس من المنصف أن يُحكم علي من مظهري الخارجي، ولا يعني تغيير تسريحة شعري أو لباسي الفضفاض تغير سلوكي الداخلي». وعند سؤالها عن اهتمامها بنظرة المجتمع أردفت بعصبية «يهمني من حولي وهم يعرفونني جيدا وبغيرهم لن أبالي».
الزي الذكوري
وقالت آلاء خدج طالبة جامعية «ألاحظ على صديقاتي «البويات» عدم اقتنائهن للأشياء الخاصة بالإناث، فيفضلن شراء ما يخص الرجال من لبس وسلاسل حديد وغيرها، وتضيف «اعتدنا على رؤية الفتيات بهذا الزي الذكوري .
أعامل كولد
وعبرت نورة جبران فتاة جامعية «بويا» عن انزعاجها من نظرة الناس لها تقول «أسمع عديدا من التعليقات وألاحظ التدخل دوما في حياتي، مع هذا لا أعير أحدا اهتمامي أبدا، ولا يضايقني أن أكون «بويا» فمنذ طفولتي وأنا أعامل كولد ولم يزعج الأمر أهلي وأقاربي بقدر ما يزعج الناس من حولي، نعم أنا بويا ولا أخجل من ذلك».
كرة القدم
وتصف الطالبة سارة البلوي من جامعة تبوك أوضاع البويات داخل الجامعة وتقول «تقتصر ألعاب البويات على كرة القدم وكرة الطائرة، وكل ماله علاقة بالشباب، فيحاولن طوال الوقت جذب انتباه الفتيات، وما أن يقع نظر «البويا» على فتاة جميلة حتى تقوم بالتقرب منها بشتى الطرق، وتعطيها كل ما تريده من هدايا وبطاقات شحن للجوال وغيرها.
مصطلحات البويات
وتستهجن حنان أحمد( 23عاما) وجود مصطلحات خاصة بالبويات أثناء حديثهن، كمصطلح «أروح ملح، ياجنط، استكوزا» وغيرها من المصطلحات، مبينة أنها مطلحات صبيانية لا ينبغي للفتاة استعمالها أثناء الحديث.
أم لطفلين
وصرحت حميدة متزوجة وأم لطفلتين «لم أكن أهتم بمظهري الخارجي كأنثى قبل زواجي، مع هذا فقد عملت في مجال التجميل وظهوري بشكل رجالي لا يعني إلغاء أنوثتي فأنا زوجة وأستطيع إظهار أنوثتي بمكانها الصحيح، وأوضحت «توفي والدي قبل ولادتي، ونشأت بين إخوة ذكور تطبعت بطبائعهم رغما عني، وهم السبب في تقويتي وصلابة شخصيتي وكثيرا ما اقتنيت الملابس معهم من محلات رجالية» مضيفة «مظهر شعري الآن مازال كما هو عليه قبل زواجي.
تركت الصبيانية
وتقول ملاك حسن» كنت «بويا» حتى المرحلة الثانوية لكن ولله الحمد أصبحت أعي تماما أنوثتي وتركت الحركات الصبيانية، وتضيف «أفراد عائلتي لم يغفروا لي كوني مسترجلة سابقا، حتى أنهم لا يسمحون لبناتهم الجلوس معي وهذا ما يحزنني بشدة».
عمر المراهقة
ويظهر أن «ستايل البويات» قد انتشر، فاعتادت عليه فتيات الجامعات والمدارس على اختلاف أعمارهن، وبينت شكرية علي، مشرفة في مدرسة حكومية، أن ظاهرة استرجال الفتيات انتشرت بسرعة لافتة خاصة للمرحلة المتوسطة كون الفتيات في عمر المراهقة، وأكدت أنها مشكلة حقيقية ينبغي دراستها والسيطرة عليها قائلة «لا تعلم الفتاة كم يبدو مظهرها مزريا جدا بتلك السلوكيات سواء بقصة الشعر أو الملبس والتصرفات، ونحاول أن نكون في المدرسة بمثابة الأمهات لهن فننصحهن دائما، وغالبيتهن لا يتقبلن بل وتُحمل النصيحة على محمل سلبي جدا ظنا من الفتاة أننا نحاربها أو نتدخل في خصوصياتها».
عقوبات صارمة
وتقول عميدة إحدى كليات البنات منال حامد «أصبحنا في السنوات الأخيرة نلحظ ازدياد الفتيات (البويات)، و أستطيع تمييز الواحدة منهن من خلال مشيتها وحركاتها وكلامها، ويكثر وجودهن في دورات المياة، مضيفة «لا يوجد اهتمام إرشادي أو حتى توعوي لهن في الجامعة، إلا أن العقوبات المترتبة عليهن صارمة جدا، تصل إلى الفصل»
اختلال هرمون
وحذر الاختصاصي النفسي وليد فايع من انتشار ظاهرة «البويا» في المدارس والجامعات، لما لذلك من مخاطر على المدى البعيد، موضحا أن غالبية هؤلاء الفتيات مضطهدات في منازلهن، وقال «غالبية الفتيات «البويات» لا يملكن حق الرفض أو القبول لأي شي في منازلهن، ومن الطبيعي أن تنشأ هذه الفتاة نشأة ذكورية بين إخوانها، فتتطبع بطباعهم وترتدي ملابسهم، خاصة أن منهن من تملك ملامح ذكورية كظهور شعرالوجه والخشونة في المعاملة، ما يثبت لها داخليا أنها «بويا» دون علم منها بأن هذه الذكورة التي تملكها هي فقط نتيجة اختلال هرمون الإستروجن والبروجسترون، ونوه الفايع إلى أهمية دور الأم في توضيح خطورة تطبع ابنتها بطبائع الصبيان، كي لاينعكس الأمر عليها بشكل يسوء بها».
التربية الذكورية
وأوضح أختصاصي الأمراض النفسية الدكتور عبدالعظيم الصادق أن ظاهرة استرجال الفتيات (البويات)، هي محاولة للالتفات إلى مشاعر النقص والدونية التي تنتاب الفتاة، و بالذات في مرحلة المراهقة، وقد تكون مظهرا من مظاهرالمحاكاة لما تبثه «فضائيات هابطة» من مناظر مبتذلة لفتيات مسترجلات مشيراً إلى أن بعض الحالات تعبر عن نفسها بالاسترجال كنتيجة حتمية للتربية الأسرية الذكورية الخاطئة، وهي تلك التربية التي تمجّد الذكور وتفضلهم على الإناث بل وتنظر للإناث بازدراء واحتقار .
وأضاف الصادق «تبرز ظاهرة الاسترجال أحيانا كنتيجة للتربية الخاطئة بالدلال المفرط، خاصة في الأسر التي تكون الفتاة فيها وحيدة أبويها»، موضحا أنه من خلال التدليل الزائد والمفرط وإسناد بعض الأعمال والمسؤوليات غير المتوافقة مع طبيعتها كأنثى إليها وخاصة من قبل الأب، مستثنيا حالات الاضطرار التي لا مناص منها في الاعتماد على هذه الفتاة في القيام ببعض الأعمال الذكورية مع التوجيه المستمر والحرص على إتاحة الفرصة للفتاة لممارسة دورها الطبيعي الملائم لطبيعتها كأنثى. وذكر أن الحالات المرضيّة يمكن إرجاعها بعد التشخيص إلى ما يسمى «بالزّملات» السلوكية المصحوبة باختلالات وظائفية وعوامل بدنية، وقال «نؤكد هنا على ضرورة تشخيص الحالة وألا تكون حالة عرضية طارئة أو تقليدا آنيا مؤقتا». وذكر أن ارتداء الزّي المغاير ( Transvestism) نتيجة اضطراب، يلاحظ فيه لجوء الفتاة إلى ارتداء ملابس الجنس الآخر لفترة محددة من الوقت للاستمتاع بتجربة وقتية كأحد أفراد الجنس المغاير شكلا.
ضياع الهوية
ويذكر الأختصاصي النفسي محمد مكاوي أن ضياع الهوية «الجنسية» لدى بعض الفتيات، له دور كبير في الاتجاة نحو الاسترجال، لأنهن يتشبهن بالأولاد في كل شيء بداية من الشكل الخارجي ووصولا إلى طريقة تعاملهن مع زميلاتهن في المدرسة أو الجامعة، محملا الأهل مسؤولية تحول الفتاة إلى «بويا» يقول «إن انشغال الأهل عن فتياتهم وحاجة الفتيات إلى العطف والحنان يجعلهن يتحولن إلى مسترجلات» مبينا أن سبب انتشار هذه الظاهرة يعود إلى انفتاح الفتيات على العالم الخارجي من خلال الفضائيات والأنترنت.
غياب اللوائح
وحذر استشاري الطب النفسي الإكلينيكي وليد الزهراني من »البويات» وعدها مشكلة خطيرة، بدأت بالانتشار بشكل كبير وواسع، على مختلف المراحل الدراسية وكثرت الشكاوي والاستشارات التي تصل العيادة في هذا الأمر من الجامعات وغيرها، فيما لاتزال هناك فئة كبيرة ترفضها وتستنكرها. ويرى الزهراني أن سبب استفحال هذه الظاهرة يأتي من «ضعف الثقافة والتوعية، وعدم وجود أساليب رادعة وقوية تتصدى لها في المجتمع، إضافة إلى غياب اللوائح التنظيمية التأديبية في المدارس والكليات والجامعات «فمن أمن العقوبة أساء الأدب»، وعدم وجود دراسات اجتماعية فعالة تطبق بالمجتمع وإنما تركز على بعض نتائج الأمور غافلة عما ينخر في المجتمع فوزارة الشؤون الاجتماعية لم توفر دراسات لهذه الظاهرة وكل الدراسات في مجالها نظرية .
كاتبات مسترجلات
ويشير الزهراني إلى «أنه على النفسيين والاجتماعيين وأخصائيي الأسرة أن يبتعدوا قليلا عن فرويد، ويسلطوا الضوء على مجتمعهم ويحاولوا حل بعض مشكلاته، كما أن المسؤولية تصل للمثقفين والصحفيين والكتاب فعليهم الإشارة بشكل أكبر للمشكلة، والتحذير من سلبياتها وتوعية المجتمع بها، فالكتاب الذين يدعون للتحرر وثقافة المرأة وحريتها لابد أن يتقوا الله في كتاباتهم فمنهم من يحثون على الحرية والاسترجال والانفصال عن الرجل ويغذون العقول بثقافات خاطئة، كما أن هناك كاتبات مسترجلات يعبرن من خلال كتاباتهن عن أفكار غربية غريبة».
هيئة الأمر بالمعروف
وشدد الزهراني على «دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن تقوم بعمل لجنة نسائية في الجامعات تعمل على ترصدهن والقبض عليهن، وكذلك التركيز من قبل خطباء الجمعة والدعاة على أمور الجنة والنار وترك الموضوعات العامة الخاصة بالمجتمع سلبا يجب تلافيه». ويؤكد الزهراني أن المشكلة عند «البويات» « مشكلة سلوكيه بحد ذاتها نتيجة لضغوط نفسية، فمن الحالات التي عاينتها وجدت من أسبابها الاكتئاب النفسي الناتج عن صدمات حياتية خاصة من الرجل،أو قسوة في المعاملة من بدايات مراحل الطفولة فتنشأ مكتسبة لصفات العدوانية والانتقام، فتلجأ للاسترجال، وأيضا شعورها بالخوف وعدم الأمان، والنظر إليها كضعيفة فتسلك هذا المنحدر لتثبت قوتها، أو تعيش مع ذكور وتكتسب صفاتهم، فترفض عالم الإناث، لاعتقادها أنها منهم، أو تعرضها للظلم والقهر من الرجال أو رغبتها في التحرر لغيرتها منهم وما يتاح لهم، فتبحث عن الاسترجال حتى تتساوى معهم، والتاريخ المرضي دائما ما يكشف عن حالات كهذه».
مصدومات نفسياً
و يرى الزهراني أن «غالبية البويات شاذات فاقدات العواطف ومصدومات نفسيا ,ويضيف الزهراني «حسب رؤيتي أعتقد أن انتشارها بين النساء الكبيرات البالغات الأربعين أو الخمسين عاماً ناتج عن وجود صدمات عاطفية، فينشأ كرد فعل وكره للرجال، أو لاكتسابها صفات القوة والتسلط الواضحة في شخصها بشكل كبير، وترجع في أوقات كثيرة إلى الشذوذ الجنسي متمثلا في المرأة المسترجلة الباحثة عن الجنس، فحين تنظر لصديقاتها المطلقات أو العوانس تصدم بالواقع الذي تعتقد أنها ستعيشه، فتمارس دور الرجل وتوفره لتحصل على أهدافها الجنسية من وراء ذلك، وهو شعور يرجع لفترة المراهقة، وفي أغلب الأحيان لا يبرز جسمها كأنثى في مرحلة البلوغ وما يصاحبها مما يجعل جسدها مشابها للذكور، فيسبب لها بعض »المشكلات النفسية» كما أن هناك «أسبابا خلقية» متمثلة في إضراب الهرمونات فتغلب عليها صفات الذكور أكثر من الإناث لخلل في هرمون «الايستروجين» فحين ينخفض تغلب صفات الذكورة عليها، ويصبح الصوت خشنا وينعدم بروز الثديين فتلجأ إلى الاسترجال حين تجد صفاتها تميل لهم أكثر، ولهذا تكون أسبابها كثيرة إما «نفسية أو فيسيولوجية أو شذوذية»..»
تعديل القناعات
ويؤكد الزهراني أنه لكي يتوفر العلاج لابد أن تتضافر أمور كثيرة حتى تحققه منها تقويم التشوه الفكري عند «المسترجلات» في جلسات نفسية وهو ما يعرف بـ»العلاج المعرفي السلوكي» لتعديل الأفكار المشوهة والسلبية، وتغيير النظرة للذات، وتعديل القناعات، والتحليل النفسي لشخصها، فإذا عرفت الدوافع يتم علاجها حتى تنتهي المشكلة، ويلزم ذلك إجراء الفحوصات الطبية لاكتشاف هرمون الذكورة والأنوثة فمتى ما زاد عندها هرمون الذكورة أثر سلبا عليها، والتركيز الشديد على العلاج الأسري واحتوائها كأنثى واجب مطلوب، وإن لزم تنشئتها منذ الصغر.
المنشأ الرئيسي
و يضيف الزهراني «إن المنزل هو المنشأ الرئيسي الذي يحدد ميول الفرد واتجاهاته، وعلى عاتق الوالدين تقوم التربية الحسنة، متى ما كان لديهما الوعي بأساليبها الصحيحة، والتفرقة بين الجنسين كل بما يناسبه في المعاملة، وثقافة الأهل التي لا تستنكر مثل هذه الأشياء وتنظر إليها من منظور الحرية الشخصية، ولا تعتقد أنه يؤثر عليها سلبا، حتى تفقد أنوثتها حين تتعود على هذا المبدأ، خاطئة يجب تثقيفها».
دور المدرسة
ويتابع «يأتي بعده دور المدرسة، بقدوتها الراشدة المتمثلة في كادرها التعليمي، وهنا تبرز أهمية توفر أخصائية اجتماعية وأخرى نفسية، في كل مجتمع تعليمي، و ضرورة أن تكون المرشدة الطلابية متخصصة في مجالها وليست معلمة مادة، فهذه الظاهرة تدخل في نطاق الحالات النفسية».
عقوبات رادعة
كما يأتي دور الجامعات متابعا للمدارس، فلابد من وجود عقوبات رادعة كـ»الفصل من الجامعة،والتوجيه، والاجتماع مع أمهات الطالبات، والتهديد لتعديل السلوك» فعدم وجود العقوبة هو ما زاد في استفحال المشكلة، فكثير من الحالات المرضية، حين تأتينا تتعذر بانحرافها إلى عدم وجود رادع في تلك المجتمعات يحد منها».
في عدد الغد: المستشار النفسي د. حاتم الغامدي يحلل ظاهرة البويات