خطيب جامع معروف يمنع مطلقته من رؤية بناتها 15 عاماً
لم تعرف الأم المسكينة أن طلاقها من زوج يضربها، ويذيقها أنواعاً مختلفة من العنف وسوء العشرة، ليس سوى بداية جديدة لمعاناة أقسى وأشد إيلاماً من الزوج نفسه، لاسيما أن يوم طلاقها قبل 15 عاماً كان المرة الأخيرة، التي ترى فيها الأم بناتها الثلاث، بسبب منع الزوج لبناته من رؤية أمهن، ولو لثانية واحدة، تحت أية ذريعة كانت طوال هذه السنين.
وطوال 15 عاماً، احترق قلب الأم شوقاً لرؤية بنات صرن صبايا، وهي لا تعرف أشكالهن، خصوصاً أن الزوج السابق ووالد الفتيات الذي يعمل إماماً وخطيباً لجامع معروف في مدينة الرياض، انتقل أخيرآ لإمامة المصلين في أحد أشهر جوامع مدينة جدة يرفض أية محاولة في هذا الجانب.
وعلى رغم أن طلاق الأم كان بمثابة الخلاص من أصناف الضرب والعنف الأسري، الذي كان الزوج يواظب على ممارسته ضد زوجته، إلا أن الأم ما لبثت أن دخلت دوامة جديدة من المعاناة، متسائلة «عما هو العذاب الذي يوازي عدم رؤية أم لبناتها طوال هذه السنين الطويلة».
وأوضحت الأم أنها منذ طلاقها الثاني من زوجها السابق في العام 1418هـ لم يسمح لها حتى بسماع صوت بناتها، وكل ما يصلها من معلومات هو «وضعهن سيئ مع والدهن»، مشيرةً إلى أنها تواصلت أخيراً مع المحكمة العامة في محافظة جدة، التي أمر القاضي فيها بطلب الوالد لحضوره، أو الحكم عليه غيابياً، خصوصاً بعد تخلفه عن تلبية دعوات متعددة للمحكمة لحضور جلسات الصلح. وروت الأم شيئاً من معاناتها مع الزوج القاسي بقولها: «كنت أعيش معه حياة فيها الكثير من الحرمان والضرب والأذى، إذ منعت من زيارة العائلة والأصدقاء، بل كان يمنعني من زيارة أهلي، ولا يسمح لي بالتزيّن حتى في العيد، فضلاً عن أنه لم يكن يشتري لي أي شيء، وكانت المرات القليلة التي اشترى لي فيها تمثل عيداً بالنسبة لي».
ولا تعرف الأم سبباً لما يقوم به زوجها السابق سوى أنها تتوقع أن تكون تصرفاته انعكاساً لما لقيه في طفولته الصعبة، فهو متعود على القسوة من رجل وامرأة تبنيا تربيته، بعد أن تخلى عنه والداه لأسباب مجهولة. أما ابن الأم الذي يعيش مع والدته فاعتبر أثناء حديثه أن والده يعاني من أدواء نفسية شديدة أورثته القسوة في التعامل حتى مع فلذات أكباده، ما اضطره مع أخويه للهروب من عنده إلى خارج المنزل، واستقلالهم بحياتهم العملية.
وأشار الابن الى أن والده يعاني من عقدة في ما يخص موضوع التحرش الجنسي «حتى إنه كان يرقبنا بشكل مكثّف لمنعنا من الوقوع في الوحل كما يسميه، فمنعنا حتى من الدراسة المتقدمة، فتوقفنا عن الدراسة في المرحلة المتوسطة».
من جهته، أكد المستشار الأسري المصلح في المحكمة العامة عادل الجهني، أن هذا الوالد يعاني من انفصام في الشخصية، خصوصاً أنه الخيّر المصلح في مسجده وجماعته، ويحض المصلين على صلة الرحم وفعل الخير، فيما حياته الشخصية غير ذلك، فهو يضرب أبناءه، ويمنع بناته من رؤية أمهن التي انقطعت عنهن سنين طويلة».
وطالب الجهنى بإحضار الوالد بالقوة الجبرية، بعد أن تحكم عليه المحكمة بما تراه مناسباً، بعد أن تغيب مراراً عن جلساتها، فيصدر الحكم غيابياً، مذكّراً بأن هذه القصة من أغرب القصص التي سمعها.