ابتزاز الفتيات: غضبة الشرف.. وقتل المبتزين!
بيّنت دراسة للجنة التكافل الأسري في المنطقة الشرقية، أن حالات الابتزاز التي تتعرض لها السعوديات، قد بلغت 20 حالة يومياً، وأشارت إلى أنّ المعدل يعتبر خطيراً، خاصةً مع عدم الإبلاغ عن كثير من هذه الحالات، لخوف المرأة من الأسرة ومن حولها، وعدم ثقتها في نفسها، وانتشار ثقافة العيب وتجريم المرأة. فيما أشارت دراسة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى أنّ 10% من قضايا الابتزاز يقوم بها وافدون.
[COLOR=#FF3E00]
جريدة الشرق السعودية تناولت هذا الموضوع من خلال التحقيق الذي نشر في عددها الصادر اليوم:[/COLOR]
[COLOR=#FF3600]القتل بالبلوتوث[/COLOR]
وبحسب العديد من القضايا في مكاتب المحاماة، وفي مضابط هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تترتب على الابتزاز نتائج خطيرة، حيث تنتهي بقتل المبتز غالباً، فضلاً عن أنها تعتبر من الجرائم الكبرى، لبشاعة أساليب الابتزاز، مثل التهديد بالصور أو التسجيلات الصوتية، أو مقاطع الفيديو، بالإنترنت والبلوتوث، وغيرها. إما لغرض استمرار علاقة سابقة انتهت، أو للإكراه على إقامة علاقة خاصة، أو للحصول على مبالغ مالية، ما دفع مراقبون للمطالبة بسن قوانين وتشريعات تشدد العقوبة، وتجعلها رادعة لكل من يمارس الابتزاز.
[COLOR=#FF1F00]
طُعم التوظيف![/COLOR]
تقول إحدى الفتيات «بعد تخرجي من الجامعة، حاولت البحث عن عمل بشتى الطرق، ووجدت إعلاناً لإحدى الشركات، تطلب مندوبات تسويق، وكان من شروط التقديم إرسال السيرة الذاتية والصورة والمقابلة الشخصية، وقبل إجراء المقابلة الشخصية، فوجئت بأحد موظفي الشركة (وافد) يطلب مني المقابلة الشخصية بمطعم، حتى يتعرف على طريقة تعاملي مع الآخرين، كما يقول، عندها أدركت أن الشركة وهمية، خصوصاً أنّ الموظف واصل تهديدي بالصورة لمدة شهر، ولم أستجب له، بل قمت بإبلاغ رجال الهيئة الذين قاموا بالقبض عليه بعد استدراجه.
[COLOR=#FF0F00]
معاناة (م، ف) مع السائقين[/COLOR]
وتقول (م، ف) « قبل ثلاث سنوات، عندما كنت طالبة في الكلية، يقوم السائق بتوصيلي يومياً من وإلى الكلية، وفى أحد الأيام، سقط جوالي في الباص، دون أن أشعر بذلك، وبما أن الجوال يحتوي على صوري، وصور أخواتي، فقد شعرت بالخوف الشديد، واتصلت مباشرة على السائق، فأكد لي عدم وجود الجوال في الباص، ولأنني قمت بتصوير نفسي وأخواتي بالجوال، على الرغم من تحذير أسرتي وأشقائي من مشكلات هذا التصوير وعواقبه، فقد أخفيت الأمر عن أسرتي، وبعد يومين بدأ السائق في ابتزازي وتهديدي بالصور، واستمر يبتزني لمدة شهر. في البداية طلب مني توفير جوال جديد له، بعده طلب جهاز كمبيوتر، وذكر أنّه سيسلمني الجوال، وبعد أن وفرت له الكمبيوتر، طلب لقائي لتسليمي الجوال، ولم أستطع أن ألتقيه، وذلك لخوفي على نفسي، ومن أشقائي، وعشت توتراً، فلاحظت زميلتي ذلك، وما أن سألتني عن السبب، حتى أبلغتها بقصتي مع السائق، عندها نصحتني بالاتصال على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وطلب المساعدة، وعدم الخوف، لأنني لم أرتكب خطأً، واستطاعت الهيئة أن تستدرج السائق وتلقي القبض عليه، وأعادت لي جوالي.»
وقالت (م، ف) إن خوفها من أسرتها، كان أكبر من خوفها من تسرب الصور والتشهير بها، وقالت لو كانت أسرتي متفهمة، أو دار حوار بيني وبين أخوتي ووالدي، لما استطاع ابتزازي.
أجبرته على الزواج!
[COLOR=#FF2E00] الزهراني: الابتزاز جريمة كبرى لا يطلق المتهم فيها بالكفالة وأغلبها ينتهي بالقتل[/COLOR]
وقال المحامي خضران الزهراني إنّ تصنيف الابتزاز يعتبر من الجرائم الكبرى التي لا يطلق المتهم فيها بالكفالة، مشيراً لنوع مختلف من قضايا الابتزاز، التي يتهم فيها الشخص بأنه مبتز لغرض إجباره على فعل معين، كالزواج مثلا، وتناول بعض النماذج فقال: «تم اتهام رجل بالابتزاز من قبل فتاة، كان يعرفها، ثمّ تركها، فاتهمته بالابتزاز، وذلك كي تجبره على الزواج منها، ولكن بعد لجوئه للمحامي حصل على البراءة والحمد لله»، منوها بأن قضايا الابتزاز تذهب للشرطة في حال وجود دليل، وتذهب لهيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في حال عدم وجود دليل.
ابتزها ثمّ قتلها!
لافتا إلى أنّ أغلب قضايا الابتزاز تنتهي بالقتل، مستشهدا، بقضيتين يصفهما بالبشاعة، وقال: «ارتكب شخص جريمة قتل، و بعد أن علم شخص آخر بذلك، بدأ يبتزه ليحصل على مبالغ مالية، وبعد فترة قرر الأول قتله، فاستدرجه لمنزله عن طريق زوجته، التي اتفق معها على أن يصوره معها لجعل الجريمة تبدو جريمة شرف، وبالفعل قتله، وما زالت القضية تنظر في القضاء حتى الآن»وفي قضية أخرى اكتشف أحدهم أنّ زوجة أخيه على علاقة بشخص آخر، فبدأ يبتزها للحصول على مبالغ مالية، ثم تطور الأمر إلى إجبارها على إقامة علاقة معه، وبعد استجابتها له، بدأ في الضغط عليها لعمل علاقة مع صديقة، وهنا هددتهما بفضحهما، فقتلاها».
تهديد بالفيس بوك
و ذكر المحامي أحمد الشريف من (المحامون المتحدون) في جدة، قضية ابتزاز وردت إليهم فقال «تعرضت سيدة للابتزاز من قبل خطيبها، بعد فك الخطوبة بينهما، ولم يكن بينهما عقد زواج، حيث كانت لها لقطات عديدة في جواله، وبعد ستة أشهر من فك الخطوبة، علم أنها على وشك أن تتم عقد قرانها على شخص آخر، فبدأ يهددها بنشر صورها على الفيس بوك إذا لم توافق على مقابلته ومعاشرته جنسياً، عندها قررت اللجوء لمكتبنا، بناء على نصيحة صديقتها، وفي المكتب نصحناها بحل الموضوع بشكل ودي» مضيفاً أنهم لجأوا لمديره في العمل، غير أنّ إنكاره للموضوع دفعهم للتوجه للجنة إصلاح ذات البين لحل المنازعات التابعة لوزارة العدل، واستمر في الإنكار حتى تم إجباره على تسليم جواله، حيث وجدت فيه الصور، حينها تم إجباره على التوقيع على إقرار بعدم التعرض لها، وإلا فسيسلم لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
رشوة تقود للابتزاز
و يذكر الشريف قضية ابتزاز مختلفة، بين موظفين في دائرة حكومية واحدة، حيث تلقى أحدهما رشوة بـ 100 ألف ريال مقابل تمرير معاملة، وحين علم الآخر بذلك حاول نصحه، غير أنّ المرتشي غضب جداً لانكشاف أمره، وأخذ يتصيد له الأخطاء، ويجعله يوقع على معاملات فيها أخطاء دون علمه، ويحتفظ منها بنسخة، واستمر على ذلك مدة عام كامل، وفي نهاية العام أخذ يهدده بالإبلاغ عنه مالم يعطه سبعة آلاف ريال شهرياً، أي ما يعادل نصف راتبه، وذلك لمدة أربعة أشهر، وبعد ذلك طلب منه استئجار سيارة تنتهي بالتمليك باسمه، على أن يسدد له الأقساط شهرياً، غير أنه امتنع عن سداد القسط وهو 2300 ريال، إضافة لمبلغ الـ 7000 ريال الأولى، ما جعله يشعر بالغضب الشديد، ويقرر كشف كل شيء لنائب المدير العام، الذي سعى للحل الودي بينهما، غير أنّ إنكار المعتدي جعله يحيلهما للتحقيق، وثبتت إدانة الاثنين، الأول بالرشوة والابتزاز، والثاني للتستر والتجاوب معه، وقد تم فصلهما من عملهما.
[COLOR=#FF4500]
ابتزاز الكافل للمكفول[/COLOR]
وذكر المحامي عسير القرني أنّ عدد قضايا الابتزاز قد تضاعف خلال السنوات الماضية، وهو ما يدعو لسن قوانين صارمة، وقال إنّ أغلب حالات الابتزاز تحدث من شاب لفتاة، إلا أن هناك صوراً أخرى في الواقع العملي، كابتزاز صاحب العمل لمكفوله، وعدم نقل كفالته إلا بعد دفع مبلغ مالي، أو استقطاع مبلغ بصفة دورية نظير ترك العامل يعمل لدى الغير، كما أنّ هناك صوراً أخرى، كابتزاز الموظف لصاحب المنشأة في حال حصوله على مستندات قد تؤثر على صاحب المنشأة، فيجعله يساومه على تلك المستندات بغرض الحصول على منفعة مادية، وقد سبق التعامل مع حالة كهذه، لا تزال تحت نظر القضاء.
وعن الأحكام الصادرة، قال القرني: العقوبة في مثل هذه القضايا، غالباً ما تختلف بحسب كل حالة على حدة، وفقاً لتقدير القاضي، وجسامة الجريمة، والضرر الناتج عنها، على أنه، قد تحدث حالات يتم حلها ودياً، ودون اللجوء إلى القضاء، بما يضمن عدم تعرض المبتز للفتاة، وأخذ التعهدات بذلك.
الهيئة تحفظ السرية
وعن قضايا الابتزاز التي ترد للهيئة العامة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال مسؤول في الهيئة يفضّل حجب اسمه، إنّ الهيئة تقوم بدور فاعل في مكافحة قضايا الابتزاز، تبدأ بتوعية المجتمع، سيما شريحة الشباب، بخطورة هذا الداء، وقد ساهمت الهيئة في طباعة وتوزيع عدد من المواد التوعوية التي تحذر من الوقوع في الابتزاز، كما عقدت لقاءات تلفزيونية وإذاعية، في عدد من القنوات، لإيضاح خطورة الابتزاز، وأساليب الوقاية منه، وتوعية ضحاياه، وأسرهم، في بعض الأحيان، لضمان عدم تكرار الوقوع في هذا الوحل، لافتاً إلى أنّ الإجراءات المتبعة مع من يلجأ لهم، تبدأ بالتعامل مع القضية بسرية تامة، والتأكد من أن المشتكي ضحية للابتزاز حقاً، من خلال إجراءات محددة، بعد ذلك التحري وجمع المعلومات عن المبتز، بالتنسيق مع الجهات المعنية، ومن ثمّ القبض على الجاني وتحرير ما يتعلق بالقضية، وإحالته إلى جهة التحقيق.
و عن أنواع أساليب الابتزاز يضيف «تتنوع أساليب الابتزاز تبعاً للتطور التقني، ولعوامل أخرى، فهناك الابتزاز بالصور، ومقاطع الفيديو، أو برسائل الجوال، أو التسجيل الصوتي، وفي بعض الأحيان بجميع ماذكر، ويكون غالباً من الرجال للنساء، وقد يقع العكس أحياناً، وذلك لغرض استمرار علاقة سابقة، وما يترتب عليها من محرمات، أو لاستنزاف مبالغ مالية من الضحية، لافتاً إلى أنّ التعامل مع هذه القضايا يتم عن طريق قنوات رسمية، وبطرق نظامية، وفق ما تستدعيه ظروف كل قضية على حدة، وتنتهي كثير من القضايا من هذا النوع إلى القضاء الشرعي، ويصدر الحكم على المبتز، وقضايا الابتزاز بصورها المعتادة تعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف.
[COLOR=#FF1F00]ضعف المرأة[/COLOR]
وعن ابتزاز المرأة، تحدثت الخبيرة والباحثة التربوية الدكتورة ماجدة أحمد الصرايرة قائلةً «تتعرض المرأة، للابتزاز بشتى الطرق، فهي بتكوينها عاطفية، وضعيفة بطبعها، خاصةً إن لم تجد أسرة تحتويها وتتفهمها، فهذا يؤدي ـ بالتأكيد ـ إلى تخوفها وعدم دفاعها عن نفسها. وأشارت إلى أنّ المرأة تستغل وتبتز بعدة طرق من ضعاف النفوس، كما أن التنشئة الدينية والاجتماعية، لها دور كبير في تعميق وتأصيل الثقة بالنفس لدى المرأة. مضيفة أنّ الابتزاز من أسوأ التجاوزات الأخلاقية التي تمارس ضد المرأة، التي يجب أن يحاربها المجتمع. وترى الدكتورة ماجدة أنّ قضية الابتزاز تطرح في الإعلام دائماً دون أن تطرح معها الحلول التي يمكن تطبيقها على أرض الواقع، مقترحة تغليظ عقوبة المبتز والتشهير به، حتى يكون عبرة لغيره، كذلك توعية المجتمع، والمرأة على وجه الخصوص، بفتح مجالات للشباب والفتيات. وامتدحت دور هيئة الأمر بالمعروف في ضبط المبتزين والقبض عليهم ومعاقبتهم، وكذلك التستر على الضحية، داعية المرأة لعدم الخوف في حال تعرضها للابتزاز، ومقاومة المبتز، بالطرق الرسمية، والتبليغ عنه، كذلك نصحت الفتيات بقضاء وقت الفراغ بما هو مفيد.