سوق سوداء للخادمات و 35 ألف ريال تكلفة نقل الكفالة..
شهدت أسعار التنازل ونقل كفالة العاملات المنزليات من الجنسيات الآسيوية خلال الفترة الماضية في البلاد ارتفاعا كبيرا وصل لسعر 35 ألف ريال لبعض الجنسيات، لاسيما الدول التي تشهد تجميد طلبات الاستقدام من بلادها، في حين تراوحت أسعار بقية الجنسيات بين 22 ألفا إلى 28 ألف ريال. وذلك بعد تفاقم مشكلات الاستقدام من جاكرتا ومانيلا إضافة إلى فرض شروط وقيود على المستفيد تصب جميعها لصالح المكتب «السمسار» والعاملة التي سيتم نقل كفالتها أبرزها عدم مسؤولية « السمسار» عن العاملة بعد توقيع العقد مع الزبون سواء من جهة العمل أم حتى هروبها بعد دقائق من تسلمها، وهو الأمر الذي غالبا ما يقبل به الطرف الثاني مجبرا
تجارة ظاهرة
ويرى محمد العنزي من أهالي منطقة الجوف أن القضية أصبحت ظاهرة منتشرة بقوة خلال هذه الأيام حيث إغراء العديد من المستثمرين الباحثين عن الثراء السريع لدخول السوق السوداء لبيع الخدم معتبرا أنه ليس من المستغرب أن تجد مكاتب الخدمات والتحصيل «بل حتى مكاتب العقار الصغيرة « تقدم الخدمة على حد قوله
استغلال الأسر الفقيرة
ويؤيده مسعد الشمري مضيفا أن عديدا من المكاتب والأفراد يمارسون نشاط بيع وشراء الخادمات والتأشيرات من الأسر الفقيرة غير القادرة على دفع رواتب تلك العاملات، ولكن يتم منحها مبلغا زهيدا مقابل توكيل السمسار أو المكتب للاستقدام مشيرا إلى أن أغلب تلك المكاتب غير مرخصة لممارسة النشاط ولكن تنفذ عملياتها بشكل غير رسمي استغلالا للظروف الحالية لتحقيق مكاسب مادية سريعة غير مشروعة.
سمسار يصارح
وقال أحد «السماسرة» إنّ السوق السوداء للخادمات حاليا تشهد نشاطا كبيرا للطلب، وشحا في العرض، معتبرا أن الجنسيات الإفريقية هي الرائجة حاليا تليها الجنسيات الآسيوية لاسيما مع وقف الاستقدام من إندونيسيا والفلبين مؤكدا أن الأرباح تصل إلى الضعف للسمسار في فترة لا تتجاوز الساعات حيث يقوم بمفاوضة الطرفين دون علم أحدهما بالآخر، حتى يصل للسعر الأقل من البائع والأكثر من المشتري ليقوم بعدها بتوقيع عقد التنازل لصالح الزبون دون أن يدخل طرفا رسميا في العملية محققا أرباحا باهظة وهو ما دفع كثيرا من طالبي الثراء السريع لدخول السوق وقد نجح عديد منهم في معرفة مداخل ومخارج السوق بطريقة احترافية ساهمت في التلاعب بالأسعار خارج طائلة القانون.
خمسة آلاف ريال لكل تأشيرة
وعد فارس سعود أحد العاملين في نشاط الاستقدام أن تعثر الاستقدام من إندونيسيا دفع عديدا من مكاتب الاستقدام والمكاتب غير المرخصة إلى التلاعب بالأسعار استغلالا لنشاط السوق والطلب المتزايد من قبل المواطنين والأسر لرفع أسعار وأجور التنازل، ونقل الكفالة للعاملات المنزليات بشكل غير منطقي استغلالاً للظروف الحالية نتيجة طول مدة الاستقدام للعاملات الجدد مشيرا إلى أن المكاتب تتقاضى عمولات لا تقل عن خمسة آلاف ريال لكل تأشيرة تحصل عليها حاليا .
نصب واحتيال
وبين فهد الخالد أن نشاط سوق الاستقدام حاليا في البلاد أوجد الأرض الخصبة للمكاتب الوهمية التي تستهدف الأسر السعودية وقال إنه هو شخصيا وقع ضحية نصب أحد المكاتب الذي يتخذ من إحدى المدن الرئيسية مقرا له حيث انخدع بالإعلان الذي كان يروجه المكتب، ما دفعة للاتصال به والتعرف على الخدمات التي يقدمها بأسعار تنافسية، ما دفعه لتصديق تلك الادعاءات ليقوم بتحويل المبلغ المطلوب وبيانات الأسرة التي تمكنه من استخراج التأشيرة لدى الجهات المعنية إلا أن المكتب أخذ يماطل لفترة تجاوزت الشهرين، غاب بعدها موظفو المكتب عن الهاتف الذي لا يعرف سواه ليكتشف بعدها أنه تعرض لعملية نصب على الرغم من محاولته الوصول لعنوان المكتب حيث دفع مبالغ أخرى لمصاريف السفر والإقامة والتنقل دون جدوى لتضاف لسابقتها الأمر الذي دفعه للتفكير جديا في صرف النظر عن محاولات البحث عن أمواله وعن فكرة الاستقدام بشكل نهائي .
35 ألفا للتنازل
وفي محافظة القريات أبدى عدد من المواطنين تذمرهم واستياءهم من غلاء أسعار العمالة المنزلية لدى مكاتب الخدمات غير الرئيسية والبيع بشكل علني بأسعار مختلفة ومرتفعة وسط الإقبال على طلبهن لمساعدة ربات المنازل في الأعمال المنزلية حيث تقوم تلك المكاتب على اشتراطات شفهية تشبه عملية شراء سيارة أو قطعة أرض دون رقيب أو حسيب من الجهات المعنية، الأمر الذي لم يعد لمصلحة أفراد المجتمع فقط بل غلب عليه الطابع المادي لجني أكبر عدد من الأموال سواء في البيع أم في الاستئجار
مكاتب الاستقدام
المصادر أخذت جولة في عدد من مكاتب الاستقدام بمحافظة القريات وفي إجابة عن سؤال حول أسعار العمالة المنزلية تحدث «خالد» صاحب أحد المكاتب قائلاً: بالنسبة لقيمة الخادمة الفلبينية تصل إلى 35 ألف ريال، والخادمة من إندونيسيا تصل إلى 30 ألف ريال من غير ثمن نقل الكفالة، أما بالنسبة للعاملة من الجنسية السيرلانكية فتصل إلى 25 ألف ريال من غير نقل الكفالة، وأشار إلى أنّ أثيوبيا المتصدرة حالياً بقيمة 15 ألف ريال، وهي الأقل سعراً والأغلى في نقل كفالتها ليصل من شخص إلى آخر في نقلها (4500) ريال، وذلك لقلة عملهن و تكرار هروبهن وعدم القدرة و التوعية على اندماجهن في بيئة المجتمع.
حالات ابتزاز
من جهة أخرى قالت المعلمة «حنان» قمت باستقدام عاملة منزلية ولم تصلني إلا بعد عام من استقدامها حيث إنني متزوجة ولدي أطفال وزوجي يعمل، و كانت المفاجأة بعد مرور أسبوعين أنها لا ترغب في العمل في منزلي، فاضطررت إلى أخذ إجازة لمدة شهر للبحث عن أخرى و بأي سعر و إنني أستغرب أين الجهات الرقابية لماذا لا يتم توفيرهن بقيمة أقل و موحدة .
مكاتب تقسيط
المصادر زارت مكتب السند للاستقدام بالقريات الذي يعتبر المكتب الوحيد الرسمي والمرخص له حيث ذكر صاحب المكتب عبدالعزيز العنزي أن الرقابة على تلك المكاتب غير الرسمية تتم عن طريق وزارة التجارة، إلا أنه للأسف لم يحرك فرع وزارة التجارة بالقريات ساكناً مع علمهم بما يحدث من التلاعب علناً، وأضاف أن تلك المكاتب ما هي إلا مكاتب خدمية عقارية أو تخليص معاملات جوازات و بلدية، وبعضها لديه مكتب لتقسيط بطاقات «سوا» و تجد أنه فجأة بدأ يستقدم العمالة المنزلية . وذكر أن قيمة العمالة المنزلية لديه هي بشروط ونظام و ليس كباقي المكاتب الخدمية غير الرسمية. وأضاف: لذا أطالب وزارة التجارة بالتحرك و ملاحقة المتلاعبين بالنظام.
وعود وهمية
وفي حائل قابلت المصادر أميرة العنزي التي حدثتنا عن العقبات التي واجهتها في سبيل الحصول على خادمة منزلية وقالت: استقدمت عاملة منزلية سريلانكية من مستثمر سعودي يقوم باستقدام العاملات، وبعد أقل من شهر من قدومها قامت بسرقة جوازها والهروب من البيت فاتصلت بالمستثمر فقال إنه غير مسؤول عن التعويض بخادمة جديدة لها في حال هربت، فتوجهت إلى مكتب الهروب للعاملات الذي اكتفى بتسجيل بلاغ عن فقدانها فقط ورد علي في حال العثور عليها «سوف نتصل بكم» ، وأصبحت أضطر إلى استجار خادمة من إحدى المشاغل النسائية قيمة اليوم الواحد تساوي قيمة راتب عاملة لشهر كامل ووجدت أسعارهن مابين 17 و 26 ألفا وهذا مبلغ خيالي.
تسريبات السماسرة
وتضيف العنزي: المشكلة تفاقمت مع ظهور سمامرة في الشوارع لإغراء العاملات بالهروب والعمل براتب مغر جدا لها، فلابد من وجود قانون لمعاقبة الذي يأوي عاملة غير مرخصة في بيته وتقرر عليه العقوبات الصارمة
وتقول مريم الشمري «إنها في بعض الأحيان أضطر إلى استجار العاملة بالساعة ومع علمي أنه استغلال غير إنساني، ولكن بسبب قلقي وخوفي من فقد أشياء ثمينة مني أو المشكلات التي يحملنها من كثرة دخول البيوت و أنا موظفة، ونصف نهاري أقضيه في العمل، ومن ثم التدريس للأولاد ولا أتفرغ للبيت إلا قليلا مما يجعل البيت عالما آخر من الفوضى والأتربة».
سبع شركات
وقال محمد الشمري أحد أصحاب مكاتب استقدام العاملات: إن المجتمع تعود على جنسيات وهي الإندونسية والفلبينية وهي جنسيات عليها طلب منذ سنوات، وهناك تخوف من بعضهم من التقديم على المطروح الآن بالتقديم على الجنسية الأثيوبية لكثرة المشكلات التي واجهتها في هذه السنة من هروب واعتداء على أولاد المكفولين بالضرب، وأنصح أغلب العائلات السعودية بالتمديد للعاملة الأجنبية التي تخدمهم في البيت و تحفيزها بزيادات في الراتب الشهري لأن المملكة الآن تواجه مشكلة في انحصار تقديم العاملة على جهات محددة التي عكست أثرا سلبيا علينا ، إننا ننتظر الآن افتتاح سبع شركات ستستقدم الخدم إلى المملكة بشكل رسمي لتخفيف الطلب الهائل
مكتب العمل
المصادر اتصلت بمدير مكتب العمل في حائل عبدالله الفايز وأعتذر عن الرد بحجة منعه من التصريحات الإعلامية. وأحال التصريحات إلى مكتب العمل في الرياض حطاب العنزي ولكنه لم يرد على الرغم من الاتصالات المتكررة.
ضحايا النصب
المصادر وقفت على بعض الحالات لمواطنين تعرضوا للاحتيال من قبل مكاتب استقدام وهمية استغلوا الثغرات الموجودة في نظام الاستقدام وتداخل صلاحيات جهات حكومية حيث قال المواطن (ع العنزي) من عرعر: شاهدت إعلانا لمكتب استقدام حدد فيه موقعه وأرقام الاتصال، وبعد الاتصال عليهم أخبروني أن لديهم عددا محدودا من العاملات المنزليات وسيتم التنازل عن العاملة فورا بعد فترة تجربة لمدة شهر وبسعر معين، ومن يرغب يدفع نصف المبلغ لترسل له العاملة على اقرب رحلة، وأضاف «اقتنعت بكلامهم ظنا مني أنه مكتب رسمي معتمد بما أن الإعلان تم في إحدى القنوات الفضائية والعنوان معرف في مدينة الدمام، فقمت بتحويل المبلغ المطلوب 7500 ريال على حساب صاحب المكتب، فأفادوني أن العاملة سترسل على أقرب رحلة، وبعد مرور ثلاثة أيام ولم تصل العاملة قمت بالاتصال على نفس الأرقام، وتفجأت بأن لا أحد يرد على الاتصالات» وتساءل العنزي من يحمينا من هذه المكاتب الوهمية؟ هل يستطيع أي محتال إنشاء مكتب وهمي بهذه السهولة ويستطيع أكل أموال الناس دون خوف من عقاب؟
سند تسلم
أما المواطن عبدالله العنزي الذي تعرض لعملية احتيال من أحد مكاتب الخدمات العامة أوضح أن المكتب كان مفتوحا وبشكل رسمي، ولكن لم يكن هناك عقد بل مجرد سند تسلم موضح فيه أنه مقابل استقدام عاملة منزلية خلال أربعة أشهر من تاريخه، ولكن بعد مضي المدة المقررة تم إقفال المكتب، ويضيف قمت بالاتصال على الجوال الخاص بالمكتب فلم يرد علي بل رد على الرسائل بإعطائي مواعيد جديدة وبعدها بشهر تقريبا أقفل هذا الجوال نهائيا فبحثت بنفسي حتى حصلت على جوال صاحب المكتب الذي رد علي لمرة واحدة فقط وأعطاني موعدا جديدا ولم يصدق فيه أيضا لذا تقدمت بشكوى لإمارة المنطقة وتم تحويلها الى إدارة تنفيذ الإحكام الحقوقية بشرطة المنطقة وبعد فترة أحضروا خصمي، وتم أخذ تعهد عليه بإحضار المبلغ .
ويقول المواطن أحمد علي: استخرجت تأشيرة عاملة منزلية من النيبال وبحثت في مدينة الخبر فلم أجد أي مكتب يستطيع الاستقدام من النيبال، ولكن وجدت إعلانا في إحدى الصحف المعروفة لمكتب استقدام في الرياض يدعي الاستقدام من النيبال، وقد حدد العنوان وأرقام الاتصال فقمت بالاتصال به وأخبروني بصحة الإعلان ، وأن ذلك يستغرق حوالي الشهرين فتوجهت إلى المكتب حسب العنوان فوجدته في عمارة على شارع رئيسي وقابلت الموظفين وقمت بكتابة العقد ودفع المبلغ المطلوب وهو 7000 ريال، وبعد شهر قمت بالاتصال بالمكتب لأفاجأ بأنه لا يستجيب، وبعد فترة سافرت إلى الرياض وتوجهت إلى موقع المكتب لأجده خاليا، وسألت المكاتب المجاورة فأفادوني بأنه غادر من هنا ولا يعرفون عنه شيئا، تأكدت وقتها أنني وقعت ضحية عملية نصب.