أجهزة رقية صينية تغزو الأسواق وتهدد الرقاة
عالج نفسك بنفسك، عالج أهل بيتك من العين والمس والسحر، إنها إعلانات تسويقية لتسهيل أمر كان يتطلب مزيداً من عناء ومشقة الانتظار لدى مشايخ الرقية الشرعية إما لساعات أو لأيام، وفي ما يشبه الحملة المنظمة، غزت الأسواق السعودية أخيراً أجهزة صينية الصنع تخصصت في مجال الرقية الشرعية المسجلة عليها.
ويقول الناشط الاجتماعي خالد سعد إنه أسلوب جديد في المتاجرة بالدين ومحاولة للتربح منه، ويضيف، هذه العروض لم تذكرني سوى بالعروض الرمضانية التي طرحتها إحدى الشركات «المتدينة» في إحدى الدول العربية التي ذكرت فيها: «تفرغ لعملك في رمضان، وخل الدعاء علينا»، وحددت «عروضاً خاصة» للدعاء، كالدعاء قبل المغــرب، والدعـاء بعد الإفطار، ودعاء بخشوع وآخر من دونه، والقيمة الأعلى هي للدعاء «بخشوع» طوال اليوم مع «البكاء» والإلحاح والتضرع.
وزين مسوقو الجهاز الصيني أرقامهم أسفل الإعلان، ووضعوا «العروض المحفزة» لاصطياد الزبائن بهدايا من أهمها حواسيب تعليمية محمولة للأطفال، مع عرض خدمات التوصيل المجاني، إضافة إلى عرض توضيحي لما يحتويه جهاز الرقية صيني الصنع من كتب إسلامية، ومواقيت للصلاة، وشاشة ملونة وسور قصار مترجمة لـ10 مقرئين. أما محمد، أحد مسوقي الجهاز، فلم يجد ليجيب به عن آلية اختيار آيات الرقية المسجلة في الجهاز الصيني وعن فاعلية الجهاز في العلاج إلا بقوله: «لا أعلم، سنسأل ونرد لكم»!
ويعلق الكاتب عقل الباهلي على قصة الجهاز الصيني بالقول: «إن ذلك يذكرني بقصة قوارير مياه مقروء عليها، ووصل سعر بيعها إلى 100 ريال، وبعد استبيان حقيقة الأمر تبين أن مصدر هذه المياه هو خزان ماء قرأ عليه «شيخ» أو «متمشيخ» وبيع على الناس على أنه ماء «مقروء عليه». ويعتبر الباهلي أن ذلك متاجرة بلباس الدين، وهي أصبحت معتادة ومتكررة في أمور مثل الرقية الشرعية وتفسير الأحلام، وغيرهما من الممارسات التي لا تراعي صحة المجتمع وسلامته. ويضيف: «إن طرق الرقية الشرعية معروفة وهناك أيضاً علماء يفتون، ولوحظ في الآونة الأخيرة تحول فكر الرقية الشــرعية إلى متاجرة بحتة تتستر بلباس الدين لأن المجتمع السعودي مجتمع متدين، الأمر الذي حدا بالكثير من الأشــخاص إلى استخدام وسائل كثيرة تحت ستار الدين للضـــحك عليهم، وهنا يظـــهر دور العلماء في إيقاف مثل هذه المتاجرات إما بتوعية المجتمع أو بالتدخل لإيقاف مثل هذه الممارسات».