فقيه : لستم معفيين من المسؤولية القانونية
وصف المهندس عادل بن محمد فقيه وزير العمل، اتهام المقاولين لوزارته بأن نقص العمالة هو أحد أسباب تعثر المشاريع، بأنه ادعاء ينقصه الدليل، مؤكدا أن وزارته قامت خلال العام المنصرم بإصدار مئات الآلاف من التأشيرات لقطاع المقاولات، مبينا أن كافة التفاصيل المتعلقة بإصدار التأشيرات موثقة وستنشر قريبا.
ويأتي حديث الوزير ردا على اتهامات المقاولين لوزارته خلال اجتماعاتهم الأخيرة وذلك على خلفية شروع وزارة العمل مطلع الأسبوع المنصرم في تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم 353 الصادر بتاريخ 25/12/1432هـ، والقاضي برفع التكلفة على العمالة الوافدة بواقع 200 ريال شهريا. ومن بين ذلك اتهم مقاولون وزير العمل بنشر ظاهرة تعثر المشاريع في السوق السعودية، وأن الوزارة ترتكب مخالفات في حق قطاع المقاولات من خلال القرارات، فضلا عن أنها تعمل على جلب 15 مليار ريال من جيوب المواطن لصالح إيرادات وزارة العمل، بعد فرضها 200 ريال شهريا كرسم على العامل الوافد. وحول ذلك رد وزير العمل عليهم بقوله : ” إن إلصاق مبرّر تعثر المشاريع على جهة بعينها لا يعفي المقاولين من مسؤولياتهم القانونية، مبينا أن وزارة العمل تأخذ في عين الاعتبار الاحتياجات العمالية لحركة التنمية المتصاعدة التي تشهدها البلاد، ولا تألوا الوزارة جهدا في تيسير استقدام العمالة لتلك المشاريع حسب الضوابط المتبعة في مثل هذه الحالات.
وكان 20 مقاولا، قد أبدوا عدم إمكانية تنفيذ القرار بأي حال من الأحوال، مفصحين عن تخوفهم من اضطرارهم لتوقف إكمال وتنفيذ عدد من المشاريع التي قيد التنفيذ، والاكتفاء بدفع رسوم وغرامات التأخير لعدم جدواها ربحياً بعد القرار. وبينوا في اجتماعهم الذي احتضنته الغرفة التجارية الصناعية في الرياض الأحد الماضي، أن القرار لا يمكن التسليم به قياساً بأوضاع العمالة وطبقاً لنفور السعوديين بشكل عام عن العمل في هذه المجالات. وطالب المقاولين وزارة العمل بتقديم خطتها العملية واستراتيجيتها فيما يخص قرارها برفع رسوم العمالة مائتي ريال، وقالوا إن ما يؤكد سوء تقدير الوزارة للقرار خلوه من أي بيانات أو دراسات وافية أو حيثيات تشير لمكامن انعكاسه الإيجابي في تحقيق أي من أهداف السعودة. وأوضح الوزير أن قرار رفع التكلفة على العمالة الوافدة لم يكن مفاجئاً او عفوياً، فقد استغرقت مراجعته ودراسته من اللجان المختصة في الدولة قرابة العام، ثم صدر ونشر منذ قرابة العام، وسبق أن تم التنبيه على نيّة الوزارة تبني سياسات رفع تكلفة العمالة الوافدة ضمن استراتيجية التوطين التي تم عرضها خلال العامين الماضيين وخلال العديد من الاجتماعات التي جمعت الوزارة بأطراف سوق العمل وعلى رأسهم الغرف التجارية. وقال المهندس فقيه: إنه بناء على ذلك فإن القرار يأتي ضمن حزمة مبادرات الوزارة، ويجب فهمه ضمن إطار تكامله مع باقي جهود الوزارة للتوطين.
وبالعودة إلى ما طرح في اجتماع المقاولين، أثاره أحد المشاركين، وهو عدم استفادة قطاعهم من دعم صندوق تنمية الموارد البشرية “هدف”، لأنها تعد من المهن الشاقة، وهو يخالف ما ذكره الوزير من أحقية أي صاحب عمل من الحصول على دعم من الصندوق يصل إلى ألفي ريال شهرياً عند توظيفه لسعودي واحد، وهو ما يعادل المقابل المالي الذي يدفعه عن عشرة عمال وافدين شهريا.. ليتساءل بعد ذلك الوزير: أليست هذه معادلة رابحة للجميع ؟ وذكر فقيه أن اعتماد القطاع الخاص على العمالة الوافدة متدنية الأجور والمهارة، إهدار لفرص عمل للعديد من أبناء وبنات الوطن والفكر الأجدى بالطرح هو الاتجاه لتطوير أنواع الوظائف لتصبح موائمة لأنماط الكوادر الوطنية. ومضى بالقول : هذا يعني أن وزارة العمل لا تستهدف الوظائف ذات الرواتب المتدنية للعامل الوطني بل تسعى الوزارة إلى دفع القطاع الخاص نحو اقتصاد يعتمد على استخدام التقنيات الحديثة، الأمر الذي يؤدي إلى توافر نوعية جديدة من الوظائف ذات الأجور المناسبة، وما سيقود أيضا إلى النجاح في جذب العمالة الوطنية في كثير من القطاعات التي ما زالت تعتمد على نظم تشغيل تعتمد في الأساس على الكثافة العمالية متدنية المهارة والأجور. وضرب وزير العمل مثالا لذلك، في التحوّل من تحضير الخرسانة في الموقع إلى استخدام الخرسانة الجاهزة، حيث سيؤدي هذا التحول ـ بمشيئة الله ـ إلى الاستغناء تدريجيا عن جزء من العمالة الوافدة منخفضة المهارة والأجور وتوليد فرص وظيفية ذات محتوى أغنى. واستدرك أن هذا التحول صعب وبطيء، ولا يشمل إلا أجزاء محدودة من أعمال المقاولات، ولذلك ما زالت مستويات التوطين المطلوبة لهذا القطاع منخفضة جداً مقارنة بالقطاعات الأخرى. أما عن العائد المادي من القرار، فقد فند وزير العمل مزاعم بعض منسوبي القطاع الخاص من أنه سيخفض أرباحهم بقوله :” إن القطاع الخاص هو المستفيد الأول والأخير منه حيث تُوجّه عائدات القرار كاملة لصندوق تنمية الموارد البشرية لدعم برامج التدريب والتوظيف ودعم مرتبات العمالة الوطنية في القطاع الخاص، فمن حق أي صاحب عمل أن يحصل على دعم من الصندوق يصل إلى ألفي ريال شهرياً عند توظيفه لسعودي واحد وهو ما يعادل المقابل المالي الذي يدفعه عن عشرة عمال وافدين شهريا .. أليست هذه معادلة رابحة للجميع”؟ ورد فقيه على من اتهم وزارته بأنها لم تستمع لمطالبهم أو مرئياتهم حول قرار التكلفة، بقوله : “وزارة العمل تبنت مبدأ الحوار مع كافة أطراف سوق العمل، وتظل جميع قنوات الاتصال المتعارف عليها مفتوحة أمام أصحاب العمل من رجال الأعمال الذين نعتبرهم شريكا أساسيا في أي نجاح نحققه في معالجة اختلالات سوق العمل”. وكان المهندس عادل فقيه قد التقى الأسبوع الماضي عددا من رجال الأعمال في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، حيث استمع لمرئياتهم ومطالباتهم حول قرار رفع التكلفة.
وأكد فهد الحمادي عضو مجلس إدارة غرفة الرياض ورئيس لجنة المقاولين أن المعضلة التي يعيشها قطاع المقاولات الآن هي في ارتباطه بالأعمال والعقود الحكومية التي اعتمد تسعيرها قبل القرار مما يجعلها عرضة للتوقف عن العمل، وقال إن هذا التوقف لا يرتبط نهائياً بما قد يتبادر لذهن البعض بأنه عصيان عن تنفيذ قرار أهدافه وطنية إلا أن الحقيقة تؤكد أن هناك تعثرات منتظرة لا محالة مع الإصرار على تنفيذ قرار جاء إقراره من البداية دون مشاورات وغير مدروس. وقال الحمادي : لا نود أن ندخل في جدال حول أوامر وطنية من الواجب علينا تنفيذها، لكن كيف السبيل لتحقيقها، وإذا كان للوزارة أي حلول حول كيفية رفع نسبة قطاع المقاولات إلى 50 في المائة فسنرحب بها ونشكره عليها, مشيراً إلى أن قطاع المقاولات ليس في قدرته في الوقت الحالي سوى التوقف عن التنفيذ وتحمل الغرامات حتى ينظر في حلول عملية قابلة للتنفيذ. في حين لفت أحمد الفالح عضو لجنة التشغيل والصيانة أنه نتيجة لعدم وجود آليّة تعويض واضحة لزيادة الرسوم الحكوميّة فستنشأ مطالبات ماليّة متعثّرة وتستغرق فترة زمنيّة طويلة ستسهم في عدم قدرة منشآت المقاولات على الدخول في مشاريع جديدة و مواكبة الطلب المتزايد على المشاريع.